حضرموت في وجدان الرئيس
د. ثابت الأحمدي
في حواره الأخير مع قناةِ “حضرموت” وضعَ فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي النقاط على الحروف فيما يتعلق برؤية مجلس القيادة الرئاسي، والدولة بشكل عام نحو حضرموت.
إقليم حضرموت، بشكل عام، ومدينة حضرموت بشكل خاص، بواديها وساحلها وصحرائها تحتلُّ مكانة عالية لدى فخامته، سواء على المستوى الشخصي، أم على المستوى الرسمي، كما أشار في بداية حديثه، ولا شك أن هذا الاهتمام نابعٌ أولا من المعطياتِ الموضوعيّةِ لحضرموت ومؤهلاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومن إسهاماتها الحضاريّة التاريخيّة على أكثر من صعيد، وأيضا من الرؤية الاستراتيجية التي يحملها فخامة الرئيس، كمسؤول أول في الدولة، وأيضا كأكاديمي ومفكر وصاحب تجربة سياسية عريقة، ومن هنا ندرك سر اهتماماته الخاصة، المتمثلة في الزيارات المتكررة له ولرفاقه في المجلس، وأيضا توجيهاته الخاصة للحكومة بزيارتها والاطلاع على شؤونها عن قرب، وتواصله الدائم مع محافظ المحافظة، ومؤتمر حضرموت الجامع، ورؤساء المكونات السياسية والاجتماعية الأخرى والشخصيّات الاجتماعية البارزة. حضرموت محافظة السّلام والتعايش الإيجابي الخلاق، والقبول بالآخر، المحافظة التي تديرُ شؤونها بنفسِها اليوم بصورة كاملة.
في الواقع لم تحظَ محافظة أخرى بما حظيت به حضرموت من حزمة المشاريع الخدمية والتنموية خلال المرحلة السابقة من فترة مجلس القيادة الرئاسي، والتي تم إنجاز ما يقارب 60% منها، رغم الموارد الشحيحة للدولة، سواء موارد السلطة المركزية، أم موارد السلطة المحلية، ومع هذا فبرامج التنمية مستمرة، وما كان لها أن تكونَ لولا اهتماماته الشخصيّة، تعويضًا لها لما لحقها من حَيفٍ خلالَ السّنوات الماضية. وقد أشار فخامته في سياق حديثه أنّ الخيرَ واعدٌ من خلال تخصيص 20% من عائدات النفط لحضرموت، إضافة إلى حزمةٍ كبيرةٍ من المشاريع الخدمية والتنموية لها خلال الفترة القادمة، عقب تجاوز أزمة النفط الحالية.
إنّ الاستراتيجيّة الإدارية الجديدة التي يحملها رئيس مجلس القيادة الرئاسي سواء تجاه حضرموت أو غير حضرموت تأتي من واقع تجربته الشخصيّة هو، من خلال المناصب السياسية التي تقلدها سابقا، وخاصة حين كان نائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للإدارة المحلية، حيث كانت إدارة الدولة مرتبطة بنوع من البيروقراطية المركزية التي تعمل على تعقيد الأمور أكثر من تسهيلها؛ أما اليوم فلا مركزيّة في إدارةِ أيّ محافظة لشؤونها الخاصة، السلطات المحلية فيها تتمتع بكافة صلاحياتها، بموجب النص القانوني الوارد في قانون السلطة المحلية، وأيّ نص يتعارضُ معه فلا قيمة له. ويتم العمل بقانون السلطة المحلية.
هذا توجيه مباشر منه لحل إشكاليات الصّراع القائم أحيانًا بين السُّلطات المركزيّة والسُّلطات المحليّة. وعلى كل جهةٍ اليوم أن تلتزمَ العملَ وفقًا للقانون. باختصار المرحلة القادمة مرحلة المحليات والتنمية بصلاحيّاتٍ كاملة، مختلفة عن جميع مراحل الفترة السابقة.
من ناحيةٍ ثانية أيضا، وعلى الصّعيد الإقليمي يُلفت فخامته انتباهنا إلى نقطةٍ مهمة، وهي أنّ إيران ما دخلت بلدًا إلا ودمرت اقتصاده، مستشهدًا بواقع الحال في كل من: لبنان، العراق، سوريا، اليمن، ولهذا نعيشُ هذا الوضع المتردي؛ مشيرًا إلى أنه لولا جهود الحكومة الشرعيّة، وأيضا تعاون أشقائنا في المملكة العربية السعودية بدرجةٍ رئيسية، ثم الإمارات العربية المتحدة لكان الوضع أكثر سوءا. الحوثي ضرب ميناء تصدير النفط، ومنع استيراد الغاز من مارب، فتوقفت عملية التصدير، وأثر هذا التعدي السافر على الاقتصاد وعلى معيشة الناس؛ لهذا لجأت الحكومة إلى تنمية الموارد المحلية، وبلغت 400% وأيضا طلب دعم أشقائنا لموازنة الدولة.
قبل الأخير.. كان السّلام آخرَ محطةٍ توقف عندها فخامته، مؤكدًا أنه ورفاقه في المجلس قيادة سلام وحوار وتفاوض بالدرجة الأولى، ولا يريدون الخوض في غمارِ الحرب، لأن قائد المعركة قد يستطيع التحكم بطلقة الرصاص الأولى؛ لكنه لا يستطيع التحكم بالطلقة الأخيرة، فالحروبُ بطبيعتها مدمرة، ونحن قد اكتوينا كثيرًا بالحرب، وآن أوانُ السّلام، وأولى خطوات السّلام العمليّة أن يعلنَ الحوثي عن نفسه مكونًا سياسيًا، ويحتكم للصندوق الانتخابي، ويؤمن ببقية الأطراف السياسية الأخرى؛ مشيدا بدور الشعب اليمني في مناطقِ سيطرةِ الحوثي وغيرها في المقاومة لمشروع الإمامة، مؤكدا أنها سقطت وانتهت إلى غير رجعة.
أخيرًا.. الشكرُ الجزيل والتقديرُ المبجل لقيادتنا السياسيّة، التي تعملُ بجهودٍ دؤوبةٍ من أجل مصلحةِ الشّعب اليمني، ومن أجل استعادةِ الدولة وصناعة السّلام. والشكر لشعبنا اليمني العظيم الصّابر المرابط والمقاوم لأبغض جماعة سُلاليّة عبر التاريخ.