مقالات رأي

إيطاليا وليبيا.. ”استعمار” متواصل ونهب مستمر للثروات

عبدالرحيم الرومي

تتمتع ليبيا بموقع استراتيجي رائع على سواحل البحر الأبيض المتوسط. هذا الموقع الاستراتيجي للبلاد جعلها تحتل المركز الأول كأكبر مالك لاحتياطي النفط في أفريقيا، إذ تستحوذ على حوالي 2.8% من الاحتياط العالمي للنفط. ليس هذا فحسب، فقدرتها الهائلة على إنتاج الغاز الطبيعي يجعلها تحتل المرتبة الخامسة بين دول إفريقيا، حيث تبلغ احتياطاتها المذهلة من الغاز حوالي 1.4 تريليون متر مكعب. ليبيا بالفعل تمتلك ثروات هائلة.

لكن هذه الثروات جعلت ليبيا محط اهتمام الدول الغربية المهووسة بالنفط. إيطاليا تعتبر واحدة من الدول الأكثر تعطشا للنفط الليبي، وتسعى باستمرار للحصول على حقول نفطية من خلال توقيع اتفاقيات مشبوهة في قطاع الطاقة مع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.
وفي مطلع هذا العام، وبالتحديد في يناير 2024، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة، عن جاهزيتهم لتوقيع اتفاقية مع ثلاثة شركات أجنبية للاستثمار وتطوير حقل النفط في حمادة. يقع هذا الحقل جنوب العاصمة طرابلس وينتج حوالي 8 آلاف برميل يوميًا، وعلى رأس هذه الشركات شركة إيني الإيطالية.
هذا القرار أثار غضباً كبيراً في ليبيا، حيث عبر المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب عن رفضهما لهذا القرار حيث يرونه تفريطاً في مقدرات البلاد وانتهاكاً للتشريعات الوطنية. يعتقدون أن هذه الاتفاقية تسمح لشركات أجنبية بالتصرف في نسبة كبيرة من إنتاج الحقل, مما ينذر بانتهاك موارد البلاد.
بعد زيارة الدبيبة للإمارات لحضور القمة العالمية للحكومات، تجدد الحديث حول صفقة “التفريط في الموارد النفطية الليبية”. وفقًا للتسريبات داخل الوفد المرافق للدبيبة، عُقد اجتماع على هامش الندوات جمع بين عبد الحميد الدبيبة ورئيس شركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسالزي.
وفقًا لأحد أعضاء الوفد، تقدم كلاوديو ديسالزي من شركة إيني بعرض قيمته 125 مليون دولار للدبيبة لضمان إتمام الاتفاقية ومنح شركة إيني حقوق تطوير واستخراج النفط من حقل حمادة الحمراء في ليبيا. و يجدر بالذكر أن هذا ليس المرة الأولى التي تسعى فيها شركة إيني للاستحواذ على حقول النفط الليبية.
في يناير 2023، وقعت شركة إيني اتفاقية مع حكومة الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط لتطوير حقلي غاز في البحر المتوسط. هذه الاتفاقية أثارت جدلاً واسعًا في ليبيا مشابهاً لاتفاقية حقل حمادة الحمراء لأنها تتعارض مع قوانين تأسيس المؤسسة وقانون رقم 25 لعام 1955 والقرار رقم 10 لعام 1970. وفقًا لتلك القوانين، يتطلب زيادة حصة الشريك الأجنبي الموافقة المسبقة من وزارة النفط.
الخبراء في الشأن الليبي يرون أن إيطاليا لا تستوعب حقيقة استعادة ليبيا استقلالها من الاستعمار الإيطالي في 24 ديسمبر 1951. منذ قصف حلف الناتو لليبيا في عام 2011 وسقوط حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، تسعى إيطاليا لزيادة نفوذها من خلال الاستيلاء على ثروات الشعب الليبي. ويعتقدون أن رئيس الحكومة الليبية الوحدوية عبد الحميد الدبيبة هو الشخص المناسب لتحقيق مصالحهم.

تعليقات الفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى