الحرب تفاقم من أزمة المجاعة .. حرب روسيا لأوكرانيا يهدد إمدادات المحاصيل والأسمدة الرئيسة على مستوى العالم

 

حرب روسيا وأوكرانيا يعني تحول تضخم الغذاء، الذي كان يعاني منه المستهلكون في العالم، إلى أزمة في مرحلة متقدمة، وربما يتفوق حتى على أزمة الوباء ويدفع بملايين آخرين إلى أتون المجاعة.

وبسبب المخاوف الكبيرة التي تجتاح شعوب العالم بسبب مخاطر التهديدات المحتملة لزيادة أسعار القمح والغذاء التي ستشهدها الأسواق العالمية أصدرت “بلومبرج” الأمريكية يوم أمس الإثنين الموافق. 8 مارس 2022 تقريرا موسعا نعيد نشره وفيه قراة دقيقة التداعيات الحرب وتفاقم من أزمة المجاعة حيث تشهد الدول والأسواق حالة طوارئ تتوقع أزمة عالمية بسبب أزمة غذاء قد تصبح واقعًا نعيشه!
ولأن الحرب الروسية الأوكرانية تهدد إمدادات المحاصيل والأسمدة الرئيسة على مستوى أسواق العالم وليس على مستوى أسواق روسيا – أو كرانيا.

ومن خلال التقرير الصادر عن “بلومبرج” يتضح بأن تأثير الحرب لن يقتصر على واردات الدول ومنها بلادنا من أوكرانيا وروسيا؛ إنما التأثير سينعكس على واردات الدول من بقية دول العالم المصدرة للقمح كون سلة غذاء العالم تعتبر سلة وسلسلة واحدة من الامدادات ويؤثر بعضها على بعض؛ كما ان الدول والمصادر الاخرى تتخذ اجراءات وقائية في مثل هذه الازمات… وجاء في التقرير مايلي:

تشكل روسيا وأوكرانيا، معاً، جزءًا ضخمًا من إمدادات العالم الزراعية ، وتصدران كميةً كبيرةً من القمح والذرة وزيت عباد الشمس وغير ذلك من الأغذية، حتى أنهما تسهمان بأكثر من عُشر كل السعرات الحرارية المتداولة عالمياً. وفي الوقت الحالي فإن الشحنات القادمة من كلا البلدين شبه متوقفة.
لقد حدث ارتفاع غير مسبوق لأسواق السلع، فقد ارتفع سعر القمح بنحو 50% في غضون أسبوعين وارتفع سعر الذرة إلى أعلى حد في هذا العقد. وقد يؤدي ارتفاع التكاليف في نهاية المطاف إلى القضاء على العملات المالية في الأسواق الناشئة؛ حيث يمثل الغذاء حصة أكبر في سلال الأسعار الاستهلاكية. ويتوقع المحللون أن يستمر توقف تدفقات التصدير لأشهر، حتى لو انتهت الحرب غدا.

أكوام من الأسمدة الفوسفاتية في مخزن أحد مصانع الأسمدة في شيريبوفيتس ، روسيا.

وتمتد تلك الأزمة إلى ما هو أبعد من مجرد تأثير صادرات الحبوب (بما لها من أهمية بالغة)؛ فعلاوة على ذلك تعد  روسيا مورد رئيس للأسمدة، حيث تعتمد معظم المحصولات الرئيسة حول العالم على المدخلات مثل البوتاس والنيتروجين، وبدون تدفقات ثابتة منها، سيجد المزارعون صعوبة في زراعة كل شيء من البن حتى الأرز وفول الصويا.
ومن الواضح أنه لا توجد سوى أماكن قليلة أخرى على كوكب الأرض بإمكانها الحفاظ على إبقاء الإمدادات الغذائية متوفرة ومنخفضة التكلفة في ظل صراع كهذا يؤدي إلى مثل هذه الأزمة المدمرة، ولهذا السبب تعرف روسيا وأوكرانيا باسم سلال الخبز في العالم.
قال عبدالرضا عباسيان، محلل سوق مستقل وخبير اقتصادي سابق في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “إنها صدمة غذائية مذهلة ولم تمر علي حالة كهذه في السنوات الثلاثين التي عملت فيها في هذا القطاع”.
المشترون المعرضون للخطر
بلدان قارتي أفريقيا وآسيا هي من بين أكثر البلدان اعتمادا على الحبوب في أوكرانيا

إن أصداء الصدمة تتردد بالفعل في جميع أنحاء العالم.
ففي البرازيل، وهي مركز آخر للقوى الزراعية، لا يستطيع المزارعون الحصول على الأسمدة التي يحتاجونها لأن تجار التجزئة يحجمون عن توفير قوائم للأسعار. كما أن الصين، وهي واحدة من أكبر الدول المستوردة للأغذية في العالم، يزيد المشترون فيها من شراء إمدادات الولايات المتحدة من الذرة وفول الصويا في ظل مخاوف من أن قلة شحنات المحاصيل القادمة من روسيا وأوكرانيا يمكن أن تفجر تنافس عالمي على طلب الحبوب. وفي مصر يشعر الناس بالقلق من أن أسعار رغيف الخبز المدعم، الذي يعتمدون عليه، قد ترتفع للمرة الأولى منذ أربعة عقود، في حين أن لقطات لمواطنين في تركيا يحاولون الاستيلاء على كميات من النفط الرخيص، حصدت الكثير من المشاهدات. وداخل أوكرانيا نفسها، فإن الغذاء أوشك على النفاد في بعض المدن الرئيسية.
وأضاف عباسيان: “لقد حدث الضرر وستمر علينا أشهر قبل أن نعود إلى أي شيء يسمى الوضع الطبيعي”.
لا يمكن للتوقيت أن يكون أسوأ من هذا، فعندما انتشر الوباء لأول مرة في عام 2020، صُدم العالم بالصور التي تظهر الطوابير أمام بنوك الغذاء وأرفف البقالة الفارغة، حيث أصيب ما يقرب من عشر سكان العالم بالمجاعة. ولكن حتى في ذلك الوقت، كانت مخزونات الأغذية لا تزال وفيرة.

إمدادات محدودة

تتقلص الاحتياطيات العالمية من الحبوب في السنوات الأخيرة.
ملاحظة: السنة المبينة تشير إلى بدء موسم المحاصيل
لم تعد الحالة كما كانت فالحبوب هي المواد الأساسية التي تحافظ على تغذية العالم، حيث يشكل القمح والذرة والأرز أكثر من 40% من كل السعرات الحرارية المستهلكة. إلا أن مخزونات الحبوب مقبلة على الانخفاض السنوي الخامس على التوالي. وقد أدى امتزاج ارتفاع تكاليف الشحن وتضخم الطاقة  والطقس القاسي  ونقص اليد العاملة إلى صعوبة في إنتاج الغذاء.
ونتيجة لهذا ارتفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية، حيث ارتفع مؤشر الأمم المتحدة المرجعي بأكثر من 40% على مدى العامين الماضيين. وقد كان لهذه الطفرة عواقب غير محتملة فقد تضاعف انعدام الأمن الغذائي في السنتين الماضيتين حيث أنه بحسب تقديرات برنامج الأغذية العالمي فإن 45 مليون شخص على حافة المجاعة.
وستزيد الأزمة الحالية الأمور سوءًا، فمن المرجح أن تزيد المجاعة إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، حيث يحول الصراع ملايين الناس إلى لاجئين ويرفع أسعار الغذاء إلى مستويات أعلى.
صرح ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لوكالة الأمم المتحدة ، في بيان: “إن الرصاص والقنابل في أوكرانيا يمكن أن تأخذ أزمة المجاعة العالمية إلى مستويات أبعد من أي شيء رأيناه من قبل” ،

سفينة شحن مليئة بحبوب القمح المعد للتصدير في ميناء ميكولايف في عام 2016.
تصوير: فنسنت موندي/ بلومبرج
القمح: ما هي أهميته؟
لقد صار العالم يعتمد اعتمادًا هائلًا على أوكرانيا وروسيا في الحصول على القمح، وهو محصول يستخدم في كل شيء من الخبز إلى الكسكس والمكرونة. وتستحوذ الدولتان على ربع التجارة العالمية كما أنهما أيضا موردان بأسعار منخفضة، مما يجعلهما المصدرتين المفضلتين للمستوردين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مصر، أكبر مشتري للقمح في العالم.
وقد ارتفعت أسعار العقود الآجلة للقمح القياسية المتداولة في شيكاغو لمستويات قياسية يوم الثلاثاء.
وصرح إيان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا لشركة بلومبرغ لمراقبة التلفزيون: “سوف تشاهدون موجة من المجاعة في جميع أنحاء العالم”.
يمكن ملاحظة أن القمح هو سلعة رئيسة حيث أن أسعار الخبز لديها تاريخ طويل من الاضطرابات؛ فبالعودة إلى أيام الثورة الفرنسية، كان انعدام الأمن الغذائي هو السبب في خروج الناس إلى الشوارع مطالبين بظروف أفضل. إن الإمدادات القادمة من روسيا كانت جزءًا من هذه الصورة الأكبر من قبل؛ ففي عام 2010  شهدت البلاد موجة حرارية قياسية دمرت المحاصيل وحظرت الحكومة الصادرات مما ضاعف أسعار القمح في الأسواق الدولية لأشهر وهو ما رفع تكلفة الخبز بالنسبة لملايين الناس. وقد انخفض سعر الصرف كجزء من مزيج العوامل التي أشعلت الانتفاضات في الربيع العربي.
سلة الخبز للعالم
تشكل روسيا وأوكرانيا ربع التجارة العالمية في الحبوب

بالنسبة للقمح والحبوب الخشنة
رغم أن القمح الروسي لم يخضع مباشرة للعقوبات، فقد تعطلت التجارة القادمة من البلاد بشكل كبير، حيث تتدفق بعض شحنات.

ديبمالا ماهلا، نائب رئيس منظمة كير للشؤون الإنسانية: “إن آخر ما كان يحتاجه العالم في هذه المرحلة هو صراع آخر، لأن الصراع يؤدي إلى المجاعة في العالم وأجد أنني أنكر، إنكارًا يرتقي لدرجة عدم التصديق، أن ينام الناس في هذه الأيام وهذا العصر جائعين، بينما لدى العالم القدرة على إنتاج غذاء أكثر من المطلوب لإطعام الجميع وينتج ذلك بالفعل”.
……

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version