يطالب سكان مدينة تعز بإعادة فتح منافذها المغلقة ويقولوا انه على مدى تسع سنوات من إطباق مليشيا الحوثي حصارها على مدينة تعز، ومنع الدخول والخروج للمواطنين منها أو إليها، ولكل ما يتعلق باحتياجاتهم للمعيشة والحياة وهو دليل دامغ على مدى الحقد الأسود الذي تحمله مليشيا الإرهاب الحوثية على أبناء مدينة تعز، فقد صبّت جام غضبها على المدينة وسكانها منذ اللحظات الأولى لانقلابها على السلطة، واجتياح المحافظات عام 2015م، وفرضت حصارًا خانقًا، كما لم تكتف المليشيا الإجرامية بالحصار بل مارست القتل الممنهج عبر القصف العشوائي بمختلف أنواع الأسلحة، والقنص لكل ما هو حي في المدينة، مع زرع الألغام الأرضية، مما نتج عنه وفاة الآلاف من الجرحى والمرضى وسط صمت دولي وتواطؤ أممي فاضح.
فمن يريد أن يعايش ويرى المأساة الحقيقية التي عاشها ويعيشها أبناء مدينة تعز خلال تسع سنوات من الحرب ما عليه إلا أن يزورها عبر منفذها الغربي الوحيد الذي فتح بتضحيات شبابها المخلصين بعد شهور من المعارك الشرسة رغم أنه لا يلبي سوى جزء يسير من تنقلات أبنائها واحتياجاتهم بعد معاناة خطرة، وتكاليف مهولة على طول الطريق الوحيدة تلك.
فالباحث الدقيق والمستطلع النبيه إن زار تعز سيحتاج تسع سنوات أخرى لحصر وتوثيق وقراءة واستماع لآلاف من المآسي والجرائم والانتهاكات التي يشيب لها الولدان على كافة صعد ومناحي الحياة، وسيجد آلاف القصص الموثقة بمختلف وسائل التوثيق عن معاناة أطول حصار في التاريخ، لم تحاصر به أي مدينة في العالم من قبل.
تسع سنوات تتصدر عناوين أخبار المحافظة هذه المصطلحات: قتل وخطف، وإرهاب، وجوع، وتشريد وإذلال، ونزوحٌ، وتفقيرٌ، وإفلاس ان هذه التسميات جلبتها وفرضتها مليشيا الحوثي لليمن عموما، وبحصارها لتعز وأبنائها خصوصا، فتكاد لا يخلو بيت أو أسرة في المدينة من أخذ نصيبها من أحدها أو أكثرها.
ورغم كل هذه الممارسات الإجرامية التي تقوم بها المليشيا الحوثية إلا أنها لم تستطع أن تثني تعز ولا اليمنيين عموما عن مسيرة النضال ودرب الحرية والتحرير للخلاص من مليشيا الظلام الحوثية أعداء الإنسانية.
فأبناء تعز وعموم أبناء الوطن متسلحين بالعزم وروح التضحية، وواقفين صفا واحداً وراء الجيش الوطني حتى النصر المحتوم، من المؤكد إن الإصرار الحوثي على عدم فتح المنافذ في تعز يعبر عن الذهنية الرافضة لفكرة التصالح مع الآخر، وانعكاس لحالة الحصار الفكري والانغلاق الايديولوجي الذي تعيشه المليشيا، والذي يظهر على شكل حصار بشع تضربه المليشيا على مدينة يمنية
أبناء تعز منذ الأيام الأولى لانقلاب هذه المليشيا على الدولة،توهّجت برجالها الذين يفخر بهم الزمن، وتغنّى بأرواحهم المكان، حيث تحدثوا ووهبوا أنفسهم فداء لمحافظتهم، واليمن الكبير، وتحدثت تضحياتهم بصوت مرتفع ليكتب في صفحات التاريخ، سيرة بطولة أبنائها، ودورهم في ملحمة التحرير الكبرى للوطن، الذين استشهدوا في كل الجبهات، لهذا تمثل لها تعز مصدر خوف وقلق على وجودها.
تعز وحصار الهدنة.
في الوقت الذي يتوقع أبناء تعز دوراً إيجابياً للمجتمع الدولي والأمم المتحدة في الضغط على مليشيا الحوثي بفك الحصار عن تعز، تنفيذاً لبنود الهدنة الأممية المتعلقة بفتح الطرق الرئيسية الإنسانية للمدينة، يتفاجأ أبناء تعز من طرح الوفد الأممي مقترح الحوثي للنقاش، ما يشير إلى جعل قضية تعز مادة للاستهلاك الإعلامي ويافطة لإطالة أمد التفاوض لصالح المليشيات، وعجز واضح بإعطاء أبناء محافظة تعز أدنى حقوقهم الإنسانية في العيش إن لم يكن تماهيا وتبنيا لوجهة نظر المليشيا، بل والأدهى والأمر هي نيّة مكتب المبعوث الأممي الانتقال إلى مرحلة متقدمة من الهدنة بمناقشة ملفات جديدة دون استكمال تنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة المتمثلة بفتح طرق تعز الرئيسية، كما يؤكد أن الأمم المتحدة تسهم في حصار تعز وتريد استمرار الحرب وتفاقم معاناة اليمنيين من أجل بقاء مصلحة منظماتها التي تدعي الإنسانية الزائفة، وهذا ما جعل كثير من المراقبين والمهتمين يجمع بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فشلوا في فك الحصار عن تعز والتخفيف من معاناة السكان، الأمر الذي يفقد الثقة في نفوس أبناء تعز من الدور الأممي المخيب للآمال والنظر إليهم كبشر يعانون من حصار المليشيا في أي محادثات قادمة، كل ما سينتج عنها تلبية مطالب واشتراطات المليشيا الحوثية فقط وإبقاء خمسة ملايين يمني تحت عذاب الحصار.