الكشف عن المخبأ السري للأسلحة الحوثية الفتاكة التي تهدد اليمن ودول الخليج.. وكيف وصلت إليهم؟
مقترحات من
تتصاعد عمليات تهريب الأسلحة من وجهات ومواقع جغرافية مختلفة صوب اليمن، على الرغم من الحظر المفروض بقرار مجلس الأمن منذ أبريل 2015، ما يزيد من استمرار الصراع في اليمن، الذي دخل عامه السابع منذ نحو شهرين.
وبين الحين والآخر، توجه الأمم المتحدة والتحالف العربي والحكومة اليمنية، الاتهامات إلى إيران بتزويدها المستمر للحوثيين بالأسلحة، واستخدام مختلف الطرق البحرية لإرسال السفن إلى المليشيا التي تتحكم في مناطق شمالي اليمن.
وترى الحكومة اليمنية أن الحوثيين لم يكن بمقدورهم أن يفعلوا شيئاً في اليمن، ويَصلوا به إلى هذه الحال من الاقتتال المستمر، من دون الدعم الإيراني؛ وهو ما يطرح تساؤلاً مفاده: كيف أصبح تهريب الأسلحة مساراً لتغذية الصراع في اليمن؟
سفينة جديدة
مؤخراً وتحديداً مطلع مايو 2021، كانت المياه الدولية القريبة من اليمن على موعدٍ مع ضبط البحرية الأمريكية سفينة تحمل أسلحة ضخمة، في وقتٍ تقول وسائل إعلام يمنية ومسؤولون حكوميون إنها كانت في طريقها إلى مليشيا الحوثي.
وأعلن الجيش الأمريكي، في 8 مايو، مصادرته شحنة من “الأسلحة المحظورة” من مركب شراعي، خلال إبحاره في المياه الدولية شمالي بحر العرب، بين يومي 6 و7 مايو، دون تحديد جنسيته.
وقال الأسطول الأمريكي الخامس، في بيان له: إن “سفينة البحرية الأمريكية يو إس إس مونتيري (سي جي 61) صادرت السفينة التي تم كشفها، وصادرتها بما يتوافق مع الأعراف الدولية”.
وأوضح البيان أن الأسلحة اشتملت على عشرات الصواريخ الروسية المضادة للدبابات الموجهة، وآلاف من بنادق “56” الصينية الهجومية، إضافة إلى مئات من بنادق “بي كي إم” الرشاشة، وقناصات وقاذفات صواريخ.
ضبط سفن متعددة
تشير تقارير عسكرية إلى أن الفترة ما بين سبتمبر 2015 ومارس 2016، شهدت أربع عمليات اعتراض، نفذها الأسطول الأمريكي الخامس لسفن إيرانية، كانت محملة بشحنات أسلحة لحساب الحوثيين في اليمن.
ومؤخراً وخلال العام الماضي (2020)، اتهمت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء تهريب أسلحة إلى الحوثيين في اليمن.
وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن السفينة التي تم ضبطتها وتحمل أسلحة في بحر العرب، هي “أسلحة إيرانية” وتضم 150 صاروخاً مضاداً للدبابات (دهلاوية) وثلاثة صواريخ أرض جو.
وقبلها بثلاثة أشهر وتحديداً في ديسمبر 2019، قال مسؤولون أمريكيون، إن البحرية الأمريكية ضبطت “شحنة كبيرة” من أجزاء صواريخ يُعتقد أنها إيرانية، كانت في طريقها إلى الحوثيين في اليمن.
مستمر مع استمرار الحرب
يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور علي الذهب، إن عملية تهريب الأسلحة إلى اليمن “لا تزال قائمة ما دامت الحرب مشتعلة في البلاد، خصوصاً مع تطور الحرب وتعدد أطرافها الإقليميين وبروزهم ووضوحهم.
ونقل موقع “الخليج أونلاين” عن الذهب قولة :بأنه من “الطبيعي أن تتدفق مثل هذه الشحنات إلى الحوثيين، أو إلى حلفاء أو أطراف أخرى مناوئة للحكومة في المناطق الملتهبة”.
وعن إعلان واشنطن ضبط هذه السفن، يقول: “ظهور أو إظهار والكشف عن مثل هذه الشحنات يدل على استخدام الحرب اليمنية في إطار الضغط والضغط المتبادل بين الولايات المتحدة وإيران، حول القضايا المختلفة وضمنها مسألة الاتفاق النووي”.
