د. أحمد عبيد بن دغر
نقف اليوم على أعتاب مرحلة مختلفة في المنطقة، من اللحظات الأولى لم تكن مجرد اشتباك بين الفلسطينيين المدافعين عن أرضهم، وعدو غاصب وقاتل ومجرم، ومن المؤكد أن اليمن لن يكون بعيدًا عن تأثيرها، وسوف لن يمضي وقت طويل دون أن تترك أثرها على القوى الفاعلة في الساحة الوطنية، الشرعية والانتقالي والمكونات السياسية، فيما انغمس فيها الحوثيون في بواكيرها الأولى بجهل من ناحية وتبعية من ناحية أخرى، ولا شك أن التحالف العربي بقيادة المملكة ينظر باهتمام لأحداث المرحلة بوعي ثاقب، وعقل يقظ.
اليوم عادت الشرعية لتدين الأعمال الإجرامية العدوانية لإسرائيل على قطاع غزة، وكذلك فعلت المملكة، بثبات في المواقف ومبدئية، وقبل ذلك مصر وكل الدول العربية، لإدراك كلًا من التحالف والشرعية والعرب أن استمرار العدوان الغاشم الغشوم على غزة المخالف للقوانين الدولية والذي بلغ حد جرائم الحرب لابد وأن يكون له تبعات وتداعيات إقليمية ودولية، قد لا تتمكن أطرافه الفاعلة في وقفها.
من المؤكد أن الفلسطينيين وهم شعب جبَّار، عركته عقودًا ثمانية من الاضطهاد وقوافل من الشهداء قد غير معادلة القوة، وكسر هيبة العدو، هذا الشعب لن يقبل حلولًا منقوصة لاتمنحه حقوقًا كاملة، لقد غيرت غزة كثيرًا من مسلمات الصراع العربي الإسرائيلي. لن يعود المشهد ذاته كما كان قبل 7 أكتوبر. وهو لن يعود أبدًا لصالح إسرائيل.
كما لن يقبل العرب والمسلمين والشعوب الحرة تصفية القضية الفلسطينية بالمنظور الإسرائيلي سلمًا أو حربًا، خاصة وقد حرص العرب في ذات الوقت على حل عادل لمأساة الفلسطينيين وفقًا للمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد أعربوا عن ذلك في خطة السلام العربية، وقبلوا بحلولًا وفقًا لمشروع الحل العادل والشامل بدولتين.
بالنسبة للعرب جميعًا حتى الصامتين منهم كانت قضية فلسطين وستبقى قضيتهم المركزية والأولى، فهي تسكن وجدان الأمة وجرحها الغائر، وقد شكلت وعيها المقاوم حتى إزاء ذاتها. للعروبة عند العرب جميعًا باب أول يأخذهم نحو فلسطين والأقصى والقدس الشريف، وطالما ظل هذا الباب مغلقًا في وجه الحلول، فأنه سوف يدق ويطرق بقوة وعنف، بيد الفلسطينيين وبأيدي العرب جميعًا، شاء من شاء وأبى من أبى، رحم الله عرفات وأحمد ياسين، وكل شهداء فلسطين.