مقالات رأي

الملكة «عدن»

بقلم السفير الدكتور رياض ياسين

في زياراتي المتكررة لدول الخليج العربي
وعواصم أخرى ألتقي بالعديد من الأصدقاء
الخليجيين وكالعادة نتحاور في كل شيء، ولكن
وبدون شعور وترتيب مسبق ينسحب حديثنا إلى
عدن ماضيها وتاريخها وأحوالها اكتشفت أن
حالة النوستالجيا (الحنين إلى الماضي) ليس
قصرًا على «العدنيين» بل إن إخوتنا وأصدقاءنا
من العرب والأجانب الذين يعرفون عدن أو مروا
بها أو أخبرهم آباءهم وأجدادهم عنها يعيشون
نفس حالة الحنين لعدن مع فارق أننا نتحسر
ونعاني وهم يتذكرون بكل محبة، بل إن بعضهم
تدمع عيناه عندما يتذكر فترة مهمة من حياته
عاشها هناك ويدعون الله أن تعود على الأقل كما
كانت.

تطورت دبي وأبوظبي والدوحة والشارقة وجدة
وتدحرجت عدن إلى ما تحت الصفر!
في مثل هذه الأيام وقبل سبعين سنة (26-29
أبريا، 1954 قامت الملكة اليزابيث الثانية بزيارة
تاريخية إلى عدن وهي الأولى لمدينة في الشرق
الأوسط، دشنت فيها مشاريع تنموية و حيوية
هامة، مثل مستشفى الملكة في خورمكسر ومصافي
الزيت في البريقة وعدد من المدارس والبنى
التحتية وأكرمت عددًا من أبناء المنطقة وبينهم
نساء، وفي مثل هذه الأيام في عام 2014 أقمنا
احتفالًا رمزيًا في فندق ميركيور خورمكسر،
المناسبة مرور ستين عامًا على هذه الزيارة ولم
يكن الهدف منها تمجيد ملكة بريطانيا العظمى
كما اتهمنا حينها وبعدها من بعض المزايدين
ولكن الهدف هو توعية وإبراز أهمية هذه المدينة
الاستراتيجية الجميلة التي جار عليها الحاقدون
وأثخنها الأوباش بالجراح وعلى أمل أن تستعيد
عافيتها ومكانتها بعد طول معاناة وصبر ولكن
ما حصل بعد أشهر قليلة إن فندق ميركيور تم
قصفه و تدميره من قبل المليشيات الحوثية
العفاشية عند محاولتها الفاشلة للسيطرة المطلقة
على أجمل المدن على الأقل في نظر كل من سكنها
وسكنته.

أخبرني صديق قطري أن الشرطة في الدوحة
تأسست على أيادي العدنيين وأعرف أن الخطوط
الجوية الكويتية كذلك والنظام البنكي في
البحرين وفي الإمارات والسعودية الكثير من
الروابط و تفاصيل التفاصيل المليئة بالحب
والتقدير المتبادل.

الله يرحم الملكة إليزابيث ولا يسامح أولئك الذين
كفروا أبناء الجنوب ودمروا عدن.

ستعود «عدن» ملكة لجميع من يحبونها.

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى