أحمد عبدالملك المقرمي
رسالة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد/هانس جروند برغ، بخصوص قرارات محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، أتت بطريقة غير مألوفة، وخارج الأسلوب التقليدي الذي درجت عليه المنظمة ومنتسبيها في تجاهل التوصيف لكل طرف فتجمع بين المعتدي والمعتدى عليه، والشرعي والمتمرد، وتسميهم الطرفين، أو أطراف النزاع، دون توصيف واضح لحقيقة كل طرف.
رسالة المبعوث جروند برغ ذهب يخاطب رئيس مجلس القيادة الرئاسي منذ الكلمة الأولى في رسالته بلهفة مثيرة، كمن يطلب الغوث، تأمل كيف قال :«أكتب إليك خطابي هذا بأعلى درجات الاستعجال»..!!. المتأمل فيها يجد أنها قد توحي بسوء ظن.
مارس الحوثي مجازر، وحاصر مدناً، وأغلق طرقا، وأحرم موظفين من رواتبهم سنين عديدة، وتطايرت أشلاء أطفال من الألغام التي يزرعها الحوثي في كل الطرق والأحياء السكنية.
وتعنت في مفاوضات الأسرى، وأخفى أي معلومة عن المختطفين قسريا.. وغير ذلك من الجرائم التي لم تحرك ساكنا، ولا هزت مشاعر السيد المبعوث، ولا استدعت منه أن يكتب خطاباً يكتبه للحوثي، ولو حتى (بأدنى) درجات الاستعجال.
وكما يقول بعضهم: ما رأينا السيد هانس يوجه كلمة واحدة تجاه أي ممارسة إجرامية من جرائم مليشيا الحوثي، وحتى الإحاطات الشهرية التي يقدمها لمجلس الأمن تأتي خجلى ومبهمة، وتسقط منها نهائياً ممارسات الحوثي المتعنتة، كإغلاق الطرق مثلاً، ناهيك عن الهروب عن أي ذكر لحصار تعز.
وقال آخرون: فضحتَ نفسك يا سيد هانس في رسالتك عندما قلتَ: «أقدر ما تحملته الحكومةمن مظالم اقتصادية»!
جميل أنك لأول مرة تُقرُّ وتعترف بأن هناك مظالم، وليست مظلمة واحدة، والسؤال: ألم تستدعِ منك مظلمة واحدة من (المظالم) – التي قلت أنك تقدر ما تحملته الحكومة – في أن تخاطب مليشيا الحوثي الإرهابية مبيناً جرمها، وناقدا لإجرامها؟ على الأقل كان يجب أن تقول ذلك من باب الإنسانية، أو لتجمل تاريخك (بشيئ) من الإنصاف، فتشير إلى ذلك فيما تقدمه من إحاطات لمجلس الأمن.
ألستَ مع هذه السطور في أنك فضحت نفسك عندما تغاضيت عن مظالم تقوم بها مليشيا عسكرية متمردة، وجئت اليوم تلوم (بأعلى درجات الاستعجال) إجراءات حكومة شرعية تهدف في إجراءتها إلى تحسين وضع شعبها اقتصادياً ووضع حد (للمظالم) التي لحقت بهذا الشعب، ومن أسبابها خذلان المجتمع الدولي لشعب باكمله تحكمه حكومة شرعية.
كان يفترض بكل شرائع الأرض والسماء أن يقف المجتمع الدولي ضد حصار موارد شعب، ونهب موارد أخرى، بينما يجد هذا الشعب تغاضياً من المبعوث عن جرائم و(مظالم) ارتكبتها بحقه مليشيا عسكرية خارجة عن النظام والقانون، ومتمردة عن الشرعية الدستورية.
شخصياً لا أدري في عبارة (بأعلى درجات الاستعجال) أهي إشفاق على مليشيا الإرهاب؟ أم انها تحمل تهديدا مبطنا..!!.. أياً كان الأمر، فستكون مظلمة تضاف إلى المظالم التي تقرها، واعترفت سيادتكم بها.. أما محافظ البنك الأستاذ/أحمد المعبقي فقد أدى واجبه، وأبرأ ذمته، وشرف موقعه ومنصبه.