ويرى أن منطقة غرب المحيط الهندي وبحر العرب أو المنطقة البحرية الواقعة بين مضيق باب المندب ومضيق هرمز، “أصبحت مستودع أسلحة عائماً تُنقل فيه مختلف أشكال الأسلحة، بين حلفاء إيران وغير حلفائها من الفواعل غير الدولية العنيفة”.
وتابع: “هذه المناطق ليست حكراً على تهريب الأسلحة فقط ولكن أيضاً تهريب المخدرات والمهاجرين، والسلع المسروقة وكافة أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود البحرية، والقرصنة والصيد غير المنظم وغير المشروع”.
ويشير إلى الجهود المبذولة من قِبل الدول المطلة على هذه المناطق في محاربة تهريب الأسلحة، إلا أنه يرى أن “قوات الواجب الدولي العاملة في إطار مكافحة الجريمة بهذه المناطق ومكافحة الإرهاب هي الأكثر نشاطاً وعلى رأسها الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأيضاً الدول الإقليمية”.
وحول تهريب الأسلحة إلى اليمن واستمراره يقول “الذهب”: “ما دامت الحرب مشتعلة، فإنَّ تدفق الأسلحة سيستمر، من خلال طرق التهريب في هذه المناطق والذي يتم عبر سفن شراعية تقليدية غير مسجلة لدى الموانئ وغير مسجلة أيضاً لدى المنظمة البحرية الدولية، ما يسهل لها عمليات التهريب، لأنها عبارة عن وسيط مع السفن الكبيرة في عرض البحر”.
ويوضح: “يتم تفريغ السفن الكبرى عبر القرن الأفريقي، وهناك تقوم جماعة العصابات في الصومال والمناطق المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن بنقلها بالقوارب إلى السواحل اليمنية الجنوبية”.
اتهامات لإيران
ودائماً ما توجَّه الاتهامات إلى إيران بالوقوف وراء دعم مليشيا الحوثي، لقتال الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وفي مقدمتها الصواريخ المختلفة والطائرات المسيرة.
في أبريل 2021، كشف تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي الخاص باليمن، خلال حديثه مع أعضاء الكونغرس، أنَّ دعم إيران لحركة الحوثي اليمنية “كبير جداً وفتاك”، مؤكداً أنه “من الصعب منع السفن التي تحمل أسلحة من إيران للحوثيين في اليمن”، مضيفاً في الوقت ذاته، أن بلاده تريد مزيداً من المساعدة الدولية في وقف شحنات الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين.
أما الحكومة اليمنية، إلى جانب السعودية، فتتهم إيران بدعم الحوثيين بالأسلحة، وقالت في يوليو 2020، إن إيران تستخدم سفن الصيد بمياهها الإقليمية في تهريب الأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة للمليشيا الحوثية.
وأكد محققون دوليون في تقرير نُشر منتصف 2016، وجود خط بحري لتهريب الأسلحة من إيران إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، من خلال إرسالها أولاً إلى الصومال، مستنداً إلى تقرير لمنظمة “أبحاث تسلح النزاعات”، إلى عمليات تفتيش بَحرية تمت بين فبراير ومارس 2016 وضُبطت خلالها أسلحة مهربة على متن سفن الداو الشراعية التقليدية.
موجود قبل الحرب
ويتحدث الباحث بالشأن الإيراني ورئيس مركز “ساس” للأبحاث ودراسة السياسات، عدنان هاشم، قائلاً: إن “التهريب إلى اليمن موجود حتى من قَبل الصراع الحالي”.
ويقول: إن “الحكومة اليمنية لا تستطيع ضبط حدودها البحرية الطويلة، لذلك فإن تهريب الأسلحة يستمر رغم الرقابة الدولية والبحرية التابعة للتحالف والمنتشرة في المياه الإقليمية اليمنية”.
ونقل موقع”الخليج أونلاين” عن عدنان هاشم قولة بأن التهريب “أبرز مصدر للحوثيين للحصول على الأسلحة واستمرار الحرب، فقد كان مصدر تلك الأسلحة إيران أو تُجار الأسلحة”.
ويكشف عن تاجر أسلحة يمني كبير موالٍ للحوثيين يدعى فارس مناع، قال إنه يعمل في حكومة الحوثيين “ومفروضة عليه عقوبات مجلس الأمن الدولي ويقوم بتهريب الأسلحة لليمن”، مضيفاً: “لذلك فإن التهريب سيستمر طويلاً حتى بعد الحرب، وهذا مثير للقلق ليس فقط على اليمن، بل حتى على دول الخليج ودول القرن الأفريقي”