كلمة فخامة الرئيس رشاد العليمي.. أبعاد إقليمية وعربية
د. ثابت الأحمدي
تابعتُ ــ كغيري ــ كلمة فخامة رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي ــ يحفظه الله ــ أمام مؤتمر القمة العربية في الجزائر1 – 2 نوفمبر 2022م، وقد كان موفقا في طرح قضيتنا اليمنية على طاولة المؤتمر، ووضع النقاط على الحروف في مكاشفة الأخوة الأشقاء العرب بحقيقة الوضع الذي آلت إليه المرحلة الأخيرة، بسبب تصلب مليشيا الحوثي الإرهابية ورفضها لتقديم أي تنازل من أجل الشعب اليمني، رغم الجهود المبذولة إقليميا ودوليا في ذلك؛ مشيرا في سياق حديثه إلى مسار جديد في التعاطي مع هذه الجماعة المليشياوية المرتهنة لإيران الخمينية تم اتخاذه مؤخرا، وهو تصنيفها منظمة إرهابية؛ داعيا الأشقاء العرب إلى تصنيف هذه الجماعة منظمة إرهابية “بناء على الوقائع، وتأكيدًا على قرارِ مجلس الجامعة رقم 8725، على مستوى المندوبين الدائمين، الصادر بتاريخ 23 يناير من العام الجاري، والمصادق عليه في وقت لاحق من قبل المجلس الوزاري الذي يطالب الدول كافة بتصنيف هذه الجماعة منظمة إرهابية”.
وفي الحقيقة فإنّ تصنيفَ مليشيا الحوثي منظمة إرهابية هو القرار الصّحيح الذي تأخر سنوات ولم يستطع الرئيس السابق ومعاونوه المقربون إنجازه، لحساباتٍ تخصهم، رغم المناشدات والدعوات الملحة بذلك، حتى كانت الخطوة الصحيحة من قبل المجلس الرئاسي، التي تعتبر من أوائل قراراته الجمهورية، وهو قرارٌ له ما بعده لا شك، ويعكسُ ــ فيما يعكسُ ــ عمق الرؤية الاستراتيجية البعيدة، والمعرفة الحقيقية من قبل فخامته بجوهر القضية اليمنية وأبعادها السياسية والتاريخية والثقافية. ولم يتوقف الأمر عند مجرد تصنيف هذه المليشيا منظمة إرهابية؛ بل لقد عمل فخامته على تصدير الفكرة خارجيا، فرحبت كثيرٌ من الدول بهذا القرار التاريخي، وها هو اليوم في واحدٍ من أكبرِ المحافل العربيةِ يعرضُ قضيتنا اليمنية أمامه بجميع أبعادها.
يدرك فخامة رئيس المجلس الرئاسي ــ وهو الأكاديمي وعالم الاجتماع ورجل الأمن والسياسي المُجرب ــ حقيقة المعركة التاريخية بين المليشيا الحوثية واليمنيين، هذه المليشيا التي “تسببت في مقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني، بينهم نساء واطفال، وشردت حوالي خمسة ملايين آخرين في أنحاء البلاد وعبر الأقطار والقارات، وزرعت ملايين الألغام والعبوات والمتفجرات المحرمة دوليا، ودفعت بآلاف الأطفال والشباب جنودًا إلى محارقِ الموت، وشرعت في تجريف هُوُيتنا الوطنية، وسحقت الحقوق والمكاسب المجتمعية، ومناخ التعايش والتعدد الذي ساد بلدنا على مرِّ التاريخ”.
لقد احتلت القضية اليمنية ما يزيدُ عن ثلثي كلمة فخامته في المؤتمر؛ مستعرضًا إياها من جميع الجوانب، حرصا منه على أن تتضح الرؤية لدى الأشقاء العرب كاملة عن حقيقة مليشيا الحوثي الإرهابية التي تحاول أن تُظهر نفسها جماعة مدنية سلمية، فيما هي في حقيقتها إرهابية دموية، وإضافة إلى كلمته فقد كان حريصا على نقل حقيقتها أيضا خلال لقاءاته الخاصة برؤساء وفود الدول العربية المشاركة في المؤتمر، وهي جهود تحسب لفخامته وللفريق المرافق له.
إلى جانب القضية اليمنية كانت القضية الفلسطينية التي أخذت جزءا من حديثه، إضافة إلى القضية العالمية في أوكرانيا، والتي أثرت سلبا على أوضاع كثير من الدول.
وبالجملة، فإن التحركات السريعة والنشطة لفخامته خلال الفترة الأخيرة قد لاقت استحسان الجمهور اليمني والنخبة الثقافية والسياسية المهتمة والمتابعة، مؤملين كثيرا على حنكة وحكمة المجلس الرئاسي، وعلى دعم الأشقاء في دول التحالف العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية الحاضرة بقوة إلى جانب الشعب اليمني من بداية الانقلاب وحتى اليوم.