الأناضول
– يحمل اليمنيون قسوة سنة مرّت عليهم مثقلة بالأحداث والتطورات في الوضع السياسي والعسكري والتدهور الاقتصادي
– تداعيات الحرب والسياسة انعكست تدهوراً على الصعيد الاقتصادي، وانهيارا في العملة وارتفاعا في أسعار السلع
– يتطلع اليمنيون إلى عام جديد، علّه يكون أخف وطأة من سابقه، وحلمهم الكبير أن تسكت أصوات الرصاص
يستقبل اليمنيون عامهم الجديد وهم يحملون قسوة سنة مرّت عليهم مثقلة بالأحداث والتطورات في الوضع السياسي والعسكري والتدهور الاقتصادي، ويتطلعون إلى عام جديد علّه يكون أخف وطأة من سابقه، وحلمهم الكبير أن تسكت أصوات الرصاص.
فعلى الصعيد العسكري، شهد اليمن تصعيداً عسكرياً من بداية العام، لا سيما في محافظة مأرب، امتداداً للحرب التي تكاد تكمل عامها السابع، بين القوات الحكومية المسنودة بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية، وبين الحوثيين المدعومين من إيران، من دون أن تلوح بارقة أمل في إنهاء الحرب.
وعلى الصعيد السياسي، فشلت كل الجهود الدبلوماسية والتحركات الدولية في الذهاب إلى طاولة الحوار والتوصل إلى حل سياسي، مع توغل اللاعبين الدوليين في ملف الأزمة اليمنية، وزادت الأمور تعقيداً مع استمرار الخلاف بين مكوّنات الشرعية اليمنية، الذي لم يحسمه تشكيل حكومة جديدة وفق اتفاق الرياض.
تداعيات الحرب والسياسة انعكست على الصعيد الاقتصادي المنقسم أصلاً، والذي تدهور بشكل كبير، وتواصل شح الموارد وتعطل المنشآت المنتجة، ما انعكس انهيارا في العملة الوطنية وارتفاعا في أسعار السلع.
وأدى ذلك كله إلى تفاقم معاناة اليمنيين، مع انعدام فرص العمل، وصعوبة الحصول على الغذاء.
وزاد الوضع الإنساني الناتج عن الحرب الأمور سوءًا، فتضاعفت أعداد النازحين، وأعداد الضحايا من المدنيين، ما جعل منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد جريسلي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يصف الوضع بالخطير ويحذر من تداعياته.
يرى قطاع كبير من اليمنيين أن العام 2021 كان الأقسى، ويتوقع كثير منهم أن يكون العام المقبل امتدادا لهذا الوضع المتأزم، لكنهم لا يتوقفون عن البوح بأحلامهم البسيطة، ومعها الحلم الكبير في تحقيق السلام.
** بين السيء والأسوأ
يتحدث الصحفي رشيد المليكي، عن العام المنصرم، معتبرا أن اليمنيين عاشوا فيه أحداثاً كثيرة، وقصصاً مؤلمة، أكبرها صدمات الفقد كحادثة إعدام تسعة من أبناء تهامة من جانب الحوثيين، وقتل المسافرين في الجنوب، واغتيال الصحفية رشا الحرازي وجنينها في عدن”.
ويضيف: “ونحن على مشارف العام، يتحسس اليمنيون عنق الزجاجة ويخرجون بفرحة عمت البلاد بفوز المنتخب اليمني للناشئين بكأس غرب آسيا”.
ويبدي المليكي شيئاً من التفاؤل، لكنه يقول إنه لا يعدو عن أن يكون بمنطق المقارنة بين السيئ والأسوأ، متمنياً أن يجد مكاناً للحياة بتفاصيل صغيرة جميلة العام المقبل، ويرى أن أعظم الأمنيات جمع شتات اليمنيين.
والمليكي صحفي يعيش في محافظة مأرب يتحدث، عن خيمة باتت حلم النازحين، فيما يبقى الحلم المشترك بالوطن الحاضن للجميع وإنهاء الحرب.
** النزوح إلى أين؟
أما فاتن الذيابي، وهي ناشطة إنسانية ونازحة من جنوب مأرب، فترى أن 2021 لم يكن مختلفا على اليمنيين، إذ تفاقمت معاناتهم، وأبرزها نزوح بعض الأسر للمرة الثالثة، جراء استمرار المعارك. ورافق ذلك انهيار معيشي وانعدام أبسط المقومات الإنسانية.
