خلال حفل توقيع مذكرات المناضل الراحل «محمد الفسيل» .. الرئيس الاسبق علي ناصر محمد والسياسي يحيى العرشي يشيدان بمناقب الفقيد وادواه النضاليه

البلاد الآن – متابعات خاص:
أقيم بمقر سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة، حفل توقيع مذكرات المناضل والسياسي والمفكر اليمني الراحل محمد عبدالله الفسيل، التي صدرت في جزأين عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» بيروت – لبنان، تحت عنوان «الحياة التي عشت – حكايتي مع تحولات الفكر والسياسة في اليمن 1926-2022».

وفي الحفل الذي نظمته مساء امس الأول، اسره الفقيد الفسيل، وحضره عدد كبير من ابرز الشخصيات السياسية، والفكرية، والاعلامية اليمنية، والعربية، بعث رئيس جمهورية اليمني الديمقراطية الاسبق علي ناصر محمد، بكلمة خاصة بهذه المناسبة ألقاها بدلا عنه السفير علي محسن حميد قال فيها: “انه لمن دواعي الاعتزاز والوفاء ان نحتفي اليوم بصدور مذكرات مناضل يمني لايشق له غبار هو الراحل الاستاذ محمد عبدالله الفسيل الذي افنى عمره في سبيل الحرية لكل اليمنيين والجمهورية والوحدة وحكم الدستور والقانون والسلام انه لمن دواعي الاسىء ان لايكون بيننا محتفيا بصدور مذكراته التي طال انتظارنا لها وهو القائل انه يريد الاحتفاء به وبها وهو حي وليس بعد مماته على الطريقة العربية”.

واضاف الرئيس علي ناصر في كلمته: كنا نسعد دوما بلقاء المناضل الراحل والاستماع اليه وهو يسرد معاناته ومعارضاته لكل حاكم تقريبا ابتداء من انضمامه الى حركة الاحرار في عدن في الاربعينات من القرن الماضي بقيادة الصانع الاول لقضية الاحرار الاستاذ النعمان ورفاقه الزبيري والموشكي والشامي والفسيل وغيرهم وانتهاء بعهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح .. كان الجلوس مع الفسيل متعة وفائدة لبساطته ولعفويته ولخبرته العميقة في الشأن اليمنية قبل ثورة سبتمبر وبعدها على امتداد حياته كلها.

وتابع: “كان الفسيل رحمه الله يتمتع بسمات عديدة منها شجاعة الراي والاستعداد لدفع الثمن والمتابعة المستمرة لاحوال اليمن حتى في شيخوخته وكان حتى اخر ايام حياته حاضر الذهن سريع البديهة حلو النكته وكان يعقد المقارنات بين مختلف العهود بتعليقات طريقة وساخرة وهادفة وكان منصفا ولم يكن يعارض للمعارضة وحده وهو القائل عقب اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي فرصة وضاعت علينا”.

واستطرد: في السنوات الاخيرة التي ابتليت فيها اليمن بحرب لاناقة لها فيها ولاجمل كان ضد الحرب وشديد الاهتمام بالمبادرات والمقترحات السلمية لوقفها .. وفي احد لقاءاتنا معه بحضور الراحل الكبير الصديق الاستاذ محسن العيني وعدد من الاخوة كانت قضية انهاء الحرب وتحقيق المصالحة الوطنية والسلام محور حديثنا ولقد ضمنت بعض ذلك في كتابي ذاكرة وطن ؛عدن والوحد اليمنية.

وقال الرئيس علي ناصر محمد: “ان مسيرة نضال الاستاذ الفسيل ورفاقه الاحرار في سبيل حكم الدستور وقيام الجمهورية واعادة الوحدة وحلم التغيير والسلام والحوار تعد فعلا لاقولا درسا ثمينا لنا لنحتذي به لكي نتمثل هذه المبادئ ونسعى جادين الى تحقيق مالم يتحقق ننها حتى اليوم عبر التصالح والتسامح والتنازل المتبادل واعلاء المصلحة الوطنية على ماعداها من مصالح جهوية او حزبية لبناء يمن جديد يحترم فيه حق الشعب في الحياة الحرة الكريمة وتكافؤ الفرص والمواطن المتساوية والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والبعد عن نزعة الهيمنة التي نجني بعض شرورها اليوم”.

من جانبه بعث المناضل والسياسي والوزير الأسبق يحيى العرشي كلمة خاصة بهذه المناسبة .. ومما جاء فيها: “شخصية الفقيد كانت منارة وطنية مثيرة للرأي العام مقلقة لمن هو على كرسي الحكم، ولذلك قال له زميله في سجن حجة المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية بعد أن عينه نائباً لوزير الأوقاف، لقد عارضت حكم ثلاثة أئمه، وأنت الآن تعارضني كرئيس جمهورية .. زميله أيضاً في سجن حجة القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري، كانا أيضاً زملاء في قصر الإمام أحمد في تعز التي منها اتجه إلى عدن ليلتحق بحركة الأحرار، وذلك بتعيينه سفيراً في الصومال .. أعاده الرئيس الحمدي إلى داخل الوطن، وجعله مستشاراً له بمكتبه في القصر الجمهوري”.

واضاف العرشي: “ولكن الفقيد الفسيل من طبعه أن يقول ماهو مقتنع به حتى لو أغضب الأخرين فترك مكتبه في القصر الجمهوري، وقال لي حينها: لأفترض أن مرتبي الذي من القصر الجمهوري سيوقفه أحمد الرضي أمين عام الرئاسة فمن أين سأعيش، لذلك علي أن أبحث عن عمل حر، وفعل ذلك إذ باع سكنه في حي حده لينشيء مشروع كسارة أحجار في نقم ويبيع (الكري) .. وخاض معارك حامية الوطيس مع وزارة الأشغال ووزيرها عبدالله الكرشمي واخرين، ممن هم على صلة بهذا العمل .. حاول أن يصمد في هذه التجربة التي ليست من طبعه ولا تناسبه معاركها، ولكنه حاول لوقت واستعان بمن خانه فيما ائتمنه عليه”.

وتابع قائلا: “ومع ذلك لم يتوقف جهده الوطني وتسخير قلمه المتمكن فيه بسلاسة وبكفاءه عرف بها .. واشتركنا في ظروف سياسية صعبة وخطيرة في جهد وطني شجاع في عهد الرئيس الغشمي حتى قال الغشمي بعد أن قابلناه وسلمناه مقترحنا الوطني، أن الرئيس الصيني ماوتسي تونج تسلطت عليه العصابة الأربعة بينما تسلطت على عصابة الثمانية .. قال ذلك بعد خروجنا من اللقاء به وخص الفسيل بقوله عنه أنه لا يحب العسكر، ومع ذلك استمرينا في توسيع النشاط الوطني ليشمل عدداً كبيرا ممن وقعوا على وثيقة وطنية اخرى في عهد الغشمي قبل حادثة مقتله، حتى جاءت الفترة الانتقالية برئاسة أخي القاضي عبد الكريم العرشي لمجلس الرئاسة، الذي لم تتقبله السعودية وجاءت بالرئيس علي عبدالله صالح، وكان ماكان”.

واوضح العرشي في كلمته: “وفي عهد الرئيس علي عبد الله صالح وبقرار منه اشتركنا معاً في لجنة وطنية واحدة لإعداد مشروع الميثاق الوطني للمؤتمر الشعبي العام .. وتابع فقيدنا دوره الوطني هذا في الحوار الوطني الأوسع حتى قيام المؤتمر الشعبي العام لكنه لم يسمح الوصول لأعلى مركز فيه، لقد كان موقعه المناسب له، مجلس الشعب التأسيسي ثم مجلس الشورى بالتعيين ولم يسمح له بالترشح حتى يبقى وجوده المتميز داخل قاعة الشعب مرهوناً بقرار جمهوري وليس بالانتخاب الشعبي”.

واستطرد: “أتذكر حين تم الإعداد لإجراء انتخابات برلمانية مباشرة عام 1988م، بدلاً عن مجلس الشعب التأسيسي المعين، وطرحت اسمه على الرئيس علي عبد الله صالح ليرشح في تلك الانتخابات في صنعاء عن المؤتمر فلم يوافقني الرئيس على ذلك وايده بحرارة بعض من كان معنا من الوزراء ولما خاض معركته الانتخابية كمستقل في صنعاء تمت معارضته الشديدة بدعم منافسه إلى درجة أن زميلاً له في سجن حجة وطنياً مثقفاً طلب منه أن يصوت لصالح منافسه فأحرج بذلك لكنه كتب في بطاقته الانتخابية اسم مرشحه وكتب فيها اخوكم فلان وهي حيلة اجرائية منه .. فقد حضر للتصويت حسب التوجيهات ولكن هذا الصوت أصبح ملفياً بحكم ماكتبه في ورقة التصويت.

