مصطفى مياس
في ظل تصاعد الأحداث السياسية المتتالية التي تهز أركان الحكومة، يبرز موقف مجلس القيادة وكأنه محايد، في وقت تتفاقم فيه الأزمات ويُثار الجدل حول قرارات وإجراءات مثيرة للشكوك. بينما شهدت الساحة مؤخرًا توجيه رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك للجهاز الأمني بالتحقيق في واقعة تسريبات هزت الأوساط السياسية والإدارية، يُثار سؤال حقيقي: لماذا لا يحذو رئيس الجمهورية حذوه، ويوجه الجهاز المركزي للرقابة والتحقيق في قضية إلغاء الختومات وتواقيع الأمين العام المخالفة للقانون؟
إن إلغاء التواقيع الرسمية والختومات القانونية أمر لا يمكن الاستخفاف به، لما يترتب عليه من تداعيات خطيرة، ليس أقلها ضياع الشيكات ونهب المال العام. هذه القرارات العشوائية تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول مدى جدية الجهات العليا في تحمل المسؤولية وحماية المصالح الوطنية.
المسؤولية الأساسية تقع على عاتق مجلس القيادة بصفته الجهة العليا التي يفترض أن تقود الدولة، لا أن تبقى في موقع المتفرج بينما تتزايد التجاوزات. إن صمت المجلس إزاء هذه الأوضاع يشير إلى خلل في أداء مهامه الرقابية والسياسية، وهو أمر يتنافى مع الواجبات الدستورية والمسؤوليات الملقاة على عاتقه.
التضامن في مواجهة الفساد أمر لا يحتمل التأخير، وإجراءات التحقيق والمحاسبة يجب أن تكون سريعة وحازمة. توجيه الجهاز المركزي للتحقيق في واقعة إلغاء التواقيع والختومات يجب أن يكون خطوة أولى في سلسلة من الإجراءات التصحيحية التي تعيد للدولة هيبتها وللشعب ثقته في قيادته.
ختامًا، إن حماية المال العام والحرص على تطبيق القانون ليسا مجرد شعارات، بل واجب وطني يستدعي من جميع الأطراف التحرك الفوري، وليس الوقوف متفرجين على مشهد يتسع فيه الفساد وتتآكل فيه المؤسسات من الداخل.