طاهر شمسان
في آخر مقال قبل هذا لاحظنا من واقع كتابات المتضامنين مع عادل الشجاع ما يلي:
(1) غياب الوعي القانوني.
(2) الانشداد إلى الغوغائية.
(3) الولع بالشائعات.
(4) الخلط بين ما هو ذاتي خاص وقانوني عام.
(5) تكييف نظرية المؤامرة وفقا لقناعات المتضامنين السياسية وانتماءاتهم الحزبية ومواقفهم من الأشخاص المتضامَنْ ضدهم.
فإلى أي مدى تنطبق هذه الملاحظات على ما كتبه نائب رئيس البرلمان عبد العزيز جباري تضامنا مع الشجاع؟ للإجابة على هذا السؤال نلفت عناية القارئ اللبيب إلى أن ما كتبه جباري تضامنا مع المذكور نورده في الفقرات الأربع التالية كما هو بصياغته:
(1) أخيرا تم ترحيل الدكتور عادل الشجاع إلى دولة أسبانيا بعد صراع مرير بين أسرة الدكتور ومناصرة الشرفاء اليمنيين في كل مكان، وبين سلطة يمنية سخرت كل إمكاناتها وجهد بعثتها من أجل معاقبة وإذلال مواطن يمني يتألم لما يجري لبلاده كاشفا بعضا من عبث وفساد الحكومة الملموس لدى أغلب الشعب اليمني.
(2) في سابقة ليس لها نظير في التاريخ رئيس حكومة فشل في كل مهامه يتقدم بدعوى على أحد مواطنيه الهارب من المليشيات في دولة أخرى ويصر على جلبه إلى الداخل اليمني مكبلا من أجل إنزال أشد الأذى به، وكل ذنبه أنه لم يسكت حين صمت الآخرون.
(3) لو لم أشاهد الدعوى الموجهة من رئيس الحكومة على الدكتور عادل بنفسي لدى وكيل النيابة لما صدَّقتُ أن هذا يحدث من مسؤول دولة في بلد معني به حماية مواطنيه.
(4) وما زاد الأمر غرابة وسخرية أن ما يسمى بمكتب الرئاسة طلب من السفارة العمل على ترحيل عادل الشجاع من بلد فرَّ هاربا إليها من بطش المليشيات إلى بلد آخر يهرب إليها من بطش الحكومة.
وقبل الشروع في المناقشة نود أولا إطلاع القارئ على بعض الحقائق التي غابت عن كتابات المتضامنين مع الشجاع عن قصد أحيانا وعن جهل أحيانا أخرى. فالمعروف أن سفارات الدول في مختلف عواصم العالم تمثل دولها وتتلقى التعليمات من حكومات دولها. وعلى هذا الأساس فإن سفارة اليمن في العاصمة المصرية القاهرة تمثل الجمهورية اليمنية وتتلقى تعليماتها من حكومة الجمهورية اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن. ومعنى هذا أن السفارة اليمنية في القاهرة لا تتصرف تلقائيا من عند ذاتها إلا في المسائل الروتينية اليومية المعتادة التي تنظمها قوانين ولوائح كتجديد الجوازات لليمنيين المقيمين في مصر على سبيل المثال. أما في القضايا غير الاعتيادية كهذه التي حصلت مع عادل الشجاع فإن السفارة لا تملك إلا أن تطلع الحكومة في عدن على تفاصيل ما حدث ومنها تتلقى التعليمات. والسؤال: كيف تصرفت السفارة اليمنية في القاهرة فيما يتعلق بقضية عادل الشجاع؟
بين أيدينا رسالتان، الأولى برقم (1088) وبتاريخ (19-9-2023) موجهة من القسم القنصلي بسفارة اليمن في مصر إلى الإدارة العامة للأمن الوطني بمحافظة الجيزة تطلب من هذه الأخيرة التكرم بالاطلاع وموافاة السفارة بأسباب احتجاز المواطن اليمني عادل عبده قاسم الشجاع الذي يحمل جواز سفر رقم (09560105) وذلك حتى يتسنى للسفارة اتخاذ ما يلزم إزاء ذلك.
والرسالة الثانية تحمل الرقم (10100) وبتاريخ (24-9-2023) وهي أيضا موجهة من القسم القنصلي بسفارة اليمن في القاهرة إلى الإدارة العامة للأمن الوطني بمحافظة الجيزة تطلب من هذه الأخيرة عدم ترحيل المواطن اليمني عبده قاسم الشجاع الذي يحمل جواز سفر رقم (09560105) كون الأراضي اليمنية “تمثل خطورة شديدة على حياته وأسرته” (هكذا ورد في نص الرسالة وما كثيرون يريدون له أن يرد على هذا النحو الصريح).
وإلى ذلك تضيف الرسالة: “وفي حال تعذر ذلك وتحتم ترحيله تأمل السفارة أن يكون الترحيل إلى دولة أسبانيا كون لديه إقامة هناك”.
لا يحتاج المرء إلى ذكاء استثنائي كي يلاحظ أن السفارة تعرفت أولا على أسباب الاحتجاز لاطلاع الحكومة في عدن على تلك الأسباب، وثانيا تلقت التوجيهات من الحكومة في عدن بأن تخاطب السلطات المصرية المعنية وتطلب منها عدم ترحيل عادل الشجاع من مصر، ولكن إذا كانت السلطات المصرية مصرة على الترحيل لأسباب وتقديرات خاصة بها أو بأمن مصر القومي فليكن إلى أسبانيا وليس إلى اليمن. وبما أن الذي تم هو الترحيل وليس عدم الترحيل فإن القرار كان قرارا مصريا خالصا ولأسباب مصرية لا علاقة للحكومة اليمنية بها. أما وأن الترحيل كان إلى أسبانيا فهذا بطلب خاص من الحكومة اليمنية.
إلى ذلك صرح مصدر مسؤول في مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوم الأربعاء الموافق 27 سبتمبر 2023 أن الرئيس رشاد العليمي “تابع باهتمام بالغ الجدل المثار بشأن إجراءات ترحيل الدكتور عادل الشجاع التي تمت بموجب القوانين المصرية دون أي تدخل من جانب حكومة بلادنا خلافا لما تم تداوله في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وأضاف المصدر أن التوجيهات تضمنت تلبية طلب الدكتور الشجاع الانتقال إلى دولة ثالثة. وأهاب المصدر بجميع رعايا الجمهورية اليمنية في جمهورية مصر العربية وكافة بلدان الاغتراب الالتزام الصارم بقوانين الدول المضيفة، وتقديم بلدهم وقضية شعبهم على أكمل وجه”.
ومما سبق نتبين أولا: أن السلطات المصرية احتجزت عادل الشجاع في قسم العمرانية على ذمة ترحيله إلى اليمن لعدم احترامه قوانين الإقامة في مصر. ونتبين ثانيا: أن الحكومة اليمنية عبر سفارتها في القاهرة لم تستطع إقناع السلطات المصرية بعدم ترحيل الشجاع، لكنها استطاعت إقناعها بترحيله إلى أسبانيا بدلا عن اليمن. ونتبين ثالثا: أن المصدر المسؤول في مكتب مجلس القيادة الرئاسي أهاب بجميع رعايا الجمهورية اليمنية في مصر وغيرها من البلدان الالتزام الصارم بقوانين الدول المضيفة حتى لا يلقى أي منهم ما لقيه عادل الشجاع. ونتبين رابعا: أن التضامنات مع عادل الشجاع لم تنفع هذا الرجل في شيء، لكنها حققت نجاحا ملموسا في تزييف الحقيقة وتغييبها عن الرأي العام. وإذا كان عبد العزيز جباري لا يعلم شيئا عن هذه الجهود فتلك مصيبة، أما إذا كان يعلم فالمصيبة أعظم، وما علينا في هذه الحالة إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء قائلين: اللهم احفظ اليمن واليمنيين من بعض اليمنيين.
ما سنناقشه في هذه المقالة ليس شخص جباري، وإنما الذهنية التي تفكر على النحو الذي يفكر به جباري وأحد تجلياتها ما ظهر على لسان هذا الرجل من كلام غلب عليه الانفعال والتهييج والتحشيد والتحريض الذي أخرج القضية موضوع التضامن من سياقها القانوني وحوَّلها إلى مناسبة للهجوم على شخص رئيس الحكومة معين عبد الملك بدلاً من حصر الكلام في حدود المشكلة وفي إطارها القانوني. وفيما يلي مناقشة لما قاله جباري:
في الفقرة (3) من كلامه المبين أعلاه يقول جباري “لو لم أشاهد الدعوى الموجهة من رئيس الحكومة على الدكتور عادل بنفسي لدى وكيل النيابة لما صدَّقت أن هذا يحدث من مسؤول دولة في بلد معني به حماية مواطنيه”. والحقيقة أن هذا الكلام تجاهل حقائق كان يمكن الإشارة إليها لو أريد الإنصاف في الأمر، ونوضح بعض هذه الحقائق فيما يلي:
(1) إن النيابة المذكورة في كلام جباري هي النيابة صاحبة الولاية في منطقة سكن عادل الشجاع في حي العمرانية بمحافظة الجيزة، وكان على جباري أن يشير إلى هذه النقطة وألاَّ يذهب إلى إغفالها لأن في ذلك ما قد يكون إضراراً بالطرف الآخر المُتَحدَّث عنه وهو هنا معين عبد الملك، فضلا عما قد يكون انتقاصا لحق المتلقي في أن يعرف الحقيقة وأن يفهمها. أما إذا صح أن معين قد تنازل عن هذه الدعوى تكرما بعدما انتهى إلى مسامعه أن السلطات المصرية صنفت الشجاع شخصا غير مرغوب به في مصر فكان على جباري من باب الإنصاف لمعين أن يقول إنه قد تنازل وأن ينشر حيثيات التنازل. ومهما يكن من أمر فإن ما هو منظور أمام القضاء يبت فيه بالقانون ويرد عليه قانونا حينما يصدر بشأنه حكم.
(2) إن الدعوى التي يزعم جباري أنه شاهدها لدى وكيل النيابة، وأحسب أنها غير موجودة لديه، ولكن حتى لو كانت بيده فعليه أن يترك القانون يأخذ مجراه لأن الحديث عن وثيقة مازالت منظورة أمام القضاء كدعوى ولم يصدر فيها حكم بعد هو شكل من أشكال التحريض المجرَّم قانونا.
(3) في حدود معارفنا القانونية المتواضعة لا يمكن للنيابة المختصة أن تُطلِعَ جباري على الدعوى لسبب بسيط وهو أن هذا الرجل ليس ذا صفة تخوله ذلك، وإذا كان قد شاهدها فعلا فلا بد أنه شاهدها في النيابة بمعية محامي عادل الشجاع أو أنه شاهدها لدى الشجاع نفسه الذي لا بد أن النيابة قد سلمته صورة من الدعوى كإجراء قضائي معمول به في كل نيابات العالم. ومهما يكن من أمر فإن الدعوى تظل دعوى قانونية حتى لو ادعى فيها معين ما شاء له أن يدعي، ولا غضاضة في أن يدعي، وليس لجباري ولا لغيره أن يغضب من ذلك مادامت دعوى منظورة أمام القضاء وليست حكما. ولكن ما بال جباري في مَنْ يضع دعاواه في الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي ليدعي بها على الآخرين ويتعامل معها على أنها أحكام، ويتلقفها منه الجمهور البسيط على أنها حقائق وليس تحريضا وتشهيراً وسباً وقذفاً وانتهاكا لأعراض الناس؟
(4) لو أن معين عبد الملك أراد ترحيل الشجاع إلى عدن كما يزعم جباري لما ذهب يوكل محاميا لرفع دعوى ضده لدى القضاء المصري وإنما كان بمقدوره رفع الدعوى في اليمن ليستطيع بعدها أن يطلب الشجاع عبر الانتربول الدولي للمثول أمام محكمة داخل الأراضي اليمنية.
(5) إن المجني عليه معين عبد الملك بتقديمه شكوى إلى نيابة العمرانية صاحبة الولاية في دولة إقامة الجاني عادل الشجاع يكون بذلك قد سلك طريقا مدنيا يحمد عليه كأول رئيس وزراء يمني يشكو من مواطن يمني نسب إليه أفعالا مُجَرَّمَةً، وكان على جباري أن يمدح لمعين عبد الملك هذا الفعل لا أن يستقبحه وُيُجَرِّمه.
(6) الغريب أن جباري في معرض تجريمه للدعوى التي رفعها المجني عليه معين الوحش بدا كما لو أنه يجهل أن رئيس الحكومة له كامل الحق أن يلجأ إلى القانون في أي قضية يرى فيها مساسا بشخصه أو بموقعه، وهذا الجهل غير مقبول من رجل يشغل موقع نائب رئيس السلطة التشريعية في البلاد، وكان في حكومة بن دغر وزيرا للخدمة المدنية ونائبا لرئيس الوزراء.
(7) إن المجني عليه معين الوحش لم يتبلطج على أحد، ولم يقم بإرسال عصابة، ولم يمارس أية ضغوط بقوة المال أو بقوة النفوذ، وإنما تصرَّف كأي إنسان متحضر ولجأ إلى القانون لأخذ حقه القانوني. فما الذي يزعج في لك؟
في الفقرة (2) من كلامه يتحدث جباري عن “رئيس حكومة يتقدم بدعوى على أحد مواطنيه في دولة أخرى ويصر على جلبه إلى الداخل اليمني مكبلا من أجل إنزال أشد الأذى به وكل ذنبه أنه لم يسكت حين صمت الآخرون”
ويلاحظ على هذا أنه كلام غوغائي المراد به التهييج والتحشيد والتحريض ضد رئيس الحكومة. والملاحظ أيضا إصرار جباري على تحميل الدعوى التي رفعها معين الوحش ضد عادل الشجاع أكثر مما تحتمل. ولو أن عادل الشجاع نشر هذه الدعوى في وسائل التواصل الاجتماعي لما كان جباري تجرأ على هذا الكلام.
نعلم أن نائب رئيس البرلمان منصب كبير له استحقاق إداري وقانوني، ومع ذلك نلاحظ أن جباري الذي يشغل هذا المنصب يتحدث في الفقرة رقم (1) أعلاه عن “مناصرة الشرفاء اليمنيين في كل مكان” لعادل الشجاع، وكأن من له رأي مخالف لهؤلاء المناصرين ليس من الشرفاء! علما أن هؤلاء “الشرفاء” الذين يناصرون على عمى لا يدركون أن ما قاله الشجاع عن رئيس الحكومة يندرج في إطار جرائم النشر التي يعاقب عليها القانون ما لم يقم عليها دليل واضح لا يقبل التأويل. ثم أن هؤلاء الذين يسميهم جباري “الشرفاء” لم يتضامنوا مع عادل الشجاع وإنما تضامنوا ثقة بالأسماء التي تضامنت مع الشجاع، علما أن معظم هذه الأسماء-إن لم يكن كلها-لا تتوفر حتى على الحد الأدنى من الوعي القانوني وإنما ذهبت تلعب بالمشاعر والعواطف-كما فعل جباري-لأمور خارج القانون تغلب فيها المصلحة الذاتية والاصطفاف السياسي والحزبي على ما يحتمه عليها موقعها في الجهاز الإداري للدولة من احترام للقانون.
في الفقرة رقم (1) أيضا يشير جباري إلى عادل الشجاع على أنه “مواطن يمني كشف بعضا من عبث وفساد الحكومة الملموس لدى أغلب الشعب اليمني”. وبهذا الكلام السائب يبدو نائب رئيس البرلمان كما لو أنه اكتشف للتو فساد الحكومة وليس له من دليل على ذلك سوى أن رئيسها رفع دعوى قانونية ضد عادل الشجاع أمام القضاء المصري.
إن حديث جباري عن فساد الحكومة في سياق تضامنه مع عادل الشجاع يشكك في مصداقية هذا التضامن الذي تحوَّل إلى مناسبة للمكايدة السياسية، وإلا لكان على هذا الرجل من موقعه في السلطة التشريعية-إن كان يحترم القانون-أن يدعو إلى مؤتمر صحفي يظهر فيه فساد الحكومة من خلال الوثائق التي تؤكد على ذلك سواء بصفته عضوا في البرلمان أو بصفته نائبا لرئيس البرلمان يستطيع أن يحشد معه مجموعة من البرلمانيين بالوثائق التي تدين الحكومة وتظهر فسادها وفساد رئيسها، ناهيك عن أنه يستطيع، بل ويجب عليه-بما لديه من وثائق-أن يذهب إلى نيابة الأموال العامة وإلى كل الجهات القانونية المعنية بوصفه نائبا مكلفا من الشعب بحماية حقوقه وحرياته وموارده وثرواته، وما لم يفعل فإن الأمر سوف يندرج في إطار الغوغائية والمكايدة والمزايدة لأغراض لا تفسير لها سوى عدم احترام القانون.
وفي هذا السياق على كل من يفكر بهذه الذهنية أن يدرك أن العواطف والانفعالات لا يمكن لها أن تبني دولة ولا أن تحفظ حقا من حقوق المواطنة. ثم أن الطعن في نزاهة الغير ليس هو الطريق الصحيح إلى إقناع الناس بنزاهة الذات، والدفاع عن حق أحد من الناس لا يعني أبدا أن نهدر حق أحد آخر وأن نتحول إلى قطيع من الغوغاء. فالحق أحق أن يتبع وأن يضبط قانونيا ليبدو واضحا وجليا حتى يمكن القبض عليه وتحديده وتعيينه بدقة.
والأخطر في الأمر-ونقولها من باب المودة وخارج النقاش القانوني-إن موقع عبد العزيز جباري وما يحظى به من احترام لدى كثيرين يجعل هؤلاء يتلقفون ما يصدر عنه من أقوال وكأنها حقائق ثابتة، وهذا أمر في غاية الخطورة إذا علمنا أن الناس لا ينظرون إلى قانونية القول وإنما إلى صاحب القول وموقعه وما هم عليه من حسن الظن به، ومن ثم على جباري أن يراجع كثيرا مما قال ليبرئ ذمته من تضليل الرأي العام.
أما معين عبد الملك الوحش فنرى أنه في هذا السياق قد تصرف تصرفا مدنيا قائما على احترام القانون، ونأمل أن يظل محترِماً للقانون على الدوام. ومن موقعه كرئيس للوزراء عليه أيضا أن يحترم قانون الشفافية وحق الناس في الوصول إلى المعلومة، وهذا يحتم عليه بقوة هذا القانون أن يغادر صمته في قضايا كهذه التي نناقشها في هذه المقالة، فمن حق الرأي العام أن يعرف وأن يفهم ما حدث وما دار. ولذلك نكرر القول بأن معين عبد الملك مطالب بقوة القانون وليس تفضلاً منه على أحد أن يفصح عما دار وكيف دار سواء من خلال مؤتمر صحفي أو من خلال بيان يصدر عن مكتب رئاسة الوزراء، وما لم يفعل فإنه هو الآخر يكون قد ساهم في تضليل الرأي العام.
ختاما: أعجب ما لاحظناه في معمعة التضامن مع عادل الشجاع أن المتضامنين التفتوا إلى رد فعل المجني عليه معين الوحش على ما فعل الجاني الشجاع، وما من أحد منهم ذهب يبحث
حتى الآن إلى تقييم ما فعله هذا الرجل وهل هو ممن يحترمون القانون أم لا.
لقد ذهب كثيرون إلى إدانة رد الفعل على غير بينة، ولم يسأل أحد نفسه: هل ذهب معين عبد الملك إلى رفع دعوى ضد الشجاع هكذا من فراغ ومن باب التسلية أم أن الأمر كان رد فعل على أمر ابتدعه عادل الشجاع وأن معين لم يقم بأكثر من حقه القانوني؟
لقد لجأ معين عبد الملك إلى القانون وتصرف في إطار القانون ولم يلجأ إلى أي وسيلة خارج القانون، ويجدر بنا أن نقدِّر له هذا السلوك المدني. ثم لماذا لا ننظر في الأمر من زاوية ما لمعين الوحش وما لعادل الشجاع من حق قانوني؟ لماذا ذهب كثيرون إلى إدانة رد الفعل، في حين كان عليهم إلى يذهبوا إلى تقصي الفعل والبحث في مدى قانونيته من عدمها.