الحوثي.. واللعب على هاوية المفاوضات والاتفاقيات
مصطفى محمود
يدلُّ التفاوض عبر التاريخ على انعدام إمكانية الحسم والنصر العسكري لأي من الأطراف المتنازعة، فلم يسبق أن تفاوض منتصر مع مهزوم. المنتصر يفرض شروطه ولا يفاوض عليها. هذا هو درس التاريخ.
يحاول الحوثي منذ عشر سنوات الانتصار على الشعب المقاوم لوجوده في اليمن ، ولم يترك وسيلة قذرة أو سلاحاً فتّاكاً إلا واستخدمه ضد اليمنيين وبالرغم من ذلك فقد آل للسقوط أكثر من مرة منذ 2015م ، لكنه كان يجد دائماً نظاماً دولياً قوياً يدعمه ويحميه من الانهيار. وهو لم يبخل في المقابل برد الجميل، إن كان ببيع الأرض والعرض والبحر لإيران.
لا شك أن الاتفاقيه التي اعلنتها الأمم المتحده يوم امس الموافق/23/12/2023 بين الشرعيه ومليشيا الحوثي الانقلابيه.. والتي تنص على ايقاف الحرب في كامل البلاد وفك طرقات تعز المحاصره.. ومطار صنعاء والحديدة واستئناف تصدير النفط وتسليم المرتبات هي خيراً للشعب اليمني ، ووضعَ النزاع على سكة المسار السياسي، ولسوف يساعد اليمنيين على استعادة دولتهم بقيادة الرئيس العليمي الحريص كل الحرص على ان تكون اولوية الاتفاق عنوانها خدمة المواطن اليمني بما يحقق صرف مرتبا موظفي الدولة في نطاق سيطرة الحوثيين رغم عرقلة المليشيات ومازال الرئيس العليمي عازماً على تحقيق مصالح المواطن والموظف وان الهدف الاساسي من خارطة الطريقة تقديم الخدمات الاسياسة للشعب اليمني والتخفيف من معناته إلا أن العقبة الأهم التي مازالت تنتصب أمام أي تقدم جدّي في المسار السياسي هي عبدالملك الحوثي نفسه، على اعتباره مازال ممسكاً بزمام السلطة “المليشاويه ” وعلى اعتبار الصراع الذي بدأه مع الشعب هو صراع وجودي من الدرجة الأولى، لا مكان فيه للتنازلات الحقيقية، وما المفاوضات، والاتفاقيات بالنسبة له سوى مراوغة ولعب أوراق داخلية وخارجية لكسب المعركة.
المشكلة أن وجود الحوثي يُفقد الوفد المفاوض التابع لجماعتهأي مصداقية وأي تأثير، لأن ما يعرفه كل اليمنيين ببساطة، أن هؤلاء ليسوا إلا موظفين غير قادرين على اتخاذ أي قرار مصيري تجاه بلدهم، وحتى لو امتلكوا النية أو الإرادة للتفاوض الجدي، فإنهم لا يملكون الصلاحيات لذلك، بالإضافة إلى أنهم هم أنفسهم مراقبون من ضباط سلاليين مشاركين في الوفد المفاوض مثلما يعرف الجميع. والمعروف أيضاً، أنه مثلما لا فوارق نظاميه عند المليشيا “بين الجماعه الحوثيه والسلطه ، لا فوارق أيضاً بين السلطه والسيد ، وأنه كل من هو دون السيد عبدالملك يمكن التخلي عنه أو استبداله أو قتله أو تغييره دون أن يمس السلطه العامه أي خلل جوهري، مع أن العكس ليس صحيحاً على الإطلاق.
والمشكلة أيضاً، أن نهاية الحوثي ليست نهاية المشكلات، بل بدايتها على نحو جديد، ووجود الحوثي لا يفعل سوى تعطيل وتأجيل وتأخير تلك البدايات الصعبة التي لا مفرَّ من مواجهتها في إعادة تشكيل الكيان اليمني . وفي الحقيقة لو كان من الممكن الاعتماد على ما نستبعده، وهو قبول الحوثي بعملية “الخروج بكرامة”، لكان من الممكن أن يسهّل ذلك عملية التفاوض المعقدة بين اليمنيين ،