مقالات رأيمنوعات

جامعة لحج في ميلادها الأول بين الإنجاز والطموح

بقـلم /
أ.د محمد عوض محمد الصبيحي
نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية

أيام قليلة وتحل علينا الذكرى الأولى لإعلان قيام وتأسيس جامعة لحج الذي يتصادف مع حلول يوم الخامس من سبتمبر القادم 2022م.
لقد شكل إعلان تأسيس الجامعة، بمرسوم رئاسي يحمل الرقم(8) لعام 2021م عملاً محموداً وفعلاً مشكوراً لتحقيق مطلباً مستحقاً لأبناء محافظة لحج، وذلك من قبل القيادة السياسية ممثلة برئاسة الجمهورية بقيادة الرئيس السابق المشير عبدربه منصور هادي.
لقد كان ميلاد الجامعة بشرى سارة تلقاها كل أبناء محافظة لحج ومديرياتها المختلفة المترامية الأطراف من مرتفعات يافع وردفان الشماء الى حدود الصبيحة غرباً. وعلى الرغم من أن إعلان ميلاد الجامعة جاء متأخراً بعض الوقت -حيث صادف مرحلة تاريخية صعبة، شحت فيها إعلان وظهور منجزات بحجم الجامعة وخاصةً في حقول وميادين المؤسسات العلمية والأكاديمية ذات الأبعاد الاستراتيجية-إلا أن ظهور جامعة لحج في هذه الحقبة الزمنية الرديئة شكل شمعة مضيئة في ليل العتمة السوداء التي يعيشها الوطن من جراء الحروب الممتدة على طوال السنوات الماضية وحتى اليوم.
إن ميلاد الجامعة يعتبر فضاءً أمثل وأنسب للبحث العلمي وتبادل المعارف وإعداد وتكوين نُخب وكفاءات علمية تخدم نفسها أولاً ومجتمعها المحلي والوطني ثانياً، وتأتي ايضاً محاولة جادة لنفض الغبار عن حالة التخلف والبؤس السائد في أوساط أبناء هذه المديريات على مستوى المحافظة خصوصاً والبلاد بشكل عام.
إن التعليم الجامعي بكل مراحله ومستوياته يهدف إلى انتشال الطالب ووضعه على الطريق الصحيح، مثقفاً، متعلماً، باحثاً، مفكراً، مبدعاً، متنوراً، كي يصبح عنصراً بشرياً فاعلاً، مفيداً، بانياً للمستقبل المنشود الذي تعتمد عليه البلاد ومؤسساتها الحكومية والأهلية. وذلك من خلال رفع مستوى حاصل التنمية بكل جوانبها واتجاهاتها حيث لا سبيل ولا طريق إلى ذلك إلا بمزيد من العلم والمعرفة والبحث العلمي ومن دونه نظل ندور في حلقة مفرغة بلا نهاية ونتجرع علقم ومرارة البؤس والتخلف بكل مضامينه المشينة.

