النعيق في اليمن: “بين تجاذبات السلطة وتهديدات الميليشيات”
د. محمد الحميدي
أيها الناعقون، لا جديد يذكر إلا نعيقكم المتواصل الذي أصبح ديناً للبعض ولغة للآخرين، في زمن ينفضح فيه المأذونون، وتبرز الأجندات، إنهم ينطقون بالفضفضة تحت غطاء مزاعم الخرافات والمعتقدات، مرددي شعارات النضال الإلهي وقداسة الأولياء الموكلون من الله.
نحن هنا، بين مأذونيات السلطة وصراعات الأيديولوجيا، حيث المنابر المفخخة والتوظيف القاتل، وبين الرسل في الغرف المظلمة الذين يبيعون الوطن بمزاد علني، والنتيجة أننا فقدنا الوطن بين جماعات تتلاعب بالأمجاد، وتتقاذف بين الشعب والسلطة، حتى أصبح الوطن مجرد رقم في فاتورة الاستحقاقات الانتخابية.
تزداد الخطورة مع الميليشيات المسلحة والكيانات الدينية المتطرفة التي تعصف بالسلم الاجتماعي في اليمن، فهي تنمو كالسرطان في الجسم الوطني، وتسعى لفرض إرادتها بالقوة ورؤيتها المتحجرة على المجتمعات المحلية، مستغلة الصراعات الإقليمية وتصاعد الأزمات الإنسانية، ما يجبر الشعب اليمني على تحمل وطأة الفقر والدمار.
إن المرهبين، المقتنعين بأن عقيدتهم الفتاكة هي أصل رسالتهم الوطنية، أصبحوا يحملون أعلام النفاق والمزايدة، فقد أساؤوا إلى الوطن بأفعالهم، وأهانوا أنفسهم أيضاً، كنت خلال الفترات السابقة اطرح سؤالا في فضاء الله الواسع متسائلا هل يدركون إلى أي حافة وصلونا نتيجة نعيقهم المستمر؟ لقد حولوا البلاد إلى ساحة للمزايدات والشعارات، ما جعلنا نعيش تحت أعبائهم الثقيلة، حيث يتلاعبون بأقدارنا ومصالحنا كما لو أننا معدومو القيمة والمواطنة.
في زمن السخرية السياسية والأيديولوجيات المستوردة والمأساة الوطنية، نجد أنفسنا مرتعشين تحت أعباء الجمود وركام التخبط، ومع ذلك، فإن الشعب اليمني، الذي ينعى بموته سريرياً، قادر على الانتفاضة ضد هذه السخرية المدسوسة تحت غطاء الدين والوطنية، لنعيد الكرامة للوطن ولأنفسنا.