الدولة ومواجهة الفساد
استبشر كل اليمنيون خيراً وأملاً في تحقيق حلماً انتظروه طويلاً “مكافحة الفساد” عندما وجدوا توجه الدولة اليمنية الجاد والصادق ومن أعلى هرم فيها، رئيس واعضاء مجلس القيادة، بإطلاق وانطلاق معركة مكافحة الفساد، من خلال توجيهات حاسمة وصارمة، في احالة بعض ملفات الفساد للجهات المختصة، وإقالة بعض الفاسدين، لقد وجد المؤمنون بدولة الجمهورية، أنها توجيهات ليست للاستهلاك، ولا للتخدير، كما يضن بعض المرجفين.
فهي تعبير واضح عن صدق التوجه لمعركة الحسم، لاستئصال مشروع الإمامة، لأنه كلما تأخرت معركة مواجهة الفساد، تأخرت معركة الحسم، وهزيمة الإمامة ومشروعها، كما تتأخر معها معركة بناء الدولة اليمنية، فالفساد هو بلاء اليمن ونكبته، فهو الذي يوصل السلاح لمليشيا الارهاب في صنعاء، ويمدها بالحياة والبقاء، وهو الذي يمنع بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة، وهو الذي يمنع تحصيل موارد الدولة لبنكها المركزي، وهو الذي يمنع الخدمات ورفع معانات الناس.
ولذلك فواجب الجميع اليوم، مسؤولين وأحزاب، ومكونات وشعب، دعم ومباركة جهود محاربة الفساد، والوقوف معها وتأييدها، للخروج من دائرة المعانات والخذلان وعدم الحسم.
وبداهة فإن العمل الحكومي بكل مؤسساته، هو عمل بين رئيس ومرؤوس، محكوم بالدستور والقانون، وروح المسؤولية، وسلطة الضمير، وخضوع المرؤوس للرئيس، والحكومة برئيسها ووزرائها، هم سلطة تنفيذية، محكومة ومسؤولة، أمام مجلس القيادة الرئاسي ممثلاً بفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، فالحكومة اختيرت وتم تكليفها لتنفيذ استراتيجية استعادة الدولة، وحل مشكلات الناس ومعاناتهم، وهزيمة المشروع الإمامي، الذي تقوده مليشيا الحوثي الارهابية، المدعومة من إيران، ومكلفة بتوجيهات فخامته الأخيرة بمحاربة الفساد، ورفع معانات الناس، وأدت قسمها أمامه على هذه الأسس.
ولذلك فإن توجيهات فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، الأخيرة بمواجهة الفساد، والمدعومة من إخوانه في مجلس القيادة، تُمثل إرادة سياسية صادقة وحازمة وحاسمة، وتحظى بدعم تحالف دعم الشرعية، بقيادتي المملكة والإمارات، وكذلك بدعم الدول الصديقة، المانحة والداعمة لليمن، لإدراك الجميع بأن الفساد معيق لمشروع بناء الدولة، وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، وإسقاط المشروع الإيراني وأداته الحوثية في اليمن.
فالفساد وباء مستشري على أصعدة مختلفة، وثقافة مُكَوِّنَة عند البعض.
والفساد في قطاع النفط كنموذج، ومن خلال ما يقوله المختصون، يعد من أخطر أنواع الفساد على اليمن، فهو تدمير لثروة اليمن ومستقبلها، ليس فقط الثروة النفطية من خلال تدمير الحقول والإهمال في مراحل الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، ومخالفة القوانين، والعمل خارج المعايير الفنية والرقابية، بل هو تدمير لثروة اليمن “الإنسان” بتدمير صحّته وبيئته، وكذلك تدمير الثروة الغازية والمائية، والزراعية، فلا أحد يعرف كيف تتم العقود مع الشركات، ولا كيف تتم عمليات البيع، ولا عمليات الاستكشاف، والاستخراج، وعمليات الحقن وبأي مواد، ولا ما هو أثر ذلك على البيئة والصحة، والأرض والمياه الجوفية.
فالفساد في قطاع النفط، يتم بعدة طرق إما بالتلاعب بالعقود، أو بعقد الصفقات لتسهيل أعمال الشركات لتكسب مئات الملايين على حساب الحكومة، وإما بالبيع بأسعار لا تتناسب مع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وإما بعدم كتابة العقود بطريقة قانونية وفنية ومهنية محترفة، تحفظ حقوق الدولة وثرواتها، وإما بعدم التقيد بأحكام العقود والأعمال التي تقوم بها الشركات للتنصل من أي تبعات تختص بالبيئة والمحافظة على المكمن النفطي، وإما بإنشاء شركات من الباطن، أو تنفيذ عقود وهمية، ولهذا يجب الكشف عن كل العقود التي تتم بين هيئة استكشاف النفط، والشركات العاملة، وتقييم عقود شركات الباطن التي وقعتها شركتي صافر وبترو مسيلة، وأن يتم تعيين مختصين نزيهين ذوي خبرات، في مجالات التعاقد، وهيئات الرقابة ومكافحة الفساد، والاستفادة من الخبرات الإقليمية والدولية في الحفاظ على الثروات النفطية.
وفي هذا السياق برز للإعلام جدلاً واسعاً حول قضايا فساد في النفط، نشرها الإعلام، منها ما تعلق بمخالفات بترو مسيلة، وشركاتها الوهمية الغير خاضعة للدولة في الخارج، وكذلك تبادل مراسلات تحوي توجيهات متناقضة لرئيس الحكومة والوزير المختص لقطاع النفط، تزامنت هذه المعلومات المنشورة، مع اللحظة الفارقة والحاسمة، المرافقة لتوجيهات وقرارات فخامة الرئيس العليمي في مواجهة الفساد، والتوجه معاً لهزيمة المشروع الإمامي وبناء الدولة.
ويربط الكثيرون هذا التناقض والنشر بالفساد في قطاع النفط ومعركة مواجهته، التي هي المقدمة لهزيمة الإمامة وبناء الدولة.
فالمعروف عند أهل الاختصاص في قطاع النفط، أنه لا تتم أي عملية بيع او أستلام، بين وزارة النفط وأي شركه مشغله، لحقل من الحقول، دون تقيم لحالة الحقل الانتاجيه، وتقييم التأثير على الصحة والبيئة، ودون معرفة وتقييم حقوق واستحقاقات الدولة، وحقوق الموظفين في الشركة ومتعاقدي الباطن، فأي توجيهات وتصرفات لا تضع ما سبق في حسبانها هي مخالفة للدستور ولقوانين وزارة النفط، وإتفاقيات الشراكه بين الحكومه والشركات المشغله للحقول ولذلك فهي فساد.
الجميع اليوم يعلمون أن الفساد هو ألد أعداء الشرعية، فهو سبب عدم الحسم في كل معاركها، من معركة مواجهة مشروع الإمامة وتأجيل النصر، إلى منع الاستقرار والتنمية، وعدم معالجة معانات الناس، ومنع بناء الدولة.
مطلوب من معالي دولة رئيس الحكومة قول فصل في هذه التوجيهات المتضاربة والمتناقضة، أو قول حسم، من مجلس القيادة بقيادة فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، فلم يعد لدى الشعب اليمني مجال للصبر والمعاناة والسكوت.
خلاصة الخلاصة.
نحن في موقف ينطبق عليه القول بأن العزم في الحزم والحسم، مطلوب في الجرائم ضد الدولة، وهو أساس النصر والعدل، وبناء الدولة، وأن التخاذل والمحسوبية في الجرائم ضد الدولة، تفريط وهدم للدولة، ولا اعتقد أن فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، وإخوانه في مجلس القيادة الرئاسي، يقبلون أن يسجل عليهم التاريخ موقفا يعارض العزم والحزم والحسم، في مواجهة الجرائم ضد الدولة، وعلى رأسها جريمتي الإمامة والفساد، فلا أحد يمتلك ترف الوقت في معركة مواجهة الإمامة والفساد .
جمعتكم عزم بحزم وحسم.
د عبده سعيد المغلس
٢٤-١-٢٠٢٥