د. عبدالرقيب الحيدري
سبتمبر ليس مجرد شهر في التقويم اليمني، بل هو رمز للحرية والنور الذي أضاء دروب اليمنيين نحو مستقبل مشرق. في هذا الشهر العظيم، وقبل عقود من الزمن، انطلقت ثورة مباركة محملة بطموحات وآمال شعب عاش في ظلمات الإمامة والاستبداد. كانت هذه الثورة نقطة تحول كبرى في مسار اليمن الحديث، حيث حرر الشعب نفسه من قيد الاستعباد، وسطر بدماء أبطاله معالم الحرية والعدالة.
لقد حملت ثورة 26 سبتمبر 1962 في طياتها رسالة قوية: أن الظلم مهما طال أمده فإن إرادة الشعوب لا تنكسر. إنها إرادة لا تقهر، إرادة أجدادنا الذين وقفوا في وجه الظلام وطغيان الإمامة ليكتبوا فصلاً جديداً من الحرية والاستقلال. كان هذا النصر ليس فقط ميلاداً لدولة جديدة بل كان بداية لأحلام أكبر بتأسيس دولة مدنية حديثة تقوم على العدالة والمساواة.
عودة الظلام ومحاولات العبث بالتاريخ
ومع كل هذه التضحيات، عاد الظلام ليحاول أن يطفئ شعلة سبتمبر من جديد. في العقود الأخيرة، شهد اليمن محاولات لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء، حيث ظهرت مليشيا الحوثي التي تحاول أن تعيد البلاد إلى ما قبل سبتمبر، إلى حقبة الإمامة التي أذاقت الشعب ويلات الفقر والجهل والقهر. عادت تلك القوى لتكتب بأسوأ ما يمكن في تاريخ اليمن، محملة بأجندات تهدف إلى تمزيق وحدة البلاد وإغراقها في صراعات داخلية لا تنتهي.
هذه المحاولات السوداء لم تكن مجرد عبث بالتاريخ، بل كانت محاولة لإلغاء الذاكرة الوطنية، وتجاهل البطولات والتضحيات التي قدمها الآباء والأجداد في سبيل التحرر. أرادت تلك القوى أن تفرض على اليمنيين واقعاً جديداً، بعيداً عن قيم الجمهورية والحرية، في محاولة لتغليب الطغيان والقهر من جديد.
أحفاد الثوار: الأمل المتجدد في مواجهة الظلم
لكن كما أن سبتمبر كان ملحمة لآبائنا وأجدادنا، فإن أحفادهم اليوم يقفون على نفس الطريق، مستلهمين دروس الماضي، ومعاهدين الله والوطن أن لا يفرطوا في تلك الإنجازات. هم يعرفون أن طريق الحرية لم يكن سهلاً، وأن النصر يحتاج إلى تضحيات. ومع ذلك، فإنهم على موعد مع التاريخ، يقفون صفاً واحداً، يتجهزون لمعركة جديدة ضد قوى الظلام.
أحفاد الثوار الأوائل لا يرون في الحاضر سوى امتداد لتاريخ مشرف، ويؤمنون أن النصر في متناول أيديهم طالما أن الإرادة لا تزال حيّة في قلوبهم. هؤلاء الشباب الذين نشأوا على قيم سبتمبر وثورته هم الذين سيخوضون المعركة النهائية ضد الإمامة. مع كل ذكرى لثورة سبتمبر، تتجدد فيهم الروح الثورية، وينطلقون إلى ميادين الحرية، رافعين راية الكفاح، مؤمنين بأنهم على عتبة فجر جديد.
مليشيا الكهنوت وشباب اليمن
وفي عمق جبال مران، حيث تترصد قوى الظلام لشعب بأكمله، سيقف شباب اليمن في مواجهة قوى الإمامة، ليعيدوا كتابة التاريخ مرة أخرى. جماعه الحوثي التي تحاول أن تكون رمزاً لعودة الطغيان ستشهد يوماً قريباً ميلاد جيل جديد من الأبطال، الذين سيسطرون بدمائهم ونضالهم نهاية الظلم والاستبداد.
زعيم جماعه الحوثي ، الذي ظن أنه يستطيع أن يطفئ شعلة الثورة، سيشهد بنفسه كيف أن الشباب اليمني قادر على تجاوز التحديات، وقادر على صنع نصر جديد. سيخرج هؤلاء الشباب ليحتفلوا بذكرى ميلاد سبتمبر، ليس فقط كذكرى، بل كمناسبة لتجديد العهد بالحرية والاستقلال. هؤلاء الأبطال سيظلون يرددون بكل فخر: “نحن أبناء سبتمبر، أبناء الثورة، لا نعرف الاستسلام ولا نرضى بغير النصر.”
ختاماً
إن سبتمبر الذي خط فيه اليمنيون درب الحرية لا يزال في قلوبهم، وسيظل مرشداً للأجيال القادمة. ورغم عودة قوى الظلام، فإن اليمنيين، أحفاد الثوار الأوائل، سيستمرون في مقاومتهم، مستلهمين من سبتمبر العزيمة والإرادة لمواصلة الكفاح حتى يستعيد اليمن عافيته، وتعود له كرامته ووحدته. إنها قصة مستمرة من النضال والتحدي، وستظل رايات الحرية مرفوعة ما دامت روح سبتمبر حية في قلوب اليمنيين.