مقاربات يمنية تنادي بـ«عمليات عسكرية حاسمة» لإنهاء الإرهاب الحوثي
تصعيد مستمر واعتداءات إرهابية على الأعيان المدنية في الداخل اليمني وجواره، طائرات مسيرة مفخخة وصواريخ باليستية، تصعيد حوثي دفع «الشرق الأوسط» إلى استمزاج باحثين وسياسيين يمنيين، دعوا في مقارباتهم إلى أن الإرهاب الحوثي يحتاج «عمليات عسكرية حاسمة»، بدءاً من استعادة موانئ الحديدة وإطلاق مختلف الجبهات القتالية وصولاً إلى صنعاء.
هذه الدعوات المقترحة واكبها يقين متزايد في الشارع السياسي اليمني بأن الميليشيات الحوثية ومن ورائها إيران لن ترضخ أبداً للمساعي الأممية والدولية الرامية إلى إحلال السلام، إذ إنها تراهن على قوة السلام للاستمرار في اختطاف الدولة اليمنية وتجذير المشروع الإيراني في جنوب الجزيرة العربية بما في ذلك تمكين طهران من التحكم بحركة الملاحة في البحر الأحمر.
شرعت تجارب السنوات الماضية في تشكيل عناوين لسرديات الحرب، أبرزها هو أن التنديد الدولي والأممي بالهجمات الإرهابية الحوثية، لن يكون كافياً لردع الجماعة الانقلابية، التي قال الباحثون والسياسيون إنها «لا تعير أي اهتمام بمثل هذه البيانات، خصوصاً أنها باتت ترى فيها نوعاً من الضعف الدولي والتراخي المحرض على ارتكاب المزيد من الهجمات».
تحرير الحديدة
«الاستمرار على الاستراتيجية المتبعة من قبل المجتمع الدولي في التعاطي مع الملف اليمني بهذه الطريقة لن يحقق السلام وسيزيد التصعيد من قبل الميليشيات الإرهابية لاستهداف الأعيان المدنية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة». هذا ما قاله وكيل وزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان، الذي جزم في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التصعيد الإرهابي للميليشيات ضد الأعيان المدنية في اليمن والسعودية وضد الملاحة الدولية لن يتوقف إلا «من خلال عملية عسكرية يتم من خلالها تحرير موانئ الحديدة التي تستخدم كممرات لتهريب الأسلحة النوعية والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والقوارب المفخخة القادمة من طهران، وتجاهل أصوات المنظمات الأممية التي تخدم الميليشيات الحوثية تحت لافتة الأعمال الإنسانية والمساعدات».
يضيف النعمان: «سبع سنوات مرت ولا تزال إيران تخترق القرارات الدولية في تهريب الأسلحة للميليشيات الإرهابية الحوثية في ظل غياب الإجراءات الرادعة للأمم المتحدة وعدم تحقيق أي تقدم في مسار الحل السياسي للأزمة اليمنية رغم التوصل إلى اتفاق استوكهولم الذي ظل على مدى ثلاث سنوات حبراً على ورق ولم ينفذ منه شيء واستخدمته الميليشيات كغطاء لاستمرار أعمالها الإرهابية ضد اليمنيين ودور الجوار».
ويعتقد الوكيل أن الحل الأنسب لإيقاف الإرهاب الحوثي هو «تفعيل كل الجبهات العسكرية وهو ما سيعمل على كسر الميليشيات الحوثية وإنهاء قدراتها العسكرية وقطع تدفق الأسلحة إليها وهي أولى خطوات تحقيق السلام في الأزمة اليمنية».
قطع الإمداد واستهداف الخبراء
يستعرض الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل مراحل تنامي القدرات الإرهابية للحوثيين، ويقترح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» منع تدفق الأسلحة إلى الميليشيات واستهداف خبراء الصواريخ والطائرات المسيرة من عناصر الجماعة.
ويقول الجليل: «بين فترة وأخرى يتضح لنا وللعالم أن الميليشيات الحوثية تطور من قدراتها وإمكانياتها النوعية لاستهداف أمن المنطقة، فبعد أن ظلت لفترة طويلة لا تستطيع استخدام الصواريخ الباليستية الموجودة في ترسانة الجيش اليمني التي استولت عليها، بسبب عدم مقدرتها على إخراج عربات وبطاريات هذه الصواريخ من مخابئها واستخدامها؛ ثم وجدناها فجأة قادرة على ذلك، ولاحقاً تمكنت من تطوير مدى هذه الصواريخ لتستهدف مناطق ومدناً في المملكة العربية السعودية بعيداً عن الحدود اليمنية وعن أماكن الإطلاق».
ويضيف: «ظهرت بعد ذلك الطائرات المسيرة التي ظن الجميع أنها مجرد ألعاب أطفال عادية أو طائرات من تلك المستخدمة للتصوير؛ لنكتشف أن الميليشيا تمتلك طائرات مسيرة نوعية لديها القدرة على الطيران مسافات طويلة وحمل متفجرات ثقيلة أو شديدة الانفجار وضرب أهداف بعيدة، وبرغم كل هذا لم يتوقع أحد أن لديها إمكانية لاستهداف الإمارات العربية المتحدة نظراً لبعدها الجغرافي عن اليمن وعن مناطق سيطرة الميليشيا، إلا أن الميليشيا فعلت ذلك مؤخراً وبشكل فاجأ الجميع».
إزاء التصاعد في قدرات الميليشيا على امتلاك أسلحة نوعية واستخدامها في استهداف الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية، وأعمال القرصنة البحرية وزراعة الألغام في البحر الأحمر؛ يرى الجليل أن «الحلول المثالية لوقف هذا التصعيد ومنع ذلك التطور القدراتي؛ يتمثل في توجيه ضربات عسكرية حاسمة تستهدف مخازن هذه الميليشيا، وقطع طرق التهريب عنها، ومراقبة كافة المنافذ والموانئ التي تنقل البضائع والمؤن إلى مناطق سيطرة الميليشيا». ويشدد على أنه «لا بد من الرقابة الشديدة على السفن التي تصل إلى ميناء الحديدة، وتمشيط كافة المناطق التي تمر بها طرق التهريب من اتجاه الشرق، والمقصود هنا المناطق الصحراوية من المهرة وحتى مأرب والجوف».
ويؤكد وضاح الجليل أنه «لم يعد بالإمكان التعويل على المجتمع الدولي في فرض عقوبات على هذه الميليشيا؛ وأن على التحالف الداعم للشرعية التصرف في هذا الشأن، وتوسيع جهوده في قطع كافة سبل وطرق إمداد الحوثي، واستهداف القادة والخبراء العاملين على هذه الأسلحة وتطويرها وإطلاقها».
المحلل السياسي اليمني الدكتور عبد الملك اليوسفي، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الحل يكمن في إطلاق معركة شاملة تقضي على القدرات الإرهابية للميليشيات الحوثية، ويعتقد أن التحالف الداعم للشرعية «يسير بخطى مدروسة لمواجهة الإرهاب الحوثي».
ويؤكد أن «التعامل المباشر مع مصادر التهديد من خلال الطيران باستهداف منصات إطلاق الصواريخ وورش الطائرات المسيرة خط استجابة مباشرة ومشروعة» كما يرى أن «التصعيد الدبلوماسي نحو تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية وكيان إرهاب دولي خطوة في الاتجاه الصحيح».
ومع ذلك يعتقد اليوسفي «أن الوصفة الناجعة لوقف الإرهاب الحوثي تكون عبر معركة شاملة متعددة المحاور يكون هدفها الواضح تحرير صنعاء وصعدة وبتر ذراع الإرهاب الإيراني وفرض شروط المنتصر كما فعل العالم الحر مع النازية».
خارج معادلة السياسة
«الميليشيات الحوثية باتت خارج أي معادلة سياسية محتملة»، يقول المحلل السياسي اليمني محمد المخلافي لـ«الشرق الأوسط» إن التصعيد الحوثي المستمر يؤكد أن «التصعيد المتواصل من قبل الحوثي بالهجوم الانتحاري المكثف لاحتلال محافظة مأرب طوال عام ٢٠٢١ والصواريخ التي تضاعف عددها مرتين باتجاه الأعيان المدنية في المملكة واليمن على حد سواء أثناء العام ذاته وبالتزامن مع عدة مبادرات أممية ودولية وإقليمية تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار دون قيد أو شرط والعودة إلى طاولة الحوار، كلها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الحوثي خارج معادلة الحل السياسي في اليمن».
بوصلة الجماعة الحوثية تتجه فقط إلى طهران ومصالحها باستمرار، فضلاً عن أنها «تفتقر إلى أي مشروع وطني ذي عناوين يمكن التفاوض عليها كقاعدة مشتركة مع بقية القوى الفاعلة»، وكل ذلك – بحسب المخلافي» يجعل تصور أي حل سياسي مع قادة الميليشيات المرتهنة للمزاج الإيراني ضرباً من الخيال، إلا في حالة كان الحوار مع طهران وبشكل مباشر عبر صفقة ما وهذا السيناريو يحتاج إلى ضمانات كبيرة لا تمتلكها طهران ذاتها فكيف بالحوثيين».