لصالح من تستهدف الصناعات الإستراتيجية ؟!

بقلم: فؤاد الطاهر

يُجمع العقلاء والحكماء والخبراء وغيرهم من اليمنيين المحبين لوطنهم والمعتزين بهويتهم شمالاً وجنوباً – أن الاحداث والتقلبات والصراعات العبثية والمتواصلة التي شهدتها ولا تزال تشهدها المحافظات الجنوبية، منذ العام (2015) وحتى اليوم – هي السبب الرئيسي الذي يقف وراء كافة الازمات والانهيارات المتلاحقة التي تشهدها الاوضاع في تلك المحافظات .. مؤكدين انها اتت بتبعاتها وآثارها الكارثية على كافة مفردات الحياة في تلك المناطق، وتحديدا الجوانب المعيشية والخدمية والتنموية، وأحالت حياة الناس الى جحيم وسواد، كما مثلت عامل طارد ومنفر ومدمر لكل ماهو جميل وبناء وخلاق فيها.

وبالفعل تلك هي الحقيقة عينها التي لا ينكرها الا جاهل، أو عدو أو خائن، خصوصا انها باتت اليوم ماثلة وملموسة للعالم أجمع وتترجمها ظروف الحياة المأساوية السائدة في تلك المناطق، وما يتجرعه سكانها من معاناة وبؤس وشقاء وقمع وتشريد وعذابات .. فلولا تلك الاحداث والصرعات ومن يقف وراءها لكانت المحافظات الجنوبية اليوم تشهد ازهى مراحل التنمية والتطوير والرخاء والاستقرار والتعايش الخلاق – لكن المؤسف ان مشعلوا تلك الصرعات سعوا جاهدين لطرد وتنفير جميع المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال المحلية، خصوصا اولئك الذين فروا من جحيم الحرب، واجبروهم على مغادرة كافة المحافظات الجنوبية، التي كانوا ينظرون لها لإعتبارها الملاذ والمكان الآمن الذي من شأنه ان يحتويهم ويقدم لهم كافة التسهيلات لاستثمار اموالهم، وبفعل ذلك تحولت تلك المحافظات والمناطق الى مدن اشباح.

اما ما يدمي القلب أن الحرب الشعواء لم تقتصر فقط على اغلاق المدن الجنوبية وتحويلها الى ثكنات عسكرية، وطرد المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال المحلية منها فقط، بل انها تعدت ذلك بكثير لتصل حد قيام اولئك المخربين باستهداف مقومات التنمية والبنية التحتية المحلية، والمتمثلة في اغلاق الموانئ الاستراتيجية التي كانت تدر للخزينة العامة مليارات الدولارات، الى جانب استهدافهم المنشاءات النفطية وتخريبها، ومحاربتهم الشركات النفطية المحلية والاجنبية والتضييق عليها .. وصولا الى قيامهم باستهداف ومحاربة المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال المحلية، ونقصد بالمحلية هنا النقربون منهم من ابناء المحافظات الجنوبية، وكل بشكل علني، وبطرق واساليب همجية وعبثية غير مبررة، تتقاطع وتتعارض مع النظام والقانون وحتى المنطق والاخلاق.

واليوم نجدهم يركزون جهودهم باتجاه استهداف المشاريع الاستثمارية الخاصة بالصناعات الاستراتيجية المحلية، المتمثلة في شركات الاسمنت ومنها (شركة اسمنت الوحدة – محافظة أبين وشركة اسمنت الوطنية في لحج ومصنع استار اسمنت في عدن) .. وذلك من خلال إصدار تعميم صادم وعشوائي ولا مدروس للقوات الأمنية والعسكرية تحت مسمى ( حكاية ضبط الاوزان على المركبات) وكل ذلك بهدف التضييق على هذه المصانع، واجبارها على مضاعفة الاتاوات التي تدفعها لهم .. غير عابهين بالاثار والتبعات المترتبة على ذلك والتي من شأنها ان ترفع من تكلفة نقل مادة الأسمنت التي لا شك ستقع على كاهل المواطنيين البسطاء.

والملفت في الامر انه وعلى الرغم من حملات الستنكار والاستهجان والتنديد والسخرية الواسعة التي قوبل بها التعميم من قبل، النخب المختلفة وابنتء المحافظات الجنوبية عامة، الا ان القائمين عليه لم يولوا ذلك اي اهتمام، ولم يلقوا للحملات الاعلامية الموجهة ضدهم بالا، ولا يزالون يصرون على مواصلة تنفيذها، متجاهلين كافة الآثار والتبعات الاقتصادية والخسائر الفادحة التي من شأنها ان تلحق بالمواطن وبالمشاريع الإستراتيجية والحيوية وتحد من دورها في التنمية ورفد الخزينة العامة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من المستفيد يا ترى من اعمال التخريب والعبث والاستهداف الممنهج لمقومات التنمية والاستثمار؟ .. ومن المستفيد من لصالح من استهداف الصناعات الاستراتيجية المحلية؟! .. وكيف لجهات واطراف وشخصيات تؤكدون لنا ظاهريا وعلى الدوام، حرصهم على مصالح الجنوبيين، وسعيهم الدؤوب في سبيل تحقيق اهدافهم واحلامهم وتطلعاتهم في استعادة دولتهم، وتلبية مطالبهم في الحياة الامنة والمستقرة والرغيدة، يقومون في الواقع بكل ماهو مغاير ومنافي لاقوالهم وشعاراتهم؟! .. واخيرا هل يا ترى سيواصل ابناء المحافظات الجنوبية صمتهم وتجاهلهم لما يجري سيما بعد تجاوزت ظروفهم واوضاعهم المعيشية حافة الانهيار؟! .. الايام والفترات القادمة كفيلة بالرد على هذه التساؤلات..!!

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version