خالد الريمي
شهد الريال اليمني في الآونة الأخيرة تدهورًا غير مسبوق، حيث تراجعت قيمته إلى أدنى مستوى في تاريخه أمام العملات الأجنبية، ويعود هذا التراجع الكبير إلى غياب الإصلاحات المالية والاقتصادية في المؤسسات الحكومية، مما أدى إلى تضخم أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل غير مسبوق.
تسببت أزمة انهيار العملة في تأثيرات كارثية على الاقتصاد الوطني، حيث أدت إلى زيادة حادة في أسعار السلع، مما أثقل كاهل المواطن اليمني، وفي ظل غياب التدخلات الخارجية الكافية لإنقاذ الوضع الإنساني، تتضاعف التحديات الاقتصادية والمعيشية، ليجد المواطن نفسه في مواجهة ضغوط معيشية خانقة.
منذ أواخر 2022، تكبد الاقتصاد اليمني خسائر بلغت ملياري دولار بسبب توقف تصدير النفط الخام، عقب استهداف موانئ نفطية جنوب وشرق البلاد من قبل المليشيات الحوثية، وهذا التوقف أدى إلى شلل في إحدى أهم مصادر النقد الأجنبي للدولة، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية في السوق السوداء، مما فاقم الأزمة النقدية.
وساهمت الحرب بشكل كبير في تقويض الاقتصاد، حيث تضررت المؤسسات الاقتصادية نتيجة الممارسات الحوثية، التي استهدفت المنشآت الاقتصادية، إضافة إلى الحظر الذي فرضته المليشيات الحوثية على تداول الطبعة الجديدة من الريال اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مما أدى إلى تسريع تدهور قيمة العملة.
في المناطق المحررة، ساهمت ممارسات الحوثيين في استنزاف العملة الأجنبية من خلال تهريبها بطرق مختلفة إلى مناطق سيطرتهم، مما زاد من الضغط على الاقتصاد اليمني المنهك، وتوقف موارد النقد الأجنبي ادى إلى تراجع احتياطيات العملة الصعبة، مما زاد من تعقيد الأزمة.
تفاقمت الأزمات الاقتصادية بفعل الأحداث في البحر الأحمر، حيث أدت هجمات الحوثيين بالصواريخ والمسيرات على السفن إلى ارتفاع تكاليف الشحن، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع، كما أن زيادة استيراد السلع الكمالية، في ظل غياب الحصر على السلع الأساسية، ساهم في استنزاف موارد النقد الأجنبي بشكل أكبر.
توقف تصدير النفط والغاز لفترات طويلة (الغاز 10 سنوات، والنفط 3 سنوات) أدى إلى تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، وزيادة نفقات الحكومة، بالإضافة إلى ارتفاع استيراد السلع من السوق السوداء، مما زاد من حدة الأزمة النقدية والمالية.
والحلول الممكنة لإستعادة الاستقرار للريال اليمني وتتطلب اتخاذ إجراءات ضرورية وسريعة وجريئة من قبل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، وهذه الخطوات تشمل:
1- إعادة تشغيل موارد البلاد، بما في ذلك النفط والغاز، لتوفير النقد الأجنبي وتقليل الضغط على العملة.
2- ضبط النفقات الحكومية وتخفيض المدفوعات الخارجية، بما في ذلك نفقات السلك الدبلوماسي وسفريات المسؤولين.
3- السيطرة على سوق الصرف من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المناسبة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن.
4- دعم المؤسسات المصرفية الرسمية وتفعيل دورها في الحد من العشوائية التي تسود سوق الصرف.
5- فرض قيود صارمة على استيراد السلع الكمالية، مع التركيز على توفير السلع الأساسية فقط، لتجنب استنزاف العملة الصعبة.
6- توحيد موارد الدولة المالية في وعاء واحد، والتخلص من تشتتها بين المحافظات المحررة.
هذه الإجراءات الأساسية يمكن أن تسهم في التخفيف من حدة الانهيار المالي الذي تعاني منه البلاد، ويجب على الحكومة الشرعية اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية، وحماية المواطن من آثار انهيار الريال اليمني المستمر.