يحدث تحت الشمس

ياسين الزكري

يتوقع الناس والدولة من رأس المال الاسهام في تنمية وتطوير البلد ويلعب الكثير من رجال المال والاعمال ادوارا جيدة في هذا الاتجاه.
في المقابل هنالك رساميل متوسطة او صغيرة لكنها ثقيلة الوطء على كاهل المواطن العادي والبسيط خاصة في ظل الوضع المستوى المعيشي الصعب خلال سنوات الحرب.
هذه الرساميل بدأت تنخر في الصورة الجيدة لراس المال المنتج والمساهم في دفع عجلة التنمية، بدأت تشوه تلك الصورة من خلال ممارسات لايمكن وصفها الا بكونها سيئة ومسيئة.
حين تتناثر الفرص من حولك لتكون جيدا يمنحك الناس فرصة النظر اليك من زاوية الاحتمال الممكن لتحقيق الصعود على سلم القيم الجيدة، هم يضعوك في النقطة الحرجة بين نصفي احتمال، لكنهم لم يمنحوك القيمة بعد.
هم يتركون لك حرية اختيار أي 50% من نصفي الاحتمال الموجب ام السالب وحين تقرر يظهر جليا ان ذلك هو انت، وليس ما تدعيه او يرسمه لحسابك آخرون.
بعض الرساميل الصغيرة اختارت ان تحترم نفسها اولا ومن ثم تطلعات الناس فأسهمت في الدفع صوب الانجاز فاستحقت ان تكون في المكان المشرق من نظر الذات والناس وطبيعة الفعل على الارض.
بعض آخر وجد في استغلال الوظيفة تعزيزا للنفوذ فاختار ان يلعب دوراً مكلفا قيميا وحقوقيا. قيميا في حق نفسه والمجتمع وحقوقيا في حق من يستخدمهم وحق المستهدفين بالضرر.
هؤلاء اختاروا العيش بشخصيتين متناقضتين تمارس احداهما في الليل تدمير ما تحاول الاخرى ادعاءه في النهار.
هذا النوع لا ينتبه او لا يأبه كثيرا لذلك الكوم المتزايد من بقايا المساحيق والالوان التي يزيلها عن لوحاته النهارية تغوله الليلي، وما تلبث تلك البقايا ان تطفح خارج الحفرة، فتقود رائحتها العيون التي كانت بالأمس منبهرة باللوحة المؤقتة الزائفة، لتكشف عن اين يفترض ان يوضع هؤلاء.
المال اكثر صراحة من صاحبه في الادلاء بحقيقة مصدره، والاعمال غير النظيفة لا تدل على رصيد نظيف. انها معادلة سهلة الحل اكثر مما هو متوقع يقول منطق الاشياء و نظريات الاقتصاد.
لا توجد فوضى غير منظمة يقول عالم الارصاد الامريكي وصاحب نظرية الفوضى ادوارد لورنز
الانفاق على عصابات ليل ومستخدَمي نهب منظم بات يتضح اكثر فاكثر والقانون والقيم والمجتمع لا تبني كثيرا على ما تقول لسانك قدر ما تبني على ما تفعل يداك بحسب الكاتب الفرنسي بلزاك.
استغلال بعض ذلك البعض.. النفوذ الذي تمنحه اياهم وظيفة مأمور الضبط القضائي ( مشائخ قرى ) وتوظيفه لا رهاب الناس حينا والتلاعب بحقوقهم القانونية والمدنية احيانا اخرى، تكريس للشعور بقلة الحيلة وتنامي العجز لدى الضحايا وبالتالي تدميرهم من الداخل.
تلك احدى صور الحرب النفسية او الدعاية السوداء المعروفة من مئات السنين التي تسبق الانقضاض على قيم الاخر المعنوية او/ و ممتلكاته المادية او العينية.
ذلك النوع من الحروب صار احد ابرز الاساليب التي تتبعها تلك القلة من اولئك الشخوص.
الاختباء وراء فاترينة من الاسماء المصنعة بدرجة “مستخدم نظيف” لتغطية عمليات شراء مشبوهة، يشبه اخفاء اموال غير نظيفة وراء يافطة محل تجاري ذي ديكور جذاب قد لاتحوي رفوفه بالضرورة سلعة صالحة للاستهلاك.
ثمة حاجة وظروف معيشية صعبة في ظل الوضع العام الذي يمر به البلد، وثمة مشترٍ وحيد تؤول اليه املاك هؤلاء اما مباشرة “لفك زنقة” حقيقية او مصنعة بسعر زهيد، او بعد كرة او اثنتين من اعادة تدوير مخلفات استغلال الوظيفة والنفوذ وتوظيف المال لتنفيذ هجمة نهب منظم على املاك احدهم من خلال لي عنق القانون.
كثرة التجارب في امر ما تجعلك خبيرا بالتفاصيل وتسهم في بناء شبكة من المستخدَمين المنتفعين، كل ذلك يجعل الامور اكثر سهولة كل مرة ويدعم تكرار المرات اكثر فاكثر.
حرب العقارات التي ماتزال تعيشها مديريات الريف الجنوبي لمحافظة تعز منذ بدء الحرب في اليمن، تمثل مديرية الشمايتين احدى نماذجها الناشطة واحد ابرز الشواهد على تفعيل هذا النوع من الديناميات التي يلعبها تجار حروب صغار سعيا وراء السمنة المالية السريعة دون الالتفات الى خطورة امراضها الاجتماعية المصاحبة.
تتكون مديرية الشمايتين من (33)عزلة، تحوي (337قرية + 1163محلة) وفقا لاحصاءات
يقطن المديرية التي تقع على بعد 45كم من مدينة تعز مايقرب من 200 الف نسمة من السكان ومثلهم من النازحين بحسب احصاءات منظمات دولية عاملة في اليمن.
تعيش الجهات الامنية والشرطية عامة اوضاعا وتحديات صعبة على اكثر من صعيد، ويعقد عليها المواطن امالا كثيرة تلك هي ملامح الصورة.
التحفيز الممنهج لتفكيك المجتمع من خلال استهداف الروابط الاسرية صعودا للروابط الاوسع مرض تم في البدء تصنيع متحوراته وحقنها في الحلقات الضعيفة من التكوينات الاسرية والاجتماعية ليتفشى لاحقا مستهدفا الروابط القوية والاقوى.
“التحايل على حقوق ضعاف الورثة، اجراء عمليات نقل على الواقع دون توثيقها على صكوك الملكية، استخدام الصكوك في غير مواضعها الحقيقية بعض اساليب اللعبة التي بدأت تستشري مشعلة نزاعات عدة جنوب المديرية في ظل تعطيل او اعادة توجيه مأمور ضبط قضائي معين مهامه الموكلة في الاتجاه الخطأ وتعزيزها باستخدام النفوذ لتغيير مجرى سير الاجراءات”.
حوادث العنف والنهب “المنظم” المدعوم احيانا بعصابات مسلحة مظاهر جديدة على ثقافة المديرية الاكثر وعيا وسلمية بين مديريات المحافظة، انها اعراض الاصابة بالمرض.
غير ان التحدي الاشد خطورة تهديد بعض تلك المتحورات باختراق جدار الحماية الاخير للمجتمع “اجراءات تنفيذ القانون” وهو الجدار الذي ان سقط سقطت معه حالة الاستقرار والسلم الاجتماعي.

تقع المديرية في نقطة تقاطع حساسة بين دوائر استقطاب متعددة في محافظات ثلاث هي تعز ولحج وعدن ما يعني ان موجة التداعيات لن تكون محاطة بجدار قريب.
ذلك مايوصف بتأثير الفراشة. قد يبدأ الامر بمامور ضبط قضائي يعطل مهامه القانونية الموكلة بغرض اتاحة الفرصة لمشكلة ما مخلَّقة او غير مخلقة ان تكبر وتتسع حتى تبلغ النقطة التي يمكنه الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن.
او حين يعيد توجيه وتوظيف تلك المهام بالمقلوب بغرض ايجاد بيئة صالحة لا عادة تكييف وضع قانوني ما، وفق ماتتطلبه مصالحه الضيقة او مصالح اقاربه او مقربيه على حساب الحكم الشرعي والنص القانوني والعرف الاجتماعي وكلها مداميك ضامنة تبدأ حالة اللا استقرار من خرق بعضها ثم تتسارع نحو انهيار جلها او كلها وسرعان ما تصير الامور خارج السيطرة.
يعد مشائخ القرى من مأموري الضبط القضائي الذين تتمثل مهامهم وفقا للقانون اليمني في تقصي الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والمحاكمة. مادة (29)
يتبع مأمورو الضبط القضائي النائب العام ويخضعون لإشرافه وللنائب العام ان يطلب من الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفه لواجباته أو تقصير في عمله وله ان يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه وذلك كله لا يمنع رفع الدعوى الجزائية ايضاَ بحسب القانون. مادة (28)
الاعتداء فعل جنائي ويلزم قانون الاجراءات الجنائية اليمني في المادة (31) مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يبعثوا بها فورا إلى النيابة العامة.
كما يجب عليهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلمون بها واثبات جميع الإجراءات التي يقوم بها المأمور في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها مع توقيع المتهمين والشهود والخبراء وهذا مالا يحدث هناك بحسب مواطنين.
يبدا الانهيار بطيئا لكنه لا يلبث ان يتسارع للحد الذي يفوق المقدرة على الاحتواء.
وفي حين ان حالة الاستقرار يمكن ان تبدأ عند نقطة اجراء بسيط كضبط اداء مأمور ضبط قضائي في منطقة ما، فإنها قد ترتبك حين يتمكن مثل هذا السلوك الغريب من حقن فيروسه في عصب المنظومة الامنية.
ذلك بعض ما يخشاه المواطنون ويرفعون الصوت بالشكوى من مخاطره والتحذير من تداعياته فهل تنصت الجهات. سؤال تعني سرعة الاستجابة بشأنه الكثير لجهة حماية حقوق الناس وممتلكاتهم واستقرار الاوضاع في المديرية في ظل ظروف الحرب و السلاح المنفلت.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version