مقالات رأي

موت مواطن على أحد أرصفة الشوارع في محافظة إب كفيل بإشعال ثورة جياع

نسيم البعيثي

في وقت أصبحت فيه الأزمات السياسية والاقتصادية تتفاقم يومًا بعد يوم، وتشتد المعاناة لكل فرد من أفراد الشعب اليمني، يأتي مشهد موت مواطن على أحد أرصفة الشوارع جوعًا في محافظة إب ليكون بمثابة جرس إنذار للواقع الذي لا يمكن تجاهله بعد الآن ،فهذه الصورة ليست مجرد حادثة وفاة فردية، بل هي نتيجة مباشرة لتراكمات الظلم والجوع والفقر الذي يعاني منه المواطن اليمني يومًا بعد يوم.

إن موت هذا المواطن في الشارع هو بمثابة نقطة في بحر معاناة شعب بأسره يعاني من جملة من الأزمات التي لا تنتهي، والحقيقة الأليمة أن من يتحمل مسؤولية هذه الأزمات هم من يرفعون شعارات كاذبة حول الإنقاذ والتغيير.

ما يحدث اليوم في اليمن هو كارثة وجودية بكل معنى الكلمة، مليشيا الحوثي التي تتحكم في مصير الشعب اليمني منذ سنوات، تُنفذ برنامجًا ممنهجًا لنهب مقدرات البلاد ومواردها، فهي لا تكتفي بسرقة ما تبقى من أموال الشعب، بل تسيطر على الخمس والثمن وكل ما يمكنها الاستفادة منه، وتترك الشعب يعاني جوعًا وفقرًا مدقعًا.

لقد عاش المواطن اليمني في كنف هذه المليشيا لعشر سنوات طويلة، وكأن البلد يعيش في حالة من السُبات العميق، فلا تقدم له هذه الجماعة معها أدنى خدمات حقيقية، فقد تحول واقع الحياة إلى جحيم مستمر، دون كهرباء، أو ماء، أو أي من أبسط مقومات الحياة التي لا يمكن للإنسان أن يعيش بدونها.

لقد تحوّل اليمن إلى ساحة لتجريب الفشل السياسي والاقتصادي، وعجزت مليشيا الحوثي عن تقديم أي خدمات تُذكر للشعب، بل على العكس، فإنها تتاجر بمعاناته وتستغل الظروف المأساوية لتحقيق مصالحها الضيقة.

هذه المليشيا فرضت على الشعب اليمني واقعًا قاسيًا، ومع ذلك، لا زال هناك العديد من المتفرجين الذين يظنون أن هذه الأزمة يمكن أن تحل مع مرور الوقت ،لكن الواقع يقول لنا أن هذا ليس مجرد فشل عابر، بل هو جريمة ضد الإنسانية تتحمل مسؤوليتها المليشيا التي تسيطر على مقاليد الحكم في مناطق سيطرتها.

إن ما يحدث في اليمن اليوم لا يمكن السكوت عليه بعد الآن ،إذا كان موت مواطن واحد على أحد الأرصفة يُعتبر حدثًا فاجعًا، فهذا يعني أن اليمن على وشك الانفجار بسبب الجوع والفقر الذي بات ينخر في عظام الشعب ،إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فمتى سيتوقف هذا الظلم؟ كم من الأرواح يجب أن تُزهق لتدرك هذه المليشيا أن الشعب اليمني لا يمكن أن يظل مكتوف اليدين إلى الأبد؟ متى سنسمع عن رد فعل حقيقي من القوى الحية في هذا المجتمع؟

إن الوضع الحالي هو عبارة عن “سكرة طويلة الأمد” لا يدرك الكثير من الناس في ظلها ما يحدث حولهم ،هل تحولنا إلى قطيع نسير خلف مَنْ يقودنا إلى حتفنا دون أن نعي حقيقة ما يجري؟ هل أصبحنا قادرين على فهم أننا نتعرض لإبادة جماعية، وأن العذاب الذي نعيشه هو بمثابة قتل بطيء وممنهج؟ الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعًا هي أن ما يجري في اليمن ليس مجرد حرب سياسية أو صراع بين أطراف، بل هو حرب على الشعب اليمني بكامله، حرب على كرامة الإنسان اليمني، وعلى حقه في العيش بكرامة.

لا يمكننا أن نعيش في هذا الواقع المرير ونغض الطرف عن الواقع الذي نعيشه، لا يمكننا أن نسمح لهذه المليشيا بأن تبقى في الحكم وهي تقودنا نحو هاوية لا رجعة منها ،يجب أن يكون هناك تحرك جماعي من جميع الأطراف، من الشعب، من النخب السياسية، من جميع فئات المجتمع، للوقوف في وجه هذه المليشيا التي تمارس سياسة التدمير الشامل للوطن، يجب أن نتحد جميعًا ضد هذا الظلم، ونرفض السكوت عن جريمة إبادة الشعب اليمني بكل الوسائل الممكنة.

إن الوضع الذي يعيشه اليمن اليوم يتطلب إعادة النظر في كل شيء، ويجب أن يكون هناك تدخل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن نصل إلى مرحلة لا يمكن العودة منها ،نحن على مفترق طرق، ويجب على كل شخص أن يتحمل مسؤوليته في النضال من أجل مستقبل أفضل لهذا البلد ،فإما أن ننهض ونقاتل من أجل حقوقنا، أو أن نبقى أسرى لهذا الواقع الذي لا يرحم.

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى