مصطفى محمود
هناك قناعات لها حضور مهم في المجتمع التعزي تتحكم بخيارات ومواقف قطاعات كبيرة من الناس، من مختلف الاحزاب والمشارب الفكريه ومختلف المستويات التعليمية، دون أن تظهر صراحة. لا يجرؤ أصحاب هذه القناعات على الجهر بها، يداورون في الكلام، يرمون على قناعاتهم العميقة هذه جملاً مموهة تشوش على ما دونها، أو يقولونها همساً، وغالباً ما يكون التعبير الشفهي عن هذه القناعات مسبوقاً بكلمة (بصراحة)، الكلمة التي تشكل بوابة عبور هذه المستترات. من العسير جداً أن تجد هذه القناعات مكتوبة أو معلنة صراحة. فهي قناعات يكتمها حاملها، ولكنها صاحبة الوزن الأساسي في تحديد خياراته مع ذلك. إنها المستترات التي تجعل كل ظاهر غيرها زائفاً.
إحدى هذه القناعات تتعلق بالمشاريع. الخدميه بالمحافظه من طرقات وكهرباء وماء ومرافق خدميه في شتى المجالات. ويمكن التعبير عنها بعدة أقوال: لم تأتي المشاريع الا مع مجئ الرئيس رشاد العليمي وقبل ذلك ظلت تعز ثمان سنوات بدون مشاريع. مع ان فلان وعلان كانا موجودان طوال هذه فترة ثمان سنوات.. طيب وين اعلام الرئيس ليش ساكت مايتحدث عن جهود الرئيس في اقامه هذه المشاريع الحيويه في المدينه المحاصره .؟.. الرئيس العليمي يشتي المواطن هو من يتكلم للأعلام عن إنجازات الرئيس ولايحب ان يكون العكس..
القناعه الثانيه وتتعلق بنظام الحكم واستعادة الدوله في مواجهة المخاطر العظيمة للدول تنجلي مكانة الرؤساء إذ تضع الشعوب نفسها تحت سلطتهم الاعتبارية وهو ما يجعل إرادة الرئيس فوق الجميع. هذه الحقيقة مثلما تصدق على الأنظمة الشمولية تصدق أيضا على النظم الديمقراطية. بمعنى أنه بصرف النظر عن القواعد الديمقراطية التي تقوم عليها الدول ، تسبح سلطة الرئيس في فلك خاص ليتحمّل مسؤولية الحرب والسلم…واقع الأمر أن الشعب اليمني لم يعد يقبل بالنظرة التي تجعل من مكانة الرئيس في النظام التوافقي بين الفصائل المسلحه كسلطة مكسورة تتقيد بسلطة مزاجيه تتمرد عليها قياداة الفصائل المسلحه متى شاءت. وفي ظل هذه الظروف المعاصرة. ما من سبيل إلى اجتناب مكانة الرئيس كجسر لعبور الفلسفة إلى العالم . وقد انخرط هيغل في تأصيل مثمر لمكانة الزعيم (بسمارك نابليون ) كمنطلق لتصميم عقلانية الواقع المطابقة لواقعية العقل .
كل ما يحتاج له الشعب هو أن يعيش برخاء ويتخلص من امراء الحرب ومن سلطات الامر الواقع التي تنهش لحمه ، لذلك آلت مهمة التصميم السياسي لما بعد الرئبس هادي إلى شخصية الرئيس العليمي وما يمكن أن تحدثه من أفعال فردية تتماشى وتطلعات الشعب ليبدأ نموذج ستشيد عليه لاحقا رؤية الجمهورية الجديدة وتتربع فيه صورة الرئيس رشاد العليمي كمنقذ للبلاد ضمن تغيير سلس لمرحله دمويه خشنه هو ما أطلق عليه روزنامة الطريق التي بدأت بوضع اسس استعادة الوطن وبناء الدوله اليمنيه.. ان الشعب اليمني ذو التاريخ الحضاري مهووسا بقيام الدوله اليمنيه واسقاط سلطات الامر الواقع وحل البرلمان ولهذا السبب أيضا فهو مهووسا بالطريقة التي تقوم على حكم الفرد.الصالح… إن هذا القيد الخفيّ مع شخصية الزعيم يفيد ضمنا بأن الفلسفة السياسية مدعوة لتحليل طبيعة هذا الدور الذي ينتقل بتريث تدريجي من زمن الحرب والفوضى إلى زمن السلام و بناء الدوله المنهاره ليقف في نفس المكان تقريبا من حقل الفلسفة السياسية كحقيقة دامغة : الزعيم يظل طرفا محددا في كل عملية سياسية تأسيسية
لهذه القناعات المستترة، شأنها شأن أي قناعة، ما تستند إليه من وقائع وحجج. غير أن القيمة الايجابيه لهذه القناعات تتحدد في معايرتها الصحيح ، بل فيما يترتب عليها من نتائج، وفي موقعها من تاريخ المجتمع وتطوره. تكمن اهمية هذه القناعات في أنها تغوص في رؤية الإمكانيات والوقائع المغايرة، سواء المحلية أو الخارجية. تريد أن ترى وافع لقناعة أخرى ذات بعد تنموي وطني وقيادة سياسيه بحجم الرئيس العليمي ، ذلك لأنها رافضه في الصميم.
ان مايميز الجماهير التعزيه هو وجود التوتر بينها وبين الواقع المختل … مثل هذه القناعات تفضي إلى تطور المجتمع وازدهاره الذاتي، طريق شديدة الصعود نحو الارتقى.. سيادته تعني حياة التطلع لدى المجتمع ، فيكفيه من المعتدي الداخلي الانتهازي المستغل أن يسمح له بالحياة، ومن المعتدي الخارجي أن يكتفي بما احتل من أرضه. لكنه في النهايه يرى في الرئيس العليمي توق نجاته