من ديغول إلى العليمي .. حتمية استعادة الوطن وطريقه الطويل..
مصطفۍ محمود
قد لا يكون التاريخ يكرر نفسه، ولكنه بكل تأكيد يمتلك ثوابت تتكرر من فترة إلى أخرى، وتترك بصمتها على مصير الأمم والشعوب، وتترك دروسا تستحق أن تدرس بعناية، فمن لا يفهم تاريخه وتاريخ الآخرين لا يستطيع أن يشارك في صناعة مستقبله.. ثمة شخصيتان وحدثان متشابهان حد التطباق الاولى سجلها التاريخ منتصف القرن العشرين في فرنسان مع الجنرال الفرنسي ديغول.. والحدث الاخر في اليمن مع الرئيس رشاد العليمي يدونها التاريخ بديات القرن الواحد والعشرين الشخصيتان والحدثان مشدودان بخيط رفيع وقوي في آن، هو خيط “الحكمة التاريخية” التي تصلح أن تدرس في كل وقت وفي كل مكان،
خرج المرشال الفرنسي ديغول من بلاده فرنسا الۍ لندن هربا من النازيه الالمانيه مكث في لندن فتره. ثم اختاره تشرشل ان يقود الفرنسيين لمقاومةالنازية في احلك ظروف فرنسا انهيارا وشتاتا وتمزق… ثم دخل ديغول التاريخ يوم 18 يونيو من عام 1940 عندما وجه نداءه الشهير الى الشعب الفرنسي قائلاً : »أيها الفرنسيون لقد خسرنا معركة ولكننا لم نخسر الحرب وسوف نناضل حتى نحرر بلدنا الحبيب من نير الاحتلال الجاثم على صدره«. وهناك في لندن راح الجنرال ديغول يشكل في المنفى حكومة فرنسا الحرة، وهكذا أصبحت لفرنسا حكومتان: الأولى برئاسة الماريشال بيتان ومقرها في مدينة »فيشي« وهي عميلة للألمان. والثانية في المنفى الانجليزي برئاسة ديغول وهي مضادة لأي تعامل مع المحتل، وعندئذ انقسمت فرنسا الى قسمين قسم مد يداً للمارشال وقسم مؤيد للجنرال، وسوف ينعكس ذلك على تاريخ فرنسا اللاحق كله.
بعد اجتياح النازيه الحوثيه للعاصمه صنعاء واسقاط الدوله خرج الرئيس العليمي من بلاده اليمن الۍ الرياض العاصمه السعوديه ومكث فيها سنوات. وعندما وصلت اليمن الۍ افق مسدود توافقت القوۍ اليمنيه المقاومه للنازيه الحوثيه علۍ اختيار رشاد العليمي رئيسا للجمهوريه على ان يقود عمليه انقاذ اليمن في ظل حكومتان
: الأولى حاكمها عبدالملك الحوثي ومقرها في صنعاء وهي عميلة لأيران .. والثانية في عدن وفي المنفى الرياض برئاسة العليمي وهي مضادة لأي تعامل مع النازبه الحوثيه.
في أثناء الحرب اتفق ديغول مع تشرشل على ان يدفع له هذا الأخير مبالغ ضخمة من أجل تسيير حكومته في المنفى وتنظيم أعمال المقاومة في الداخل، منها علۍ سبيل الهبات ومنها قروض قام بسدادها فيمابعد الجنرال ديغول
عقب تولي العليمي رئاسه البلاد كان الحوثي قد مزق الاقتصاد وغدت القيميه الفعليه للريال اليمني في حالة تدهور مريع طلب العليمي من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان ان يرفد ميزان المدفوعات بمبالغ ضخمه من اجل استقرار الاقتصاد اليمني وعمل العليمي لليل نهار من اجل ايقاف تدهور العمله .ثم بدا بعمليه تثبيت سعرها في حد معين.
واجه ديغول.. حرب ظالمه من بعض القوۍ وفصائل المقاومه الفرنسيه التي كان قائدها وكانت تبث الاشاعات ضده داخل صفوف المقاومه متهمه اياه انه عميل لتشرشل ينفذ مخططاته وتوجيهاته. لتقسيم فرنساوانه يعمل طبقا لتوجيهات بريطانيا .. وكانت تروج هذه الاشاعات في اوساط الشعب الفرنسي المؤيد لديغول ان هدف بريطانيا هو ان يتم تحرير فرنسا من الألمان بدماء الفرنسيين ثم يسلمها ديغول لبريطانيا. بشكل غيرمباشر.
يواجه الرئيس العليمي حرب اعلاميه شعوا من كل اتجاه إذ تناسقت الجوقة الإعلامية العنيفة ضده وإجماعها المتشابه في الأداة والعبارة من قبل أطراف مختلفة ومتناقضة ومتصارعة ومتناحرة، يطرح بالضرورة السؤال المتعلق بالغاية القائمة من وراءها. إذ ماهو الشيء الذي يجمع الحوثي والاصلاحي والانتقالي واولاد توكل كرمان والاشتراكي والليبرالي وتنظيم القاعده وداعش والهاشميه السياسيه.. واولاد سلطنة عمان وجمهوريه ايران الفارسيه واسرائيل اليهوديه وبعض الدول العربيه ؟.. هل هو حب اليمن مثلاَ..
الانكي من ذلك هو ان الماريشال بيتان رئيس الحكومة العميلة في فرنسا راح ينظم محاكمة غيابية لديغول بتهمة الخيانة العظمى! وقد حكموا عليه بالإعدام غيابياً، ونلاحظ ان الأمور سوف تنعكس بعد ذلك بأربع سنوات عندما يعود ديغول ظافراً الى البلاد ومحرراً لباريس، وعندئذ راح هو الذي يتهم بيتان بالخيانة العظمى ويحكم عليه بالاعدام ولكن دون تنفيذ الحكم نظراً لكبر سنة،
فقد كان قد تجاوز التسعين.
يتبع..