مقالات رأي

من دوغما الهوية .. إلى براديغم الذات..!!

بقلم: د. محمد عوض هرورة

الإنسان الذي يبقى واقفاً في مكانه ولا يتحرك، أو يظل متمترساً خلف قناعاته، وأفكاره، ومعتقداته ولا يجرؤ على مغادرتها، أو تجديدها، أو تغييرها أو التحرر منها، أو مناقشتها ونقدها، وتصويبها فإنه لا يحسب في عداد الأحياء بل الأموات، أو في قائمة الجماد، لأن الكائن الحي يتسم بالحركة الدائمة، والتغيير المستمر، والقدرة على النمو، والتجديد.

ومنذ إنتمائي إلى الحزب الإشتراكي اليمني في مرحلة الشباب، كان هذا الإنتماء مبنياً على القناعة التامة، وحرية الإختيار، وطيلة فترة النضال في صفوف الحزب بقيت وفياً لخطه السياسي، ومدافعاً عنه في كل المواقع، والجغرافيا التي أتواجد فيها، ولم يكن هذا الدفاع مشفوعاً بالرغبة في التسلق للمواقع القيادية، ولا بالحرص على تصدر اسمي في كشوفات الوفود، والمندوبين للمؤتمرات الداخلية والخارجية، ولا من أجل الفوز بمنحة دراسية لي أو لأحد أبنائي، ولا وسيلة وطريقة للإرتزاق باسم الحزب، وإنما كان بناء على قناعة بصواب منهج الحزب، وعدالة القضايا التي يتبناها.

وبنفس القوة والرغبة والقناعة، التي دفعتني للإنتماء للحزب، أجد نفسي مدفوعاً إلى مغادرة الحزب، وهذه المغادرة لا تعني مغادرة صفوف الحزب فحسب، ولكنها تعني القطيعة التامة، مع تراث الحزب الثقافي، والفكري، والسياسي، والإجتماعي مغادرة الإيديولوجية، والخطاب، ومغادرة العلاقات التي تحكم هذا الإنتماء، مغادرة الزمان، والمكان اللذان انبجست منهما خيوط الإنتماء، مغادرة دوغما هووية الانتماء، مستنداً إلى ثقافة جديدة، وتفكيراً إنساني جديد أحس فيهما أنني لا زلت من الكائنات الحية، وأنني أعيش في الزمان والمكان الذي اشغل حيزاً فيهما، محورها الرئيس والأساس هو الإنهمام بالذات، أي الإنتقال إلى براديغم الذات.

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى