مقالات رأي

مؤتمر نيويورك لدعم اليمن بريطانيا تنظم علاقات الرئيس والحوثي والانفصاليين ولوردات الحرب والسعودية والإمارات

عبدالقادر الجنيد

٢١ يناير ٢٠٢٥

فجأة قفز إلى الصدارة خبر عن مؤتمر في نيويورك من أجل اليمن.

وقال رئيس وزراء حكومة الشرعية لصحيفة الشرق الأوسط السعودية الهامة أن بريطانيا قد قررت دعم خطته الحكومية العظيمة.

وأن بريطانيا قد قررت حمل الراية لدعم خطته سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
وأن كل هذا يتم برعاية رئيس المجلس الرئاسي وبالتعاون مع السعودية والإمارات.

وبالتحري في كل مواقع الأخبار البريطانية، فإن هذا هو ما تم التوصل إليه:

١- كيمونيكس Chemonics UK، هي شركة دولية للتنمية المستدامة
يتم استئجارها لتبحث عن حلول محلية للمشاكل التي تعيق التنمية.

٢- كيمونيكس، استأجرتها وزارة الكومنولث والتعاون الدولي البريطانية FCDO
The Foreign Commonwealth and Development Office(FCDO)
وزارة الكومنولث استأجرت شركة كيمونيكس:
أ- لعمل تعريف للمشكلة اليمنية
ب- توصلت الشركة لتعريف أن المجتمعات اليمنية ممزقة
ج- عملت برنامجا يستوعب قادة المجتمعات الممزقة.
د- عملت صناديق تمويل لبرامج اجتماعات وندوات ومؤتمرات بين الممزقين

كيمونكس، أنشأت صندوق تمويل مساعدة لعقد جلسات الهدار والرغي والاجتماعات لليمن في عدن إسمه
Technical Assistance Fund for Yemen—Aden

٤- تمخضت جلسات الهدار والرغي التي تمولها بريطانيا عن لقاءات غير مفهومة، ابتدأت أمس الإثنين في نيويورك.

وهناك دعاية وطنطنة أثارت اهتمامنا لفهم ما يدور.

وكنا قد وقعنا في وهم أننا سنكتشف مفاجأة سارة ولكنا لم نجد أي شيئ سوى التشتيت للانتباه وضياع الوقت وإهدار الطاقة.

ونحن نتمنى لو كانوا هم على الطريق الصواب،
وأن نكون نحن الذين لم نفهم حكمتهم وابتكاراتهم ومبادراتهم وصرفهم لملايين الجنيهات الاسترلينية من دافع الضرائب البريطاني.

أولا: فهم خبراء النزاعات للصراعات

الشركة، اتحفتنا بالتنظير للصراعات.
كل الصراعات تؤدي إلى مآسي إنسانية.
وهناك صعوبة في التوصل لحل مثالي في كل الصراعات والمشاكل.
ويجمع بين كل صراعات العالم قواسم مشتركة، وهناك خصوصية في صراع كل بلد.

قواسم مشتركة لكل الصراعات

١- تناقض وتدخلات القوى العظمى.
٢- التحالفات بين الدول والقوى المحلية.
٣- القوى المحلية ولوردات الحرب.
٤- القيادة السياسية.
٥- توفر التمويل والموارد.
٦- عدد الميليشيات ولوردات الحرب.

فهم الشركة لخصوصية صراع اليمن

نحن نفهم صراعاتنا بطريقتنا.
والشركة البريطانية كيمونيكس Chemonics UK تفهم الصراع بطريقتها وبطريقة محايدة تساوي فيها بين كل المتصارعين— وهذا مفهوم— ليتسنى لها التعامل مع الجميع،
ولكن محاولة الشركة الزيادة باللباقة تجعل الموضوع غير مفهوم.

رحمة بالقارئ من التطويل والعبارات الغير مفهومة، سوف نمزج المفهومين لصراعات اليمن- المحلي والبريطاني- في إطار واحد، كالآتي:

١- صراع بين الحوثيين والشرعية اليمنية
٢- صراع بين الإنفصاليين الجنوبيين والشرعية اليمنية
٣- صراعات بين الجماعات العنيفة المتشددة
٤- ؟ المخاء وحراس الجمهورية
هناك صعوبة في تصنيف وضع لورد حرب المخاء، لأنه ضد الحوثيين وضد الانفصاليين وضد فكرة الشرعية في وقت واحد.
ومعه تشكيل عسكري على نفقة الإمارات.
وهو يطل على البحر الأحمر ومضيق باب المندب ومعه مطار خاص به وميناء ودخل جمارك.

