مشروع الدولة يعود إلى عدن كخيار وطني وإقليمي ودولي

عبدالله فرحان

هكذا هو التوصيف الأقرب لعودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى عدن (يوم أمس الإثنين 6 مايو 2024م)، والتي بدت بأنها مختلفة تماماً عن جميع سابقاتها !!.
سيتسأل البعض وسيقول قائل: وما الجديد في عودته هذه حتى تضفي عليها هكذا توصيف؟.

كثيرة هي التفاصيل وطويل جداً هو السرد والتوضيح بردود علمية ومنطقية على هكذا تساؤلات.. ولا يتسع النشر لشرحها، وسنحاول أن نشير إلى بعضها برؤوس أقلام وفقاً لقراءة المشهد اليمني والمتغيرات المشهد الإقليمية والدولية المؤثرة بشكل مباشر على مجريات التغيير في اليمن.

ونورد بعض منها في محورين رئيسيين.. المحور الأول : محلي يمني ونوضحه في الآتي:

1- وصل الشارع اليمني بعد عامين من تشكيل مجلس الرئاسي إلى قناعة تامة ومطلقة بأن إستمرار التجاذبات في القرارات داخل مجلس رئاسي (ثماني الاقطاب) سيصعب أية إجراءات للتغيير تفضي إلى إرساء قواعد وأسس إعادة بناء الدولة وخصوصاً في ظل تعدد المشاريع وتبايناتها (داخل مجلس الثماني).. وبالتالي فإن الخيار الأمثل والطريق الأفضل هو الالتفاف الجمعي لمختلف ألوان الطيف السياسي والمجتمعي خلف مشروع الدولة الجامعة لكل اليمنيين.. بعيداً عن المشاريع الثانوية المتصادمة والتي من الممكن تأجيل البت في مشاريعها ومطالبها إلى ما بعد إعادة بناء الدولة الجامعة.
ولن تكون الترجمة العملية لذاك المشروع الوطني الجامع إلا بالإصطفاف دعماً واسناداً لرئيس مجلس القيادة (د.رشاد العليمي) كمشروع دولة يعبر عن كل اليمنيين بمختلف توجهاتهم ومناطقهم ومكوناتهم.

٢- الأحزاب والمكونات السياسية والتكتلات الجهوية هي الأخرى وصلت إلى قناعة بأن لا حلول ممكنه لمواجهة حالة التشظي والخروج من نفق الأزمة اليمنية إلا بالإصطفاف خلف مشروع الدولة.
وفي هذا الصدد شهدت العاصمة عدن ولأول مرة لقاء موسع ضم كافة الأحزاب والمكونات السياسية والتكتلات الجهوية والعسكرية وبعدد (24) حزب ومكون، ومن بينهم المجلس الانتقالي الجنوبي، والمكتب السياسي، ومسميات أخرى حضرمية وشبوانية وجنوبية وشمالية، بإجتماع تاريخي كانت مخرجاته وبالإجماع دعماً لاعادة بناء الدولة اصطفافاً خلف رئيس مجلس القيادة د.رشاد العليمي، كمشروع دولة جامعة ومعبرة عن الجميع.
وعلى الرغم من تسريب هنا وهناك لبيان منسوب إلى المجلس الانتقالي عقب الإجتماع بضمون مغاير لمخرجات لقاء الأحزاب والمكونات إلا أن صدى ذاك البيان لم يتجاوز محيط الدهاليز التي صدر عنها.

3- عودة الرئيس العليمي إلى عدن أتت عقب زيارته لمحافظة مأرب والتي لاقت ترحيب شعبي وسياسي غير مسبوق، ومتزامنه مع زيارات حكومية أخرى لمحافظة المهرة تترجمت جميعها بمخرجات إيجابية داعمة للربط الحكومي اقتصادياً وعسكرياً وإدارياً وبما يعزز إعادة بناء الدولة.. وغير ذا وذاك فإن المتتبع لمتغيرات الرأي العام لدى الشارع اليمني وخصوصاً في محافظات (عدن – شبوة – حضرموت – لحج)، سيجد بأن كثير من أصوات التشظي الجهوية ودعوات المشاريع الضيقة قد خفتت بل واستبدلت بأصوات داعمة لمشروع الدولة.. وهو الشأن ذاته في (مأرب وتعز ومناطق الساحل والمهرة) التي خفتت فيها فقاعات المشاريع الثانوية واستبدلت بهتاف للدولة اصطفافاً خلف د.رشاد العليمي.

المحور الثاني : الخارجي الإقليمي والدولي، وممكن إيضاح مدى تأثير هذا المحور في دعم الرئيس العليمي لتعزيز بناء الدولة والتأكيد على ضرورة حضورها :

1- الدور السعودي الأكثر تأثيراً في اليمن، حيث جاء في صحيفة عكاظ السعودية الأقرب إلى مصدر القرار السعودي : “أن الوضع في اليمن يتطلب الالتفاف حول الشرعية المعترف بها دولياً ولا يتحمل مغامرات أو إجراءات غير مدروسة، وأن أي خطوات لعرقلتها فهو تخادم مع كل من يسعون لخلط الأوراق خدمة لاجندة ضيقة”.
بإشارة منها إلى ذاك البيان المنسوب إلى الانتقالي الذي صدر عقب إجتماع الأحزاب، والإشارة ذاتها لبعض من التحركات التي تجريها قيادات لمكونات وجهات أخرى تبدو معيقة لمهام رئيس مجلس القيادة، ومعرقلة لتوافق الرئاسي والحكومة.

2- قبيل عودة الرئيس العليمي (يوم أمس إلى عدن) كانت له لقاءات مع ممثلين أوربيين ودوليين عقب زيارته لمحافظة مأرب، وجميعها كانت تأكيد على دعم حضور الدولة وتفعيلها وواحدية القرار.

3- دول وحكومات عديدة وفي مقدمتها بريطانيا وأمريكا والإتحاد الأوربي رفضت رفضاً قاطعاً كافة العروض التي قدمت له من قبل كيانات ومكونات عسكرية وسياسية يمنية لمهام حماية وتأمين الملاحة الدولية في (البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي) بصورة منفردة بعيداً عن الدولة.
في الشأن ذاته كان للمجتمع الدولي ككل وممثلاً في الإجتماعات الأخيرة لمجلس الأمن “تأكيداته القطعية وبالإجماع على دعم إعادة بناء الدولة اليمنية الجامعة، كصمام أمان ودرع واقي لحماية أمن واستقرار المنطقة وضمان أكيد لحماية وتأمين طرق الملاحة الدولية”.

نكتفي بهذا السرد و أظن بأن لا دخلاف بين إثنين حول جوهر المعاني والدلالات القريبة والبعيدة لدعم الرئيس “العليمي” محلياً ودولياً كشرط أساسي لإعادة بناء الدولة وتكريس لحضورها.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version