وتأمل الذيابي بأن تتغير الظروف في العام المقبل، على الرغم من احتدام المعارك أكثر من أي وقت مضى، ولا حلول تلوح على الأفق تخفف من المعاناة.
** لا فروق تُذكر
لا يرى أنور محمد، طالب جامعي، فوارق ستبدو مختلفة بين العام المنصرم والمقبل، في مناطق سيطرة القوات الحكومية والحوثيين، فالانهيار الاقتصادي الناتج عن الحرب مستمر، والمواطن اليمني يدفع ضريبة الحرب من عمره وقوته ومعاشه ودمه.
كما لا يبدي تفاؤلاً بالعام 2022، الذي لا يؤشر إلى ارتفاع أرقام الضحايا والمجاعة والنزوح، فلا شيء على الأرض يمكن أن يستبشر به اليمنيون.
عبد الرب محمد، مدرّس، يقول إن العام 2021 كان مليئاً بالأوجاع المثقلة والجروح المثخنة، سياسيا واقتصاديا وتعليميا.
ويمثل “صمت أصوات المدافع وتقارب أراء الفرقاء ورحيل الطامعين” أهم أحلامه للعام الجديد.
** شتات ومعاناة
دعاء الزمر، إعلامية من محافظة تعز الجنوبية، تؤكد أن المشهد السياسي في اليمن أكثر تعقيداً، تؤشر إليه الاخفاقات السابقة، المتمثلة في ضعف أداء الحكومة الشرعية، وتعاملها دون مسؤولية مع القضايا المصيرية، فيما يستكمل الحوثيون والقوى الإقليمية الطامعة مشروعهم الطائفي في الدولة.
وبدت الزمر أكثر تشاؤماً بقولها: “لا بصيص أمل في العام المقبل لليمنيين.. إلا أنها مرحلة لشتات آخر”.
ويصور المواطن عبد السلام الجرادي، من شبوة (جنوب)، عام 2021 بأنه عام الحزن والألم من منذ بدايته، فالأحداث أثرت سلبيا على حياة كل مواطن.
ويقول الجرادي إنه بات لا يفكر إلا بالسفر خارج البلاد، مثل سائر اليمنيين، بسبب الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والحروب الي أنهكت كاهل المواطنين.
** آمال تتضاءل
ويصف الكابتن الطيار مقبل الكوماني، العام المنصرم بأنه “عام سادس من الحرب.. قتل ودمار ومقابر”.
ويقول إن حلمه في العام المقبل أن يتم صرف الراتب (المتوقف منذ أعوام) باستمرار كي تستمر الحياة، أو بالأصح كي يستمر بقاؤنا على قيد الوجود وليس الحياة”.
ثم يستطرد متسائلاً: “أرأيت كيف جعلت الحرب أحلامك هي الحصول على أبسط حقوقك؟”.
وهو ما يذهب إليه سعيد الكثيري من حضرموت (شرق)، إذ يقول إن العام كان استثنائياً في قسوته على اليمن واليمنيين، بسبب الانقلاب الحوثي على الدولة والحرب المستعمرة حتى اللحظة.
ويأمل الكثيري في العام المقبل بأن “تزول الغمة وتتوقف الحروب ويعم الأمن والأمان والاستقرار وتتوحد كلمة اليمنيين على الحق، ليعيدوا بناء الوطن من جديد حتى يكون شامخاً”.
** يتطلعون إلى السلام
حسن البريكي يصف العام 2021 بأنه كان قاسياً للغاية، وقد زادته موجات جائحة فيروس كورونا وتداعياتها قسوة، مع التقلبات السياسية والعسكرية التي شهدتها البلاد، “لذلك فإنه كان عاماً مخيباً للآمال والطموحات التي ينشدها شاب يبحث عن الأمان في بلد مزقته الحرب”.
وعن تطلعاته في العام 2022، يقول إنها لا تختلف عن آمال ملايين اليمنيين، ولعلها تتركز في تحسُن الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي تدنى إلى مستويات كبيرة بسبب الحرب المستمرة منذ نحو سبع سنوات، من دون أي نتيجة تذكر.
ويؤكد البريكي أن الحلم الكبير هو “أن يعم السلام أنحاء اليمن ونعيش نحن وأهالينا في أمن واستقرار”.