مقالات رأي

مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي: إنجازات وتحديات ورؤية مستقبلية

د. محمد الحميدي

يهدف هذا المقال، إلى استعراض ما حققه المجلس خلال الفترة الماضية، وتسليط الضوء على دور الدعم الإقليمي، وأهمية الوحدة الوطنية في تجاوز التحديات.

منذ انقلاب الميليشيا الحوثية على مؤسسات الدولة الشرعية، يواجه اليمن تحديات بالغة التعقيد؛ أدخلت البلاد مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، ونشوء النزاعات المسلحة. هذا الانقلاب الذي قادته ميليشيا قادمة من غبار التاريخ، لم يكن مجرد تغير في السلطة؛ بل كان بداية لسلسلة من الأحداث، على خلفية إرث تاريخي مزعوم؛ أدت إلى سقوط الدولة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، وزيادة معاناة الشعب اليمني، وتفاقم الأزمة الإنسانية؛ حيث يعاني الملايين جراء الانقلاب الميليشاوي، من نقص الغذاء، والدواء، وتدهور العملة الوطنية، وأصبح البلد مسرحًا لصراعات داخلية، وإقليمية تزيد من تعقيد الوضع.

في هذا السياق الصعب، جاء الإعلان الدستوري نتاجاً لحالة تتطلبها الضرورة الوطنية، ونتج عنه تأسيس مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي، وهو ما يُعد خطوة مهمة نحو استعادة مؤسسات الدولة، وتثبيت الأمن والاستقرار. ويمثل المجلس توافقًا وطنيًا يضم مختلف القوى السياسية، والمكونات الاجتماعية؛ بهدف توحيد الجهود نحو تحقيق السلام والتنمية، وهو ما يعد رمزًا للأمل الشعبي، والْلُحمة الوطنية، في وقت تشتد فيه التحديات.
اِلتقيت فخامة الرئيس رشاد العليمي في مناسبات متعددة، كان آخرها بعد توليه قيادة المجلس الرئاسي مباشرة، قبل أن تُغلق عليه الأبواب. وبطبيعة الحال من يعرف فخامته عن قرب؛ يدرك تمامًا أن هذا الانغلاق نقيضٌ لا يتشابه معه، فهو القائد الذي يعرف تمامًا، أن قوة القيادة الحقيقية تكمن في الانفتاح، والتواصل الصادق مع الشعب.
في تلك اللقاءات العديدة، كانت الانطباعات واضحة، والمعاني عميقة، تجلَّى فيها بوضوح، أن الرئيس العليمي يمتلك رؤية فريدة، وإرادة لا تتزعزع، وصفات تميزه كقائد، ليس فقط بإدارته؛ بل أيضًا بفهمه العميق لتحديات بلاده، وآمال شعبه، وطموحات تتجاوز ما قد يظهر للعيان في أروقة السياسة، والقرارات الرسمية، وله فلسفة في القيادة، مبنية على مبدأ الشفافية، والعدالة، والطموح المشروع، والإرادة الصلبة.

إذا كان هناك شيء واحد يمكن استخلاصه من تلك اللقاءات؛ فهو أن الرئيس العليمي لديه خارطة الواقع اليمني المعقد، ويدرك التحديات الجسيمة، ويمتلك تصميمًا، وإرادة لتحويل هذه المعرفة إلى خطوات فعلية، تسهم في بناء المستقبل، وتحقق تطلعات الشعب اليمني نحو السلام، والاستقرار، والازدهار.
جميعنا يعلم، أن المجلس تَوَلَّد في ظروف محلية، وإقليمية، ودولية معقدة، حيث يواجه اليمن ضغوطًا من جميع الجهات: سواءً على المستوى المحلي الذي تتفاقم فيه الظروف الاقتصادية؛ نتيجة تعنت الميليشيا الحوثية، وما يترتب عليه من عبء ثقيل في الملف الاقتصادي، وعلى جهود الحكومة في هذا الجانب، أو على المستوى الإقليمي؛ جراء التصرفات غير المسؤولة، التي تقوم بها المليشيا الحوثية، كالهجوم على سفن الملاحة الدولية في البحر الأحمر؛ ما يزيد حالة الفوضى، وعدم الاستقرار، وتفاقم الكارثة الإنسانية، وتعريض الأمن والسلم الدوليين للخطر.

في ظل هذه الأزمة، رغم ما يحمله مجلس القيادة الرئاسي من آمال الشعب اليمني، في تحقيق التغيير الإيجابي، من خلال تعزيز الأمن والاستقرار، والسعي نحو السلام، وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، ورغم ما يُظهره المجلس نت التزام بتحقيق أهدافه الوطنية، إلا أن الطريق أمامه لن يكون سهلاً، أو مفروشًا بالورود، إذ يواجه تحديات كبيرة، تتطلب جهودًا مستمرة، ودعماً إقليمياً، ودولياً متواصلاً.

لقد حقق مجلس القيادة الرئاسي بقيادة الدكتور رشاد العليمي إنجازات بارزة، في تعزيز الأمن، والاستقرار، وتقليل حدة الصراعات المسلحة في المناطق المحررة، بالإضافة إلى السعي نحو السلام، من خلال تعزيز الحوار مع مختلف الأطراف اليمنية. كما ركز المجلس على تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية عبر توفير المشتقات النفطية ودعم المشاريع التنموية؛ ما يعكس التزامه بالازدهار الاجتماعي والاقتصادي.

وعلى الرغم من هذه الإنجازات، يواجه المجلس تحديات معقدة: تشمل التعقيدات السياسية، والميدانية، والمواجهات العسكرية مع جماعة الحوثي، والتدخلات الإيرانية السافرة، التي تعرقل جهود السلام، وتفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور؛ ما يستدعي دعوة الحكومة الى مؤتمر دولي؛ لدعم الشعب اليمني؛ للتمكن من إقامة مشاريع استراتيجية، وبإشراف الأشقاء.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية، والإمارات، مثَّل دورًا محوريًا محمودًا، من خلال تقديم مساعدات اقتصادية، وإنسانية حيوية، بما في ذلك وديعة الملياري دولار المقدمة للبنك المركزي اليمني، واستمرار مركز الملك سلمان في تنفيذ مشاريع تنموية في مختلف المجالات؛ ما أسهم في تحسين الأوضاع المعيشية وتوفير المشتقات النفطية.

ورغم كل ذلك؛ فإن تحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن؛ يتطلب جهودًا مشتركة، ودعمًا إقليميًا، ودوليًا مستمرًا، حيث يعتبر الحوار والتوافق الوطني، السبيل الأمثل لتحقيق السلام المستدام، وإعادة بناء الدولة، كما يمثل مجلس القيادة الرئاسي فرصة استراتيجية لليمن؛ لتجاوز الانقسامات، والتحديات الراهنة، ومع استمرار الدعم من السعودية والإمارات؛ يمكن لليمن التطلع إلى مستقبل أكثر استقرارًا، وازدهارًا.

كما أن الوحدة الوطنية، تُعدُّ ركيزة أساسية لتجاوز التحديات الداخلية والخارجية، فهي تعزز الاستقرار السياسي، من خلال توحيد الجهود نحو هدف مشترك، وتساهم في تنسيق السياسات الاقتصادية، وتحسين مكانة اليمن الدولية، وتحقيق السلام، والتماسك الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع.

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى