تحقيق صحفي استقصائي يكشف عن الهيكل القيادي للحوثيين وحجم الموارد المنهوبة في محافظة تعز

كشف تحقيق استقصائي موسع عن كيفية إدارة جماعة الحوثيين المصنفة أمريكيا كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، للجزء الخاضع لسيطرتها من محافظة تعز (جنوب غربي اليمن).

واستعرض التحقيق الصادر عن موقع “المجهر” الإخباري، الهيكل التنظيمي والقيادي لجماعة الحوثي على المستوى العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي، إلى جانب أدوارهم والمهام الموكلة لهم.

وذكر التحقيق الذي يحمل عنوان “الحوبان تحت المجهر.. خارطة النفوذ ومصادر التمويل لسلطة الظل الحوثية في تعز” أن هناك خمس قيادات مسيطرة على القرار وتنحدر من مناطق شمال الشمال وفي مقدمتهم القيادي حامس الحباري المُكنى (أبو وائل) والذي يُعد الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة الحوثيين في المحافظة.

ويعد القيادي عبداللطيف المهدي المعين من قبل الحوثيين قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة، المشرف الأول على العمليات العسكرية في تعز، كما يتمتع القيادي نورالدين المراني بصلاحيات عسكرية وأمنية واسعة بحكم منصبه وكيلاً للمحافظة لشؤون الدفاع والأمن. وفقا للتحقيق.

ويشرف القيادي فضل أبو طالب على الأنشطة الأمنية والاستخباراتية والجوانب الاقتصادية كونه مسؤول عن جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين ومتورط بنهب الممتلكات والإيرادات في تعز.

كما يتولى القيادي قاسم الحمران مسؤولية الحشد والتسليح الثقيل وتجنيد المقاتلين في المحافظة بالرغم من أنه معين من قبل الجماعة قائدا لكتائب الدعم والإسناد في مناطق سيطرتها بشكل عام.

وعلى مستوى القيادات الميدانية، أفرد التحقيق عدد ست قيادات عسكرية وأمنية للحوثيين في تعز، أبرزهم أركان حرب المنطقة العسكرية الثالثة وقائد اللواء 22 مدرع حمود دهمش، إلى جانب قادة عدد من الألوية التابعة للجماعة ومنهم؛ قائد اللواء 17 مشاة علي عامر، وقائد اللواء 149 مشاة عبدالله زيد الكبسي، وقائد اللواء 11 صماد فهمي بدر.

ويعد قائد قوات النجدة أحمد أبو حورية المسؤول الأول عن تأمين النقاط الحوثية في تعز، بينما مدير أمن تعز المعين من قبل الحوثيين شكري مهيوب يبقى صاحب منصب شكلي ولا يمتلك صلاحيات فعلية على الميدان.

وأضاف التحقيق الذي أعده فريق كبير من الصحفيين والمحرريين ومدققي البيانات، أن هناك قيادات بارزة تتولى مهمة الحشد والتعبئة، أبرزهم مسؤول التعبئة العامة في وزارة الدفاع لدى الحوثيين ناصر الكومي، ومسؤول التعبئة في تعز محمد الخليدي، إلى جانب عدد من القيادات الميدانية المسؤول عن الحشد والتعبئة ومنهم “قناف الصوفي، منصور أحمد صدام، وعبدالواحد الجابري”.

وتتركز المقرات العسكرية للحوثيين في الأجزاء الشرقية لتعز بشكل مكثف كونها مرتبطة بحدود مع مناطق تابعة لمحافظات جنوبية مثل الضالع ولحج، ثم بدرجة أقل نسبيا في الأجزاء الشمالية والغربية.

ومن بين المعسكرات المهمة للحوثيين “معسكر علي ناصر” في منطقة (شعوب بني علي) الواقعة بين مديريتي ماوية ودمنة خدير، حيث تستخدمه الجماعة لتدريب مجندين يمنيين وأفارقة، ومؤخراً أرسلت منهم عناصر للقتال في صفوف تنظيم القاعدة بمنطقة قيفة في محافظة البيضاء (وسط اليمن).

ويمتلك الحوثيون ثمانِ معسكرات تدريبة ومنصات صواريخ ومخازن أسلحة في مناطق متفرقة من مديرية التعزية شمال وغرب محافظة تعز. وفقا للمعلومات الواردة في التحقيق.

يبين التحقيق أن جماعة الحوثي انتهجت آليات واسعة لنهب موارد محافظة تعز في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وتخضع هذه الآليات لسيطرة مراكز النفوذ التابعة للجماعة حيث تستخدم جزء كبير من هذه الإيرادات في دعم عملياتها العسكرية.

وتتمثل آليات الجماعة من خلال فرض الجبايات والضرائب الباهظة على المصانع والشركات أبرزها مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، وفرض رسوم جمركية إضافية تصل إلى مليون ريال لكل شاحنة في جمرك الراهدة الذي استحدثه الحوثيون عام 2019م.

وذكر التحقيق أن جماعة الحوثي تعول على “هيئة الزكاة” كأحد أبرز مصادر الدعم المالي لديها، كما قامت الجماعة بفرض ضرائب على القات بنسبة 20% من إجمالي عائداته طوال الموسم بدلاً من 2.5 % سنوياً وفق للقانون اليمني.

ويتجاوز إجمالي ما يحصل عليه الحوثيون من إيرادات تعز مبلغ (550 مليار سنويا) منها (300 مليون ريال) من جمارك المشتقات النفطية، و (200 مليون ريال) من عبور الشاحنات في جمرك الراهدة، و (20 مليون ريال) يومياً من ضرائب القات.

ويتحصل الحوثيون (120 مليار ريال) من ضرائب الشركات والمصانع، و (500 مليون ريال) من الجبايات التي تفرضها الجماعة على المحلات التجارية، فيما تتحصل نحو (مليار ريال) سنوياً تحت مسمى هيئة الزكاة.

قدم التحقيق الصادر عن “المجهر” أحد أبرز المواقع الإخبارية اليمنية، رصداً للانتهاكات التي أقدمت عليها جماعة الحوثي خلال سنوات الحرب، حيث سجل (24,000) مدني بين قتيل وجريح جراء القصف العشوائي بالمدافع والطيران المسير والقناصة، حيث سقط (4,146) قتيلًا بينهم 891 طفلًا و466 امرأة، وأصيب نحو (18,065) جريحًا، بينهم 2,176 طفلًا و2,669 امرأة.

كما سجل (4,269) أسرة تم تهجيرها قسرًا من منازلها، و (6,024) حالة اختطاف وإخفاء قسري واحتجاز تعسفي إلى جانب حالات تعذيب وحشية وأمراض مزمنة، ومعظمها كانت في مدينة الصالح التي تعتبر ضمن أضخم سجون الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها.

ووفقا لشهادات حصل عليها “المجهر” لمختطفين مُفرج عنهم، فقد تنوعت أساليب التعذيب بين الصعق بالكهرباء والضرب بالعصي والهراوات والاعتداءات الجنسية والإهمال الطبي المتعمد، مما أدى إلى وفاة كثير من المختطفين؛ مثل الصحفي أنور الركن ونشوان مقبل سعيد.

ويفيد التحقيق الاستقصائي بأن تعز تُعد المحافظة اليمنية الأكثر تلوثا بالألغام التي زرعتها جماعة الحوثي، موضحاً أنها ما تزال منتشرة بشكل عشوائي في 17مديرية بتعز أبرزها: المخا، صالة، ذو باب، الوازعية، مقبنة، جبل حبشي.

مشيرا إلى أن الجماعة استخدمت ألغاماً على شكل ألعاب أطفال لإيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين، حيث أدت الألغام الحوثية إلى مقتل (781) مدنيا وإصابة (1308) آخرين منذ العام 2015م حتى نهاية العام 2024م مبيناً أن الخسائر البشرية نتيجة الألغام لا تزال مستمرة حتى اليوم.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version