يوم الوعل اليمني: رمز الهوية اليمنية وإحياء الأمجاد
القيل/ عبدالله المعالم
يوم الوعل اليمني هو مناسبة قومية تحمل في طياتها أبعاداً تاريخية وثقافية وبيئية، تستهدف إعادة ربط اليمنيين بجذورهم العريقة وترسيخ هويتهم الوطنية التي تعرضت للتشويه على مر العصور. هذا اليوم الذي أُقرَّ ضمن سلسلة الأيام القومية للأقيال في نهاية عام 2021، جاء كخطوة واعية لإحياء رموز الحضارة اليمنية التي تُعدّ من أقدم وأعرق الحضارات في التاريخ الإنساني.
الوعل اليمني، ذلك الكائن الذي ارتبط بوجدان الأجداد ونقوشهم، كان شاهداً على عظمة اليمن القديم. لقد مثّل رمزاً للقوة والصمود، وتجسد في المعابد والنقوش كعلامة على التقديس والاحترام. حضوره في تاريخ اليمن لم يكن مجرد صدفة، بل يعكس ارتباط اليمنيين بالطبيعة وروح الجبال الشامخة التي عاشوا عليها. إعادة إحياء هذا الرمز اليوم هي بمثابة دعوة للاعتزاز بالجذور، وتذكير لكل يمني بأن هويته ممتدة عبر آلاف السنين.
لكن يوم الوعل لا يتوقف عند حد الاحتفاء بالتاريخ، بل يمتد ليشمل جوانب بيئية حيوية. فالوعل اليمني، الذي كان جزءاً من الحياة اليومية لأسلافنا، يواجه اليوم خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر والتدهور البيئي. هذه التحديات تجعل من حماية هذا الكائن واجباً وطنياً، ليس فقط للحفاظ على التنوع البيئي، بل أيضاً لصون رمز ثقافي يعبر عن أصالة اليمنيين. إن يوم الوعل هو فرصة لنشر الوعي وتعزيز المسؤولية تجاه البيئة، وإحياء علاقة الإنسان بالطبيعة التي شكلت جزءاً من هويته عبر العصور.
إحياء الأيام القومية للأقيال، بما فيها يوم الوعل، يمثل مشروعاً فكرياً وثقافياً يسعى لإعادة بناء الهوية اليمنية التي تعرضت للتشويه بفعل الأفكار الدخيلة. إنه استعادة لمسار الحضارة اليمنية وإعادة توجيه الشعب نحو تاريخه الحقيقي بعيداً عن محاولات الطمس والتزييف. كما أن اعتماد رأس السنة اليمنية كتقويم رسمي وإجازة وطنية يعكس رغبة قوية في إعادة الاعتبار للخصوصية الثقافية للشعب اليمني، ورفض الهيمنة الثقافية التي حاولت محو هذه الهوية.
ومن بين المبادرات الهامة التي تدعو لها هذه الحركة القومية، إعادة تبني خط المسند كحرف أصيل للأمة اليمنية. خط المسند ليس مجرد أداة كتابة قديمة، بل هو تعبير عن لغة الأجداد وروحهم التي تركت أثراً خالداً في التاريخ. إدماج هذا الخط في التعليم والمؤسسات الرسمية يعيد إحياء التراث اللغوي اليمني، ويُظهر للعالم أن اليمنيين قادرون على الحفاظ على هويتهم وتطويرها في آن واحد.
يوم الوعل اليمني يعبر عن أكثر من مجرد احتفال، فهو رسالة قوية تحمل في طياتها دعوة للعمل على جميع المستويات. إنه يوم للتأكيد على أن حماية الإرث الطبيعي والثقافي ليس خياراً، بل واجب يفرضه الانتماء لتاريخ عظيم. هذه المناسبة هي فرصة للشعب اليمني للوقوف صفاً واحداً في وجه التحديات، وتذكير أنفسهم بأنهم أبناء حضارة لا تزال أصداؤها تتردد في كتب التاريخ.
ختاماً، يمثل يوم الوعل اليمني نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر ارتباطاً بالجذور وأكثر وعياً بالهوية. إنه يوم يُلهم الأجيال للتمسك بفخرهم الوطني والعمل على بناء حاضر ومستقبل يستمد قوته من ماضٍ عريق. من خلال التوعية المستمرة والاحتفال بهذه الرموز، يمكن لليمنيين أن يستعيدوا مكانتهم الحضارية ويثبتوا للعالم أنهم أبناء حضارة راسخة قادرة على التجدد والصمود.