للمرة الخامسة والأخيرة: حتى لا يصبح التضامن انخراطا في الغوغائية والتدليس مناقشة لما كتبه أعضاء في مجلس النواب تضامنا مع عادل الشجاع
طاهر شمسان
المتضامنون في هذا المقال خمسة وعشرون شخصا جميعهم أعضاء في مجلس النواب، وهم: صخر أحمد الوجيه-علي مسعد اللهبي-علي محمد المعمري-عبد الرحمن العشبي-عبد الكريم الأسلمي-شوقي القاضي-علي حسين عشال-محسن باصرة-أحمد عباس البرطي-عبد الله النعماني- صادق البعداني-عبد الكريم شيبان-محمد ورق-محمد يحي الشرفي-عبد الخالق بن شيهون-جعبل محمد طعيمان-محمد مقبل الحميري-محمد سيف الشميري-قاسم الكسادي-شوقي عبد السلام شمسان-محمد الحزمي-محمد ثابت العسلي-علي حسين العنسي-عبد الخالق البركاني-هزاع المسوري. ولست أدري لماذا غاب النائب عبد الله أحمد العديني عن هذه القائمة وهو الأجدر بتصدرها، على الأقل من باب رد الجميل لعادل الشجاع الذي كتب ذات يوم يدعو القائمين على مركز دراسات المرأة بجامعة تعز أن يتعلموا الحشمة من هذا العديني.
أما خطاب التضامن فهو رسالة مفتوحة إلى المُتَضَامَنْ ضده معين عبد الملك الوحش. وفيما يلي أنقل للقارئ ما تضمنته تلك الرسالة:
(1) تم توقيف الدكتور عادل الشجاع في جمهورية مصر العربية الشقيقة بناء على دعوى مرفوعة ضده من معين عبد الملك حسب إفادة محامي الدفاع عنه (عن الشجاع).
(2) طالب معين عبد الملك بترحيل عادل الشجاع إلى عدن، وتمت محاولة ترحيله إلى عدن يوم الثلاثاء الموافق 26 سبتمبر 2023 يوم الذكرى 61 لثورة سبتمبر المجيدة.
(3) كل هذا تم لأن عادل الشجاع عبر عن رأيه تجاه بعض القضايا ووجه الانتقاد لشخص معين عبد الملك في بعض المسائل.
(4) إن هذا التصرف من قبل معين عبد الملك منافي لقيم العدالة والديمقراطية. فماذا أبقى معين عبد الملك للميليشيات الحوثية الانقلابية التي تقمع الناس لمجرد النقد وإبداء الرأي!؟
(5) إننا نحمل معين عبد الملك مسؤولية ما سيحدث للدكتور عادل الشجاع من اعتقال أو اختفاء قسري أو إيذاء نفسي وجسدي.
(6) نطالب معين عبد الملك بإسقاط الدعاوى التي على عادل الشجاع بسبب إبداء رأيه ونقده.
أي قارئ لا يعرف شيئا عن خلفية هذه القضية، وصادف أن اطلع على ما ورد في خطاب التضامن هذا، وكان يتمتع بالحد الأدنى من الثقافة القانونية والحذر والحصافة وتوخي الدقة سيجد نفسه أمام احتمالين اثنين لا ثالث لهما:
الاحتمال الأول: إن ما ورد في خطاب التضامن كله تدليس ولا أساس له من الصحة، بدليل أن المتضامنين لم ينشروا ولو وثيقة واحدة يستدل منها على صحة ما قالوا.
الاحتمال الثاني: إن ما ورد في خطاب التضامن كله صحيح، لأن 25 نائبا في البرلمان لا يمكن أن يتواطؤوا على الكذب والتدليس وخداع شعبهم والتحايل على حقه في معرفة الحقيقة.
إذا صح الاحتمال الأول فإن لرئيس الوزراء أن يطلب من البرلمان رفع الحصانة عن النواب المذكورين تمهيدا لرفع دعوى ضدهم أمام القضاء المختص ومحاكمتهم على ما أسندوه إليه من تهم مسيئة للسمعة.
أما إذا صح الاحتمال الثاني فإن النواب الموقعين على خطاب التضامن يكونون قد أسندوا إلى رئيس الحكومة أمورا متعلقة بسوء استخدام السلطة وجميعها يوجب على البرلمان استجوابه، ونزع الثقة عن حكومته، ومعاقبته قانونا، فضلا عن احتقاره من قبل أفراد المجتمع.
وبما أن كاتب هذه السطور متابع ومطلع على خلفية المشكلة فإنه يؤكد صحة الاحتمال الأول، وهو أن ما ورد في خطاب التضامن كله تدليس ولا أساس له من الصحة. وفيما يلي تفنيدنا لما ما ورد في هذا الخطاب:
(1) القول بأن “توقيف الدكتور عادل الشجاع في مصر تم بناء على دعوى مرفوعة ضده من معين عبد الملك حسب إفادة محامي الدفاع عن عادل” قول فيه قدر كبير من التدليس والتزوير والتعمية على الحقيقة لتضليل المتلقي. وهذا حكم بنيناه على المعلومات المؤكدة التالية:
(أ) إن محامي الدفاع عن عادل الشجاع كان صادقا عندما أفاد بأن هناك دعوى رفعها معين عبد الملك ضد موكله، لكن هذا المحامي لم يقل إن فحوى الدعوى هو المطالبة بترحيل عادل الشجاع إلى اليمن، والذي قال هذا الكلام هم أعضاء مجلس النواب المتضامنون مع عادل الشجاع، وهم بهذا يكونون قد تعمدوا التدليس لتضليل الرأي العام ومصادرة حقه في معرفة الحقيقة.
(ب) إن الدعوى التي رفعها معين عبد الملك ضد عادل الشجاع كانت عن طرق محام جرى توكيله لهذا الغرض. والمحامي بدوره قام برفع الدعوى إلى النيابة صاحبة الولاية في منطقة سكن عادل الشجاع في حي العمرانية بمحافظة الجيزة. وفحوى الدعوى أن عادل الشجاع نسب إلى معين عبد الملك أفعالا يجرمها القانون ويحتقرها المجتمع وهي: إن معين عبد الملك سارق بكرفتة، وإنه اختلس سبعين مليون دولار، وإنه يتاجر بالأعضاء البشرية، وإنه يروج لمجتمع المثلية في اليمن، وإنه التقى سرا وفدا إسرائيليا.
(ج) النيابة المختصة سلَّمت عادل الشجاع-عن طريق المحامي الموكل عنه-صورة من الدعوى التي رفعها ضده معين عبد الملك، وهذا من إجراءات التقاضي المعمول بها في العالم كله، وأعضاء مجلس النواب المتضامنون مع الشجاع يعلمون هذا علم اليقين، ولا بد أنهم جميعا-أو بعضهم على الأقل-قد اطلع على الدعوى وعرف فحواها، وإنه لأمر معيب جدا أن يتستروا على فحوى الدعوى وينسبوا إليها شيئا ليس فيها. أما لماذا لم ينشر عادل الشجاع هذه الدعوى إلى اليوم فلأن نشرها سيكون ضدا على ادعاءاته ومزاعمه.
(د) ليس من حق معين عبد الملك أن يطلب ترحيل عادل الشجاع من مصر لا بصفته الشخصية ولا بصفته الرسمية لأن الترحيل من أمور الدول ومن أمنها القومي وهي وحدها من تقرر بشأن هذا الأمر.
(ه) إن توقيف عادل الشجاع على ذمة ترحيله إلى اليمن كان بإرادة مصرية خالصة، ولا علاقة للدعوى التي رفعها معين عبد الملك بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد.
(2) القول بأن معين عبد الملك طالب بترحيل عادل الشجاع إلى عدن قول تكذبه رسائل القسم القنصلي بسفارة اليمن في القاهرة إلى مدير عام الأمن الوطني بمحافظة الجيزة، وجميعها تتوسل إلى السلطات المصرية عدم ترحيل الشجاع إلى اليمن لخطورة ذلك على حياته. وإذا كان القسم القنصلي قد فشل في إقناع السلطات المصرية بعدم ترحيل الشجاع من مصر فإنه قد نحج في إقناعها بترحيله إلى بلد يأمن فيها على حياته، علما أن القسم القنصلي تصرف على هذا النحو بتوجيهات من حكومة معين عبد الملك في عدن وليس له أن يجتهد من عنده في قضية كهذه.
(3) القول بأن ترحيل الشجاع من مصر تم لأنه وجه انتقادات لشخص معين عبد الملك في بعض المسائل ليس صحيحا على الإطلاق. فالترحيل كان قرارا مصريا خالصا لا تفسير له سوى أن الشجاع لم يحترم قوانين العيش والإقامة في مصر.
(4) القول بأن “تصرف معين عبد الملك مناف لقيم العدالة والديمقراطية” هو محض كذب وتدليس لتضليل الرأي العام مع سبق الإصرار والترصد.
والحقيقة أن معين عبد الملك عندما قدم شكوى ضد عادل الشجاع إلى النيابة صاحبة الولاية في منطقة سكن عادل الشجاع يكون بهذا قد حاول أن يكون مواطنا وأن يتصرف وفقا للقانون رأسا برأس، وهذا يحسب له كرئيس وزراء لم يستخدم سلطته ومركزه وإنما لجأ إلى القضاء المختص طالبا الإنصاف من مواطن يمني أمعن التشهير به والإساءة إلى سمعته لمجرد التشهير والإساءة فقط.
(5) تحميل معين عبد الملك “مسؤولية ما سيحدث للدكتور عادل الشجاع من اعتقال أو اختفاء قسري أو إيذاء نفسي أو جسدي” كلام مرسل لا تفسير له سوى الرغبة الجامحة في التشهير برئيس الوزراء والتحريض عليه في إطار المكايدات السياسية المنفلتة من عقال المسؤولية الوطنية المفترضة في ممثلي الشعب داخل المجلس النيابي.
(6) مطالبة معين عبد الملك “بإسقاط الدعاوى التي على عادل الشجاع بسبب إبداء رأيه ونقده” كلام اختلط فيه التدليس المتعمد بالمزايدة. والحقيقة أنه عندما قررت السلطات المصرية توقيف عادل الشجاع على ذمة ترحيله من مصر بادر معين عبد الملك وتَنَازَلَ عن الدعوى التي رفعها ضد الشجاع حتى لا يقع هذا الأخير بين عسرين، وهذا موقف إنساني يشكر عليه معين.
في ختام هذا المقال نلاحظ ما يلي:
(1) إن أعضاء مجلس النواب المذكورين أعلاه لم يتضامنوا مع عادل الشجاع وإنما اتخذوا من ذلك ذريعة للتشهير برئيس الوزراء وعلى نحو لم يستفد منه لا عادل الشجاع ولا المتلقي التواق إلى معرفة الحقيقة.
(2) في تضامنهم المزعوم مع عادل الشجاع ضد معين عبد الملك لم يرفق أعضاء مجلس النواب المشار إليهم أعلاه أي وثيقة تدل على احترامهم للرأي العام.
(3) لم يتصرف أعضاء مجلس النواب المتضامنين مع عادل الشجاع كمسؤولين في المجلس التشريعي كأن يطالبوا بانعقاد مجلس النواب لاستجواب معين عبد الملك وفقا للقانون، وإنما تصرفوا كما لو كانوا عصابة داخل المجلس النيابي تشتغل من خارج القانون وضد لوائح المجلس.
(4) تحول تضامن أعضاء مجلس النواب المشار إليهم أعلاه مع عادل الشجاع إلى تحريض وترويج للشائعات وتشويه للآخر المختلف معهم.
(5) إصرار أعضاء مجلس النواب المشار إليهم أعلاه على القول بأن معين عبد الملك طالب بترحيل عادل الشجاع من مصر إلى اليمن هو إصرار على التدليس وعلى الجهل بالقانون وعلى تجهيل المتلقي وتضليله.
صنعاء 15 أكتوبر 2023