الوحدة اليمنية ومعاناة التصفية والإقصائية المناطقية

بقلم
ياسر الصيوعي

تطالعنا الذكرى الرابعةُ والثلاثون من يوم توقيع إتفاقية الوحدة اليمنية ٢٢_٥_١٩٩٠م المجيد .
لم يكن يوماً إعتيادياً ولا عادياً ذلك اليوم .. لكنه يوماً مُرتقباً لجماهير الشعب اليمني في الشطرين آنذاك.
فقد أخذ زخماً جماهيرياً وحضي باحتفال في قلوب اليمنيين قبل الإحتفال في الساحات الجماهيرية .

الوحدة اليمنية.. أملٌ ظل يراود أبناء الوطن اليمني الكبير من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب . وقد عملت على تحقيقه القيادات اليمنية في الشطرين والمتوالية على حكم اليمن بعد ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر في الشمال وثورة الرابع عشر من أكتوبر في الجنوب .
بل أجزم أن تلك الثورتين كانتا نواةً ومحطةً للانطلاق باليمن الكبير نحو التلاحم والتوحد الضمني والروحي قبل الوحدة الجغرافية
الوحدة القائمة على إحترام حقوق الجميع وعدم إستحواذ البعض بمصالح الكل .
وحدة يمنية بُنيت على ثوابت وأبرمت من أجلها إتفاقيات ولقاءات بين قيادة الشطرين قبل التوقيع الأخير حتى وصل الجميع إلى التوقيع النهائي وإعلان الوحدة اليمنية من العاصمة اليمنية التجارية عدن الأبية.

ما كادت أن تضيء شموع الإحتفال بذلك اليوم المجيد في جميع البلدان العربية على أمل أن تكون بداية ترسيخ لمداميك الوحدة العربية الواسعة حتى بدأت تتلاشئ في محافظات الجمهورية اليمنية وتولد اليأس في قلوب المواطن العربي عامة واليمني خاصة سوى البعض ممن استحوذ بمصالح وخير تلك الوحدة لذاته ونسيان حقوق الآخرين وبداية الإقصاء المناطقي والتأسيس لمشاريع ومكونات سياسية تفرض قانونها المأسوي على خارطة الوطن اليمني ويكون الجميع ملزم بالإنخراط تحت مظلة المكونات والأحزاب السياسية والخروج من مفهوم الروح الوطنية المرتبطة بجميع مناطق الخارطة اليمنية.
ومن يخالف ذلك المعترك المرحلي السياسي أصبح بعيداً عن المشهد ويغرد خارج السرب وهو ما أدى إلى تمزق وثيقة الإتفاقيات التي وقعت تحت مسمى تأسيس وإعلان الوحدة اليمنية..
كان تأسيس وليس تثبيت ..
كونها لم تثبت إلا في قلوب بعض الفاعلين السياسيين ومن يستظلون تحت مظلاتهم .
وما سواهم وهم غالب الوطن مساحةً وسكاناً فلا يمتازون سوى بالمسمى اليمني وحمل بطاقة الجمهورية اليمنية الخاوية من توابعها .
تهشهش حطام ذلك المبنى الذي حلم به اليمنيون منذ عقودٍ من الزمن وأصبح مسلسل الإغتيالات والتصفيات والإقصاء المناطقي هو السائد فترةً من الفترات ولم نسمع لمنصف استنكار لمثل ذلك العمل المنظم .
بالعكس من ذلك فقد أصبح البعض بوقاً يؤيد ويصرح ويصف كل من تم تصفيتهم وإقصائهم بالشرذمة ووصل الأمر بالبعض إلى نعتهم بالعصابة الغير دينية .
ونسي كل أولئك أن هؤلاء هم عمداء الطرف الآخر الذي قبلنا اليوم الأول التوقيع والاتفاق معه ومددنا أيادينا لمصافحة أياديهم وتعاهدنا على صداقة أصدقائهم ومعاداة أعاديهم وهو ما يعرف عند المسلمين بمبدأ ( الولاء والبراء) …
فكيف تم البراء منهم بعد موالاتهم ولم يستجد في طباعهم وعقيدتهم إلا أن تحالطنا وإياهم وأصبحت مساجدنا مساجدهم .؟
أم أن هناك أمرٌ كان مبيت له ولم يتم الإتفاق إلا لنتصل له في أقرب وقتٍ ومن أوهن الأسباب ؟

عموماً…
اليوم جميعنا سيدعو إلى وحدة الصف وتلاحم الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه بعد أن أصبح أسرةً واحدةً ولا يجب أن تتباعد الأطراف.
ولكن …
يجب أن يكون هناك تصحيح لمضمون الوحدة اليمنية وإثبات المصداقية من الجميع وإغلاق باب الحجج على الجميع .
يكون هناك حكمٌ فيدرالي يمني يذعن لمواثيقة وضوابطه جميع الساسة قبل الشعب .
ميثاق الأقاليم والذي أتفق عليه أبناء الشعب اليمني قاطبة وبجميع المكونات ومباركة الداخل اليمني والخارج العالمي .
ما الذي يمنع أن يتم في يومٍ كهذا إصدار قرار الأقاليم اليمنية وحسب اتفاقيات الحوار الوطني الشامل ؟

ما لم فإنه من الخطأ المتراكم والذي سيؤول إلى تطور الصراع اليمني إن أجبرنا أبناء المناطق الجنوبية على الإنخراط تحت مظلة السلطة في صنعاء ثانية إن لم تنصاع الجماعة الحوثية لتسليم السلاح والانخراط في عملية سياسية تحت مظلة الحكومة اليمنية الشرعية وهذا من السبع المستحيلات أن تقبل.
فكيف لنا أن نخلط الصافي بالغش والماء بالقش والصحيح بالأجرب ..
لنكن منصفين
الوحدة اليمنية هي البيت الذي يجمع أبناء الشعب اليمني كافة تحت سقفه ولا يرى تمايز بين إبن الأولى والرابعة فكلهم أبناء اليمن
ختاماً…
ندعو القيادة السياسية إلى أن يكون لها في ذلك اليوم كلمة وليس إعادة ترديد التهنئة إلى الشعب اليمني بخطابٍ معاد على وقته في كل عام وكأن الشعب اليمني قد لبس ثوب العافية بذلك اليوم .
تكون لها كلمة تحول بين إقصاء البعض للكل وإعادة تأسيس مداميك الوحدة اليمنية بما يجب من إعلان الأقاليم وتعيين حاكماً لكل إقليم والمحرر يظل محرراً ويسير الجميع نحو تحرير بقية الأقاليم المعلنة سوياً بكل جدية ومصداقية .

وحتى لا نسهب في الكلام أقولها وبكل شفافية للقيادة السياسية وأنتم تدركون ذلك أكثر مني :
إن إطالة تلك الحرب اليمنية هي بسبب استماتة بعض المتنفذين والانقلابين من أجل إفشال مشروع الأقاليم اليمنية والحكم الفيدرالي كونهم يدركون أن ذلك سيسحب النفوذ والتحكم المركزي عنهم على جميع المناطق اليمنية .
فليكن هدفكم مبني على معرفة التوابع والأسباب.
مع أملنا أن يأتي العام المقبل وقد ترسم على الخارطة اليمنية حدود وقواسم مشتركة بين الأقاليم اليمنية…

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version