ثانيا: سيناريوهات انتهاء صراع اليمن

توصلت الشركة- بنباهة وعبقرية- إلى احتمالين لنهاية الحرب:
١- جانب منتصر وجانب مهزوم

المنتصر، يفرض شروط السلام.
(هذا هو ما كان سيحدث لو تم اعتماد خارطة الطريق بين السعودية والحوثيين)

٢- نزف واحتقان الطرفين وتجمد الموقف stalemate

وبعدها يرى الطرفان بأنه من الأفضل الحوار والتوصل لحل تفاوضي بدلا من استمرار النزف.
وهذا هو وضع المتصارعين النازفين في اليمن في هذه المرحلة لأن أوضاع الجبهات لم يتغير منذ ٢٠١٨.
وليس من المتوقع أن تتحسن حظوظ أي طرف منهم قريبا.

ثالثا: أطراف صراع معصلجون

١- الحوثيون

الحوثيون، يصرون على إتفاق شامل منفصل بينهم وبين المملكة السعودية لا علاقة له بحكومة الشرعية ولا بأي طرف آخر.
هذا كان على وشك الحدوث والتحقيق على هيئة خارطة الطريق.

٢- الانفصاليون

الانفصاليون، يصرون على أن تكون قضيتهم في وجه الصدارة سواء بخارطة طريق أو بدون.

٣- المعصلجون المتصارعون في مفترق طرق

الشركة البريطانية لم تتطرق إلى أن كل لوردات الحرب المعصلجين وكل داعميهم مموليهم الخارجيين، إنما هم جهات طارئة مستحدث لم تكن موجودة على الإطلاق في اليمن قبل ١٠ سنوات.
مشاكلنا الحقيقية ليسوا هؤلاء المعصلجون.
وأننا نحن كلنا- أي شعب اليمن- قد وقعنا رهائن وضحايا على أيديهم.

وتخيرهم شركة كيمونيكس التي قد أصبحت وصية علينا وعليهم بأن على المعصلجين أن يختاروا بين أمرين:
أ- توسيع الهدنة
بحيث يمدد المتصارعون الهدنة الحالية ويوسعون مجالاتها
ب- عودة الأطراف المعصلجة للحرب.
وهذا ما تريد الشركة البريطانية منعه.

رابعا: توحيد الشرعية ولوردات الحرب

الشركة البريطانية Chemonics، معها تعليمات من وزارة الكومنولث بأن تتولى مشروع هدف عدم عودة اليمنيين للحرب.
وتقول أن هذا الطريق سوف يؤدي إلى وقف إطلاق نار شامل.
وأن يتعايش المعصلجون يسمنون ويتربربون فيما بينهم بينما نستمر نحن بدون اليمن التي نريدها.
وأن وقف إطلاق النار هو الهدف النهائي لهذا الطريق.
وأن حل المشكلة اليمنية ليس هو الهدف.

كل عناصر الخطة، كلام مكرر ويتردد منذ سنوات مع طرقعات مثل لعص اللبان.

وهذه هي خطتهم:
١- حبة حبة وخطوة خطوة يستكشف الخبراء المجالات التي يمكن أن يعمل بداخلها كل الأطراف معا.

مجالات اشتراك ووضع أطراف الحوثيين في صنعاء، والمجلس الانتقالي في عدن، وحراس الجمهورية في المخاء، وحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي في الرياض أو عدن في بوتقة واحدة.

٢- المشاركة في إيرادات الجمارك والضرائب والنفط والغاز، ودفع المرتبات.

٣- زيادة عدد الرحلات من مطار صنعاء وزيادة الحركة في ميناء الحديدة.

٤- توحيد البنك المركزي والتخلص من ازدواجية العملة

٥- توحيد وزارة المالية لتقوم بجمع الضرائب والجمارك من كل أنحاء اليمن ووضع الميزانية العامة لكل أنحاء اليمن لكل أوجه الإنفاق.

٦- إتفاقيات أمنية مشتركة بين جميع الأطراف.
مع إعطاء أولوية لنقاط وخطوط الاحتكاك بين المتصارعين.
وبعدها يمكن تشكيل أجهزة أمنية مشتركة.

خامسا: توصل خبراء النزاعات لخرائط طرق مرحلية

تقترح شركة كيمونيكس Chemonics UK على وزارة الكومنولث البريطانية أن تقوم الشركة بتوظيف خبراء بريطانيين وأجانب ومحليين في اليمن لوضع وتنفيذ خرائط طرق انتقالية Transitional Road Maps.

الخبراء الأجانب المقيمون في اليمن عليها أن يسوقوا ويساوقوا ويرشدوا الأطراف المحلية ولوردات الحرب وينسقون بينهم بحرفنة وحرفية ولطافة للتوصل إلى تفاهمات أو اتفاقات سياسية تؤدي إلى عدة خرائط طرق انتقالية.

١- حوافز وسمن وعسل وجوائز للقادة المحليين ولوردات الحرب.
{{ وهذا هو ما تشير إليه حكومة الشرعية بأنه دعم اقتصادي لليمن }}

٢- أوراق ضغط على القادة المحليين ولوردات الحرب.
{{ وهذا هو ما تشير إليه حكومة الشرعية بأنه دعم لرئيس اليمن }}

٣- بناء عوامل الثقة بين لوردات الحرب والقادة المحليين.

{{ وهذا هو ما تشير إليه حكومة الشرعية بأنه دعم سياسي لليمن }}

سادسا: خفر سواحل يمني ضد الحوثي

وأضافت الحكومة البريطانية مجالا آخرا مهما لا علاقة له بمهمات شركة كيمونيكس Chemonics UK

الحوثي، يحصل على إمدادات سلاح عبر طرق تهريب من إيران ويقوم بقصف السفن في البحر الأحمر.
التفكير البريطاني، يرى أن مواجهة مهربي السلاح يمكن أن يقوم بها خفر السواحل اليمني.
ويمكنهم أيضا أن يوقفوا وصول قطع الصواريخ والمسيرات التي يتم تركيبها داخل اليمن.

الجهد البحري للدول الأوروبية، مكلف للغاية وهم يريدون رمي الكثير من أعباء وشقاء ونفقات تأمين الملاحة البحرية ومكافحة التهريب على السواعد القوية لفقراء اليمن المنخفضة التكاليف.

{{ وهذا هو ما تشير إليه حكومة الشرعية بأنه دعم عسكري ودفاعي لليمن }}

سابعا: أسمع جعجعة ولا أرى طحينا

شركة كيمونيكس البريطانية تمجد نشاط المبعوث الأممي وتمجد مساعدتها له بالرغم من أنه يدور في حلقات عقيمة مفرغة سنة بعد سنة.
وتمجد الشركة نشاطها هي بنفسها.
وعند البحث والتقصي لكل هذا النشاط، نجد أنه كله استئجار خبراء من سويسرا وغيرها من بلاد أوروبا وتفريخ منظمات محلية وإنشاء منظمات محلية تنفذ أفكارها للتصالح والمشاورة.
وكله هدار في هدار ورغي وتشتيت انتباه عن المشاكل الحقيقية والابتعاد عن الفهم الحقيقي للصراع وتضييع وقت.

ثامنا: نفس مشروع مجموعة الأزمات الدولية

هذا كله، مازال هو نفس مشروع مجموعة الأزمات الدولية الذي ابتكره بيتر سالزبري وروبرت مالي في ٢٠١٧:

١- اعتماد الأمر الواقع على الأرض
٢- تقسيم اليمن إلى كانتونات تحت إمرة لوردات حرب
٣- إعطاء لوردات الحرب جوائز ليهدؤوا
٤- إعطاء الشعب رغيف خبز وكأس شاي ليهدؤوا
٥- استمرار ضياع اليمن.

تاسعا: اجتماعات نيويورك أكثر غموضا

لا يوجد مؤتمر (!)

سفريات واجتماعات ولقاءات في نيويورك ابتدأت يوم أمس بين خبراء حل النزاعات وممثلي شركة وضع الحلول المرحلية، وبين ممثلي الحكومة اليمنية وبين ممثلي الأمم المتحدة.

والسفيرة البريطانية في اليمن تجتمع وتصرح.
ورئيس الوزراء يجتمع ويصرح.

وهناك دعاية لاجتماعات نيويورك من قبل رئيس حكومة اليمن وفي نفس الوقت دعاية من جريدة الشرق الأوسط السعودية شبه الرسمية.

يرددون نفس الكلام ويكررون ولا يشعرون بالملل.
ونحن نسمع ونبحث ثم لا نجد شيئا.

ويستمر الشتات.
ويستمر تشتيت الانتباه.
ويستمر عدم وضوح الطريق بين اليمنيين والسعوديين وهم يتقلبون من خارطة طريق نهائية إلى خرائط طريق انتقالية مرحلية.

خاتمة كان هذا هو مجهود اليوم في استكشاف:
“اليمن والسعودية—٢٠٢٥”
ماذا تريد اليمن من السعودية؟ وماذا تريد السعودية من اليمن؟

عبدالقادر الجنيد
٢١ يناير ٢٠٢٥

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى