معركة إرادة والناس فيها أصناف
عادل الأحمدي
لقد جاء قدَرُنا نحن أبناء هذه العقود الصعبة، أن نعيش مرحلة انتقالية بالغة التعقيد، وأن نخوض التحدي الكبير الذي لا يقاس نجاحنا فيه بمجرد تجاوز الخطر فحسب، بل بمقدرتنا على وضع المداميك والأسس اللازمة لعدم تكرر الخطر.
والناس في هذه المرحلة أنواع وأقسام بحسب ثقافتهم وصلابة أرواحهم ومدى إخلاصهم لوطنهم، وبحسب مثابرتهم في تغيير مجرى الرياح.
فهناك الفارس الذي لا تهزه التطورات اليومية العابرة، لأنه صاحب قلب ذكي ونظر بعيد وجَلَد أكيد. لا يرتعد إذا ارتعد الناس ولا يرتبك إذا ارتبكوا، ولا يُعير مسامعه للشائعات والإرجاف، ولا يضع نفسه في مواطن الأطماع البائسة.
وثمة الجندي الشهم الذي لا يبتكر الحلول لوحده، ولكنه رجل يعرف الرجال ويحذو حذو الفرسان، لا يتقاعس ولا يتأخر، ويصب مياهه دائماً في نهر المبادئ العظيمة والصالح العام.
وهناك الإمّعة الذي يحسب نفسه ذكياً ولا يكلف نفسه عناء التدقيق، ويظل يراقب مجرى الرياح ويبني عليها مواقفه، فتراه يتبع صاحب الصوت المرتفع دون أن يتحرى صوابية الموقف.
وهناك المتردد.. وهو أنواع.. متردد بسبب انعدام سابق تجربة فلا يستطيع قياس مآلات الأمور، ولا يتنبأ بعواقب الأحداث بناءً على مقدماتها. ومتردد آخر بسبب الحسد والغيرة تجاه أصحاب السبق في مضمار الكرامة. ومتردد ثالث بسبب الخوف وقلة الحيلة.. وهذا، الأخير، حال أغلب الناس.
وهناك المستعجل الذي ينتظر الولادة فور سماعه بحدوث الحمل.. ليس لديه إحساس كافٍ بعامل الوقت، والوقت، كما قيل، أداء.. وما أكثر هذا النوع في أيامنا هذه.
وهناك المهزوم في أعماقه، فاقد الإيمان بنفسه وشعبه، مثَلُهُ كمثل بومة الخراب وغراب البين.
وثمة المتحمس الذي “حاسبها غلط”.. بياناته غير مكتلمة، ومعلوماته قاصرة، واطلاعه سطحي.
وهناك المعوَّقون ذهنياً وهم الذين لا يفهمون إلا بعد وقوع الفأس في الرأس، بل إنهم بعد كل تجربة مريرة يأخذون العبرة الخطأ والخلاصة الخطأ.
وإزاء كل هذه الأنواع يواصل الفرسان نضالهم يحدوهم حيوية الأمل وصدق الإيمان وقوة الحب وصلابة اليقين وحرارة الانتماء وغزارة الشعور بالقُدرة والكرامة.
من مقال: اليمن على أعتاب الألفية الذهبية – دعوة للتأمل
٢ يونيو ٢٠٢٣
#معركة_اردة