مسعد الهاملي
تواجه اليمن منذ سنوات تحديات سياسية واجتماعية معقدة بسبب الانقسامات بين القوى السياسية المختلفة. الحوثي، الإصلاحي، الناصري، المؤتمري، الاشتراكي، الانتقالي وغيرهم، جميعهم يدّعون السعي لتحقيق مصالح الشعب، لكن الحقيقة المؤلمة تكمن في أن هذا التعدد أصبح ساحة صراع بدلًا من أن يكون مصدر غنى وتنوع. هذا الواقع يفرض الحاجة إلى مرجعية وطنية عليا تستطيع جمع هذه القوى تحت مظلة واحدة.
القومية اليمنية: مشروع جامع
إن القومية اليمنية ليست مجرد فكرة أيديولوجية، بل هي مشروع جامع يمكن أن يكون أساسًا لبناء دولة قوية وعادلة. القومية اليمنية تستمد قوتها من عمق التاريخ اليمني وثقافته العريقة، وتعمل على تعزيز الهوية الوطنية التي توحّد الجميع تحت مبدأ “اليمن أولاً”. هذا المشروع لا يلغي التنوع السياسي أو الثقافي، بل يحتضنه ضمن إطار يحترم سيادة القانون والدستور الذي يضمن حقوق الجميع.
الدستور وسيادة القانون كركيزة أساسية
إن أي مرجعية وطنية لا يمكن أن تنجح دون الالتزام بسيادة القانون والدستور. فالدستور هو العقد الاجتماعي الذي يضمن العدالة والمساواة للجميع، ويمنع أي قوة سياسية أو عسكرية من الاستفراد بالسلطة. القومية اليمنية، إذا اعتمدت هذا المبدأ، ستصبح الحاضنة التي توفر الأمن والاستقرار، حيث يتم احترام التنوع السياسي، وتُدار الخلافات بطريقة حضارية.
احتواء المكونات السياسية المختلفة
القومية اليمنية يمكن أن تكون حلاً جذريًا للخلافات، إذا استطاعت تقديم مشروع سياسي واضح يُلزم جميع الأطراف بالعمل وفقًا لمصلحة الوطن. يجب أن يكون هذا المشروع مبنيًا على التفاهم والتوافق، حيث لا يتم تهميش أو إقصاء أي طرف. وعبر هذا النهج، ستتحقق الشراكة الوطنية التي تُترجم إلى تقدم اقتصادي، واستقرار اجتماعي، وسيادة سياسية كاملة.
دور الشعب في تحقيق القومية اليمنية
الشعب اليمني هو الركيزة الأساسية في نجاح هذا المشروع. يجب أن يدرك المواطن اليمني أن الحل يبدأ منه، من خلال رفض الانقسامات والتعصب الحزبي أو الطائفي، والالتفاف حول مشروع قومي جامع. الوعي الوطني يجب أن يُبنى على فهم مشترك بأن مصلحة اليمن تتجاوز المصالح الفردية أو الحزبية.
الخاتمة
القومية اليمنية ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي ضرورة تفرضها الظروف الراهنة. فهي المخرج الوحيد من دوامة الصراعات التي أنهكت اليمن وأهله. بتوحيد الصفوف حول مرجعية وطنية عليا تقوم على سيادة القانون والدستور، يمكن لليمن أن يستعيد مكانته التاريخية كدولة حضارية عظيمة، ويحظى أبناؤه بمستقبل مشرق يسوده العدل والكرامة.