كتب : محمد القحطاني : المخلافي سياسي مخضرم عصرته التجارب العظيمة

هناك ساسة يمنيون مخضرمون عصرتهم التجارب العظيمة وعملقتهم التحديات منذ بواكير احترافهم العمل السياسي، واجبنا الأخلاقي والوطني يدفعنا أن ننصفهم قبل وفاتهم، وليس في الإنصاف نفاقاً وتزلفاً للرجال الملهمين، أبرزهم، عبدالملك المخلافي.

لمن لا يعرفه، أنه السياسي الفذ وزير الخارجية نائب رئيس الوزراء السابق مستشار رئيس الجمهورية نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة الوطنية عبدالملك عبدالجليل المخلافي أبن تعز الابية التي انطلق منها شاباً مثقفاً بثقة إلى كواليس السياسية الوطنية والعربية.

عبدالملك المخلافي ليس مسؤولاً عادياً أو سياسياً متوجساً مثقلاً بالاحقاد الشخصية والخصومات الحزبية كما هو حال من فرعنتهم الحرب الراهنة بل يعد منذ بدء مشوراه الزاخر بالآلام والتضحيات إلى يومنا هذا قيلاً يمانياً اصيلاً فارساً عربياً ناصرياً قلما تجد له نظيراً بين ساسة مرحلته، ويفوق معظمهم جرأة وإقداماً في دروب النضال الكبرى.

يمتاز المخلافي بعمق وثراء تجربته من دنيا الصحافة قبل قيادته دفة حزب وطني عريق (التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري)، وتجربته العروبية (المؤتمر القومي)، وتوج سيرته العطرة بالعمل ضمن معركة استعادة النظام الجمهوري بعد سقوط صنعاء، وبقدر مكانته الرفعية يدفع الثمن أكثر من غيره بصمت محب لوطنه ومخلصاً لتطلعات شعبه.

المخلافي عبدالملك ليس سياسياً عادياً أو مسؤولاً عابراً يبحث عن مصالح خاصة على غرار آخرين قذفت الأيام التعيسة بهم إلى المناصب العليا بل يكرس وقته وجهده لأجل خدمة الناس والتخفيف من معاناتهم عبر الانحياز الكامل لتطلعاتهم، وهذا لا يعني أنه معصوما أو خالياً من الاخطاء لكنه مع قلة قيادات يمتلكون شجاعة أدبية في التراجع عنها، والاعتذار عنها، وتصويب مساره السياسي حين تطلب الأمر ذلك.

ويثني عليه رفاقه المنصفين في الناصري وبقية الاحزاب بالدهاء السياسي والقدرات القيادية الفطرية التى يحول من خلالها العداوات صداقات، والصراعات إلى توافقات، والخصومات إلى تحالفات إستراتيجية في ظل تمسكه بثوابته الوطنية وانحيازه للقضايا العربية، وهذه المهارات الملكات السياسة تعزز حضوره الانيق لدى المواطنين، وهم الأهم لأي مشتغل بالشأن العام، كما ترتفع مكانته عند صناع القرار ورجال الفكر والسياسة، وبهاء الحضور لا يخفي على بال انسان منصف رغم سيل الاساءات له والتشويش الذي يثار عنه.

وتظل مرونته السياسية ميزته، ويعتبر التواضع خلقه، وهو الحريص دوماً على العمل أينما تقتضي المصلحة الوطنية، وليس آخرها هيئة التشاور والمصالحة المنبثقة عن اتفاق الرياض، وهذا جعله في البداية محل سخرية بصفته نائباً لشاب بعمر ابنه، ولكنه لم يلتفت للساخرين كالعادة، وعمل مع بقية رفاقه من مختلف المشارب السياسية بجد وحنكة سياسي محترف عُرف ببعد نظرته واستبساله بالسير وسط حقل ألغام يهاب العمل فيه والإقتراب منها عتاولة السياسة في طليعتهم من يسخرون منه ويقللون من شأنه.

مؤخراً حقق عبدالملك المخلافي تحت رئاسة الشاب محمد الغيثي – الذي تعرض لسخرية وتشكيك بجنوبيته ووطنيه- المنجز السياسي الأكبر الممثل بتوافقخم على الإطار العام للسلام، ومبادئ المصالحة ولوائح عمل هيئة التشاور، وهذا المنجز يزعج أعداء الحياة من الكهنة وديناصورات الحزبية إلى مستثمري الحروب، وصراخ أبواق هذا الحلف الثلاثي البغيض ومحاولتهم تبديد الإنجار باستجرار الخلافات دليلاً اضافياً على عمق ألمهم مما تحقق سياسياً على غفلة منهم، وذلك، ضمن معادلة راهن واقعنا (جنوب حر يقابله شمال مختطف).

عودة على بدء، الحلم قول والانجاز فعل لا يأتي من الفراغ، والمثال الطازج المشار إليه بالاسطر السابقة يدل على قائد متفرد لا يستهان بفعله، وتثمر جهوده أينما ذهب لأنه خلافاً للآخرين يعمل بحرفية سياسي صقلته التجارب والتحديات، وينجز وفق الممكن السياسي، ويتفهم عظمة المسؤوليات، ويدرك حجم التعقيدات على مختلف المسارات، وهو أيضاً قبل كل شيء انسان متواضع متسامح لا تهد همته سخرية الحمقى والمتحذلقين، هذا ما تثبته لنا ولهم أفعاله وأقوله.

ومما لا شك فيه، تحتاج بلدنا للمخلافي وأمثاله من رجالات الدولة والسياسة العارفين بشأن وطنهم وليس من يعتاشون على استمرار الحروب واشعال الصراعات الجانبية من أجل التكسب منها دون شعور بالمسؤولية الوطنية ومآسي شعب مكلوم جراء تسع سنوات حرب كارثية يتوجب تجاوز آثارها عقود من إعادة الإعمار وبناء للارض والإنسان حال تحققت تطلعات الناس بالسلام العادل والمنشود.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version