إن التعليم والتعلّم فقط هو من يؤدي دوراً محورياُ ورئيسياُ في تطور الأمم وتنميتها وازدهارها وحضارتها وذلك من خلال الاهتمام بالمؤسسات التعليمية والأكاديمية وكوادرها البشرية وتخصيص الموارد والإمكانات الكافية لها، لكي تسهم بفاعلية عالية وقدرات متميزة في إعداد وتخريج الكوادر البشرية المدربة والماهرة والمتعلمة في كافة المجالات والاختصاصات المختلفة.
إن الجامعة حيثما وجدت تكن من أهم المرتكزات الأساسية للتطور ويناط بها الأهداف الكبيرة والتي تندرج تحت مسمى الوظائف الرئيسية للجامعة (التعليم وإعداد وتجهيز الكادر البشري، البحث العلمي بكل مكوناته، إضافةً الى الخدمات التي تقدم من الجامعة إلى المجتمع المحلي).وبناءً عليه تسعى جامعة لحج جنباً إلى جنب مع الجامعات الوطنية الأخرى للاطلاع بهذه الأدوار العظيمة وتهدف إلى أن تؤدي دوراً تنويرياً معرفياً في عملية إنعاش وتطوير العملية التعليمية والأكاديمية وخدمة أبناء المحافظة بكل ما لديها من طاقات بشرية وعلمية متخصصة.
وصفوة القول إن الإنسان المتأمل لأهمية وقيمة ونبل هذا المشروع المستقبلي الاستراتيجي الذي لقي ترحيباً لا حدود له من كل أبناء المحافظة وضع قيادة جامعة لحج أمام الحقيقة المتمثلة بجسامة المهمة وحجم المسؤولية الوطنية خاصة مع انعدام الإمكانات وغياب المقر الرئيسي لظروف ولدتها الحروب والصراعات على مدى السنوات الماضية. إلا أن رئاسة الجامعة متمثلةً بالأخ أ.د احمد مهدي فضيل ونوابه الأجلاء تسلحوا بالتفكير الواقعي والتخطيط المنظم ووضع السؤال من أين نبدأ؟ وكانت الإجابة حاضرةً في ذهن رئاسة الجامعة بوجوب البدء مع الإصرار والعمل الجاد ومساعدة السلطة المحلية في المحافظة ليتم وضع الخطوات لتأسيس هذا الصرح العلمي المنشود.
وعلى الرغم من أن الفترة الزمنية من يوم إعلان تأسيس الجامعة بحساب الزمن تعتبر فترة قصيرة جداً إلا أن ما تم عمله وإنجازه يعتبر في رأينا مؤشراً بناء وإيجابي يترجم الإرادة القوية والرغبة الصادقة لدى قيادة الجامعة والسلطة المحلية ممثلة بالأخ محافظ المحافظة على تجاوز الصعوبات والعقبات والسير قدماً نحو استكمال وترتيب أوضاع الجامعة والوصول بها إلى المسار الذي رسم لها من أجل أن تحتل مع مرور السنوات المكان اللائق بها على المستوى الوطني بين مثيلاتها من الجامعات الحكومية على تراب الوطن.
– لقد اهتمت قيادة الجامعة خلال الأشهر الأولى من عملها بالاطلاع على أوضاع الكليات المنتشرة في المحافظة وعددها خمس كليات من خلال النزول الميداني لها وتفقد أوضاعها، وفعلاً كانت تشهد اوضاعاً غير مرضية وإهمال كبير فشرعت رئاسة الجامعة في رعاية هذه الكليات وتقديم الدعم والمساندة اللازمة لها في مختلف الجوانب ومحاولة انتشالها من أوضاعها البائسة، بحسب الإمكانيات المتاحة على امل الانتقال خلال الفترة القادمة الى وضع أفضل يليق بمكانتها وتتيح لها القيام بدورها العلمي والأكاديمي.
– من خلال وجود الجامعة في المحافظة تم ترتيب وضع عدد لا بأس به من أبناء وبنات المحافظة في دوائر الجامعة وترتيب أوضاع بعض الموظفين فيها. وهنا لمس المجتمع المحلي أهمية ومكانة الجامعة كما استبشر المواطنون بقرب الكليات من مواقع سكن أبنائهم وبناتهم وتخفيف الأعباء الاقتصادية عنهم في ظل هذه الظروف الصعبة.
– خلال الأشهر الأولى من عام 2022م ضاعفت قيادة الجامعة جهودها وتمكنت من استكمال ترميم مكتب رئيس الجامعة وتأثيثه بصورة جيدة والشروع في ترميم مكاتب نواب رئيس الجامعة والأمانة العامة وقسم الشؤون المالية والإدارية، والعمل جار لاستكمال التشطيبات وتأثيث الإدارة العامة للجامعة ونتطلع -بإذن الله تعالى-أن تكون في نهاية سبتمبر جاهزة بشكل كامل.
– تم خلال هذه الفترة استكمال تشكيل المجالس العاملة على مستوى الجامعة، مجلس الجامعة، المجلس الأكاديمي، مجلس شؤون الطلاب، ومجلس الدراسات العليا.
– تعد قيادة الجامعة لعقد ورشة عمل علمية برعاية الأخ المحافظ ووزارة التعليم العالي في شهر سبتمبر القادم 2022م على أن تركز الورشة على محورين هما:
• ما الكليات الجديدة المطلوبة لجامعة لحج خلال العشر السنوات المقبلة وهذا استشراف للمستقبل؟ .
• وما الهيكل التنظيمي المقترح لإعادة تطوير الكليات القائمة في رحاب الجامعة في الوقت الراهن وفقاً وحاجة المجتمع والسوق بناءً على الاحتياجات الجديدة والحديثة؟ علماً بإن هذه الورشة تعتبر أول نشاط علمي منظم تقيمه الجامعة بمناسبة مرور عام على تأسيسها.
– تم استلام ملف المعينين أكاديميا في كليات الجامعة والعمل مع الجهات ذات العلاقة لمعالجة أوضاعهم واستكمال الإجراءات لكل المعينين أكاديمياً في جامعة لحج وفقاً والنظم واللوائح المتبعة.
– تستعد الجامعة وفق خطة جاهزة لعقد دورات تدريبية في التأهيل التربوي للمستجدين من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المساعدة بمن فيهم المعينين أكاديمياً.
– دربت الجامعة خلال الفترة القليلة الماضية عدد من الموظفين والمتعاقدين في الدوائر الجديدة للجامعة وتحديداً في القسم المالي والإداري.
– عملت قيادة الجامعة بالتعاون والتنسيق الوثيق مع الأخ محافظ المحافظة على رصف الخط الواصل من الخط الرئيسي الى ديوان الجامعة ووضع حجر الأساس لسفلتت الطريق الرابط بين الخط العام وديوان رئاسة جامعة لحج.