واضاف العرشي: “نعم هكذا كان الحال .. ذلك أن صوته كان حراً ممثلاً للشعب وليس للسلطة لا يهادن فيما يخالف الدستور .. وأصبحت شخصيته هذه معروفة للمواطنين بمختلف شرائحهم حتى لرجال المرور حينما يمر عليهم وهو يقود سيارته .. يرتفع صوت رجل المرور بعبارة نقطة نظام وهي العبارة وحركة اليدين التي اشتهر بها محمد عبدالله الفسيل”.

كما القيت في الحفل الذي اقيم تحت رعاية سعادة سفير الجمهورية اليمنية بالقاهرة محمد مارم، عدد من الكلمات من قبل الاستاذ المناضل: محسن خصروف، والقاضي يحيى الماوري،الذي تحدث عن الدور الذي لعبة الفقيد الفسيل خلال الثورة الشبابية العام 2011م .. وقدم الاعلامي عمر العمقي مقتطفات سريعة من المذكرات، الى جانب كلمة اسرة الفقيد القتها ابنته الدكتورة سامية محمد عبدالله الفسيل، والتي استعرضت فيها بعض مناقب وخصال الفقيد الفسيل الانسان والاب ورب للاسرة والمعلم، وماتفرد به في هذا الجانب من مميزات جعلته محبوبا من قبل كل من عرفوه.

وتخلل الحفل الذي اداره الاستاذ لطفي نعمان، تقديم وصلة غنائية عن اليمن بصوت الفنانة الشابة ماريا قحطان، الى جانب عرض فيلم وثائقي سلط الضوء على سيرة حياة المناضل والمفكر والسياسي الراحل محمد عبدالله الفسيل، مستعرضا مقتطفات من مسيرته النضالية واسهاماته في اشعال ثورتي (1948م الدستورية – و26 سبتمبر 1962م الجمهورية)، وكذا ادواره في ارساء مداميك النظام الجمهوري.

هذا وفي ختام الحفل تم توزيع نسخ من المذكرات على الحاضرين، وعبرت نجلة الفقيد الدكتورة سامية محمد الفسيل عن شكرها وتقديرها لكل الحضور .. كما بعثت ببرقية الى السفير علي محسن حميد الذي القى كلمة الرئيس علي ناصر محمد بالنيابة عنه وجاء فيها: “سعادة السفير الاستاذ علي ممتنة لكم حضوركم حيث شرفت جدا بلقاءكم في فعالية والدي رحمه الله وكان لحضوركم الأثر الطيب والكبير في نفسي وانا على يقين أنه كذلك في نفس والدي الذي كان حاضرا بروحه في الفعالية وسيظل حاضرا معي في كل تفاصيل حياتي”.

واضافت: “كما أشكركم واشكر فخامة الرئيس علي ناصر محمد جزيل الشكر على كلمته التي قرأتموها بمشاعركم الفياضة بالعرفان والاعجاب بتاريخ والدي النضالي  . اشكركم مرة أخرى وتمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية وابلغوا فخامة الرئيس علي ناصر محمد تحياتي وامتناني وتقديري لشخصه الكريم”.

الجدير ذكره أن كتاب مذكرات المناضل محمد عبدالله الفسيل، والمكون من جزأين يتضمن سرداً دقيقاً لاهم الاحداث والمنعطفات التي شهدتها اليمن منذ مطلع اربعينيات القرن المنصرم وحتى اليوم .. الى جانب الكثير من الحقائق والاسرار والخفايا التي شهدها وعاصرها الكاتب في اروقة السياسة ومراكز صناعة القرار طيلة مشوار حياته الممتد لأكثر من (96) عاما، وهو الامر الذي جعل عملية صدوره تحضى بإهتمام ومتابعة من قبل الكثير من السياسيين والمؤرخين والاعلامين وغيرهم من النخب اليمنية المختلفة.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version