تقرير: منصور الصمدي:
كشف تقرير مالي استقصائي دقيق عن حجم المبالغ الهائلة التي حصلت عليها مليشيا الحوثي الإرهابية من إيرادات الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها خلال العام المنصرم 2023م، والتي بلغت وفقاً للمعلومات التي أوردها التقرير، ما يزيد عن الـ(3,390,000,000,000) ريال، ثلاثة تريليونات وثلاثمائة وتسعين مليار ريال، أي ما يعادل (6,400,000,000) دولار أمريكي، ستة مليارات وأربعمائة مليون دولار أمريكي.
وأوضح التقرير الذي تم إعداده على مدى خمسة أشهر متواصلة، وذلك من قبل الباحث الدكتور/ علي أحمد سنان الكمالي، بالاستعانة بفريق من الراصدين، أن جميع تلك المبالغ الهائلة ذهبت إلى جيوب قيادات مليشيا الحوثي الإرهابية، ومشاريعها الخاصة، بدلاً من إنفاقها على صرف المرتبات، وتحسين الأوضاع المعيشية المتدهورة التي يتجرعها المواطنون في تلك المناطق، وتحسين الخدمات الأساسية.
وأكد التقرير الذي حصلنا على نسخة منه، أن مليشيا الحوثي الإرهابية استغلت سيطرتها على المؤسسات الحكومية والاقتصادية لنهب إيراداتها إلى جانب إيرادات القطاعات الخدمية، والاستئثار بها لنفسها هي ومشرفيها فقط، وتحديداً المنتمين منهم لما يسمى بالسلالة الهاشمية .. مبيناً أن هذه المليشيا لم تُورد إلى خزينة البنك المركزي في صنعاء سوى ما نسبته (30%) فقط من إجمالي المبالغ المحصلة .. وفيما يلي تفصيل لتلك الإيرادات كما اوردها التقرير، حسب الجهات:
إيرادات البترول والغاز
بلغت إيرادات قيمة الفارق في أسعار البترول والديزل مبلغاً وقدره (415,314,000,000) ريال، أربعمائة وخمسة عشر ملياراً وثلاثمائة وأربعة عشر مليون ريال .. إلى ذلك، بلغت إيرادات قيمة الفارق في سعر الغاز لـ(636,000) أسطوانة غاز تدخل يومياً إلى جميع المحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيا مبلغاً وقدره (587,213,000,000) ريال سنوياً، خمسمائة وسبعة وثمانون ملياراً ومئتين وثلاثة عشر مليون ريال.
إيرادات الجمارك
بلغت إيرادات ميناء الحديدة مبلغاً وقدره (211,243,000,000) ريال، مئتان وأحد عشر ملياراً ومئتان وثلاثة وأربعون مليون ريال .. وبلغت إيرادات ميناء رأس عيسى مبلغاً وقدره (43,013,000,000) ريال، ثلاثة وأربعون ملياراً وثلاثة عشر مليون ريال .. أما ميناء الصليف، فقد بلغت إيراداته مبلغاً وقدره (63,721,000,000) ريال، ثلاثة وستون ملياراً وسبعمائة وواحد وعشرون مليون ريال .. إلى ذلك، بلغت إيرادات جمارك صنعاء وذمار وإب مبلغاً وقدره (129,124,000,000) ريال، مئة وتسعة وعشرون ملياراً ومائة وأربعة وعشرون مليون ريال.
إيرادات الضرائب
بلغت قيمة ضرائب كبار المكلفين مثل البنوك والمصانع والمستشفيات وكبار المستوردين والشركات والجامعات الخاصة مبلغاً وقدره (481,612,000,000) ريال، أربعمائة وواحد وثمانون ملياراً وستمائة واثني عشر مليون ريال .. فيما بلغت قيمة ضرائب صغار المكلفين مثل متوسطي وصغار التجار والعقارات والقاعات وضرائب القات والمطاعم والمحلات التجارية والمؤجرين والمدارس الخاصة مبلغاً وقدره (292,156,000,000) ريال، مئتان واثنان وتسعون ملياراً ومئة وستة وخمسون مليون ريال.
إيرادات الأوقاف
بلغت قيمة إيرادات الأوقاف من العقارات والأراضي والمحلات والمزارع في جميع المحافظات مبلغاً وقدره (86,413,000,000) ريال، ستة وثمانون ملياراً وأربعمائة وثلاثة عشر مليون ريال.
إيرادات الزكاة
بلغت قيمة إيرادات الزكاة التي تم تحصيلها من جميع التجار والميسورين وأصحاب المزارع والمصانع والمحلات التجارية والمستشفيات والمطاعم والقاعات والمصانع والشركات والمؤجرين وغيرهم مبلغاً وقدره (204,234,000,000) ريال، مئتان وأربعة مليارات ومئتان وأربعة وثلاثون مليون ريال.
إيرادات مؤسسة الاتصالات
بلغت قيمة إيرادات (11,000,000) مشترك في الهاتف المحمول وخدمة الإنترنت والاتصالات الداخلية والخارجية (236,118,000,000) ريال، مئتان وستة وثلاثون ملياراً ومائة وثمانية عشر مليون ريال. إلى ذلك، يتلقى المشرفون في مؤسسة الاتصالات مبلغاً وقدره (2,000,000,000) ريال، ملياري ريال، كل ثلاثة أشهر، وهذه المبالغ لا تدخل في كشوفات الإيرادات بل تذهب إلى حساباتهم الخاصة.
إيرادات مؤسسة الكهرباء
بلغت قيمة إيرادات مؤسسة الكهرباء في جميع المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيا مبلغاً وقدره (89,253,000,000) ريال، تسعة وثمانون ملياراً ومئتان وثلاثة وخمسون مليون ريال.
إيرادات مؤسسة المياه
بلغت قيمة إيرادات مؤسسة المياه مبلغاً وقدره (23,012,000,000) ريال، ثلاثة وعشرون ملياراً واثنا عشر مليون ريال.
إيرادات القطاع الصحي
بلغت قيمة إيرادات المستشفيات العامة والخاصة والعيادات والمراكز الطبية وغيرها مبلغاً وقدره (96,131,000,000) ريال، ستة وتسعون ملياراً ومئة وواحد وثلاثون مليون ريال.
إيرادات وزارة العدل
بلغت الإيرادات التي تم تحصيلها من رسوم التقاضي والمخالفات بالمحاكم مبلغاً وقدره (12,082,000,000) ريال، اثنا عشر ملياراً واثنان وثمانون مليون ريال.
إيرادات وزارة الداخلية
بلغت قيمة إيرادات الأحوال المدنية والمخالفات المرورية وغيرها مبلغاً وقدره (37,014,000,000) ريال، سبعة وثلاثون ملياراً وأربعة عشر مليون ريال.
إيرادات الصناديق الائتمانية
بلغت قيمة إيرادات صندوق النظافة مبلغاً وقدره (103,011,000,000) ريال، مئة وثلاثة مليارات وأحد عشر مليون ريال. في حين بلغت قيمة إيرادات صندوق الشباب والرياضة مبلغاً وقدره (93,045,000,000) ريال، ثلاثة وتسعون ملياراً وخمسة وأربعون مليون ريال .. وبلغت قيمة إيرادات صندوق صيانة الطرق والجسور مبلغاً وقدره (123,632,000,000) ريال، مئة وثلاثة وعشرون ملياراً وستمائة واثنان وثلاثون مليون ريال .. وبلغت قيمة إيرادات صندوق دعم المعلم مبلغاً وقدره (32,653,000,000) ريال، اثنان وثلاثون ملياراً وستمائة وثلاثة وخمسون مليون ريال.
إيرادات هيئة الطيران المدني
بلغت قيمة إيرادات جميع مطارات الجمهورية مبلغاً وقدره (63,000,000) دولار، أي ثلاثة وستون مليون دولار .. حيث بلغت حصة الإيرادات الخاصة بالمطارات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي مبلغاً وقدره (43,000,000) دولار، ثلاثة وأربعون مليون دولار، أي ما يعادل (22,790,000,000) ريال، اثنان وعشرون ملياراً وسبعمائة وتسعون مليون ريال.
إيرادات غير موثقة
وحسب التقرير فإنه بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن هناك إيرادات عدد من المؤسسات والجهات لا تزال غير معروفة، حيث لم يتمكن الباحثون من الحصول على معلومات دقيقة ومؤكدة بشأنها، منها إيرادات الرسوم الدراسية الخاصة بالتعليم الموازي في الجامعات الحكومية، إلى جانب إيرادات هيئة البريد، وحصة البنك المركزي، وإيرادات طيران اليمنية، ومؤسسة الأسمنت، بالإضافة إلى الإتاوات التي تفرضها الميليشيا على التجار والمواطنين طوال العام، وذلك تحت مسميات مختلفة.
الإجمالي كافة الإيرادات
ووفقاً للتقرير، فإن إجمالي الإيرادات المحصلة خلال العام (2023) كاملة بلغت حوالي (3,390,000,000,000) ريال، ثلاثة تريليونات وثلاثمائة وتسعين مليار ريال، أي ما يعادل (6,400,000,000) دولار أمريكي، ستة مليارات وأربعمائة مليون دولار أمريكي .. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن إيرادات عام (2022) كانت أعلى بفارق (146,000,000,000) ريال، مائة وستة وأربعين ملياراً ريال، وهو الأمر الذي أثار استياء القيادات العليا للمليشيات، التي أبدت عدم رضاها عن الأداء المالي لعام (2023)، موجهة دعوة لقياداتها ومشرفيها في كافة الجهات الإيرادية لمضاعفة الجهود من قبل مشرفيها، وذلك بغية تحقيق إيرادات أكبر في العام الحالي (2024).
عبث غير مسبوق
من ناحية أخرى، يشير التقرير إلى أنه تم إنفاق نحو (1,230,000,000,000) ريال، تريليون ومئتين وثلاثين مليار ريال، وذلك من إيرادات (2023) تحت بند النفقات التشغيلية والحوافز ودعم وتمويل الجبهات، بالإضافة إلى تغطية مصاريف الاحتفالات الدينية والشعبية المرتبطة بمليشيا الحوثي الانقلابية.
التحويل إلى عملات ذهبية
وبين التقرير أنه تم تحويل مبلغ وقدره (2,160,000,000,000) ريال، تريليونين ومائة وستين مليار ريال، وذلك إلى عملات ذهبية وعملات صعبة، تم توريدها إلى الخزائن الخاصة بمليشيا الحوثي، مما يوضح كيف أن هذه المبالغ قد استخدمت لتحقيق مصالح خاصة على حساب حقوق الموظفين والجنود، وحرمان عموم الشعب من حقوقهم المعيشية والخدمات الأساسية التي يجب على الدولة توفيرها.
تجويع ممنهج
ويؤكد التقرير أن بإمكان مليشيا الحوثي وبناءً على ما تجنيه من مبالغ هائلة صرف ثلاثة مرتبات لكل موظف وجندي شهريًا في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك من ثلث الإيرادات التي تتحصلها فقط، إلا أنها ورغم ذلك تواصل سياسة التجويع الممنهجة بحق الشعب اليمني .. الأمر الذي يمثل جريمة بحق الشعب اليمني، ويؤكد الحاجة الملحة إلى التدخل الدولي لوقف هذا النزيف المالي وإنقاذ اليمن من هذه الكارثة الاقتصادية والإنسانية الخطيرة.
آثار وتبعات النهب
إن النهب المستمر للإيرادات من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية له آثار وخيمة على حياة المواطنين، حيث أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، مما جعل الكثيرين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية .. كما تدهورت الخدمات العامة في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم والصحة التي تعاني من نقص التمويل والإمدادات .. كما أن انقطاع الرواتب لفترات طويلة فاقم من معاناة الموظفين والجنود، مما أدى إلى تفشي الفقر والجوع في أوساط المجتمع، وأصبح العديد من الأسر تعاني من ضغوط اقتصادية شديدة.
التقرير بما تضمنه من أرقام ومعلومات وتفاصيل خطيرة وصادمة يكشف، وبما لا يدع مجالاً للشك، حقيقة الفساد المالي والإداري المستشري في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، وما باتت تمثله هذه المليشيا من خطر على اليمن ومستقبله الاقتصادي .. إذ إن هذه الأرقام لا تعكس فقط الاستغلال الممنهج للموارد العامة، بل تعكس أيضاً الأثر الكارثي على حياة المواطنين الذين يعانون من تدهور الخدمات الأساسية، وانقطاع الرواتب، وتفشي المجاعة، والفقر، والأمراض.
وبناءً على ما تقدم، تبرز الحاجة الملحة لتدخل دولي فعال لمحاسبة أولئك المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وهذا الفساد المالي الهائل والمرعب، كون الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن تجاوز مراحل الخطر بكثير، ولم يعد يحتمل المزيد من النهب والعبث .. لذلك على المجتمع الدولي ان يتحمل مسئولياته ويعمل سريعا على توحيد جهود كافة الاطراف المعنية بالازمة اليمنية، وذلك في سبيل اتخاذ إجراءات وخطوات عملية عاجلة تضمن تمكين الشعب اليمني من حقوقه الاساسية في حياة كريمة، وتضع حد لطغيان وفساد وعبث ونهب مليشيا الإجرام الحوثية التي تجاوزت، بما تمارسه من فضائع بحق اليمنيين، كل شرائع ودساتير وقوانين الارض، الامر الذي يضعها في مصاف أخطر المليشيات الإجرامية التي شهدها التاريخ.