وفي نهاية هذه المقالة بمناسبة مرور العام الأول من عمر الجامعة والكشف المتواضع عما تم إنجازه والعمل عليه، إلا أننا نعتقد أنه شيء بسيط مما يجب أن يكون وعلى الرغم من عدم الرضى إلا أن قيادة الجامعة وكل منتسبيها من أعضاء هيئة التدريس وعمداء الكليات ومجالسها الموقرة، مصممة وبإرادة لا تقهر على مواصلة الطريق بروح الفريق الواحد المتسلح بالأمل والتفاؤل لاستكمال بناء مداميك هذا الصرح العلمي المنتظر من قبل كل أبناء وبنات محافظة لحج الأبية والمناطق الواقعة في الجوار الجغرافي لها.
وأجدها مناسبة سانحة بمرور العام الأول من تأسيس الجامعة أن أتوجه بالدعوة المخلصة والصادقة إلى كل أبناء المحافظة من قيادات محلية ومنظمات مجتمع مدني وأهلي وشخصيات أكاديمية وسياسية وعسكرية وبرلمانية ورجال الأعمال وكوادر الصحافة والإعلام والمواقع الالكترونية والمشايخ، للالتفاف البناء الإيجابي حول هذه الجامعة ودعمها ومساندتها حتى يتم استكمال بناء كلياتها وأقسامها وتخصصاتها. حتى تكون مركزاً تنويرياً حقيقياً في المحافظة لتغدو محافظة لحج هي الجامعة وجامعة لحج هي المحافظة.

وأختم بهذه البرقيات العاجلة الى الأخوة:
رئيس مجلس القيادة الرئاسي المحترم
نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي/ رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المحترم
رئيس مجلس الوزراء المحترم

البرقية الأولى:
أهم درس تعلمته من تجربتي في الحكم، أن مشاكل الدول لا تنتهي، لكن علاجها جميعاً يبدأ من التعليم.
(المرحوم مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق)

البرقية الثانية:
أنا لم أقم بمعجزة، أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة الى أرقى طبقة في سنغافورة، فالمعلم هو من صنع المعجزة، هو من أنتج جيلاً يحب العلم والأخلاق بعد ان كنا شعباً يشتم بعضه في الشوارع. (مؤسس سنغافورة/ لي كوان)

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى