موسى العيزقي
ثمة رجالٍ وطنيون مخلصون يتربعون على قلوبنا، ويحتلون مساحاتٍ شاسعة في بهو التأريخ الفسيح، ورغم مواقعهم ومناصبهم وألقابهم إلا أن تواضعهم أوصلهم لمرتبة النجوم التي تعطي دون مقابل، ويعد الفنان ( حسين محب) الكبير بخلقه والتزامه وعشقه للأرض والإنسان واحداً من هؤلاء الرجال الافذاذ وبدون منازع فهو طاقة هائلة من الحب والإنسانية.
ليست من عادتي الكتابة عن الأشخاص أو الأقتراب من أصحاب المناصب أين كانت صفاتهم أو مكانتهم سواء باليمن أو خلال فترة أقامتي هنا بمصر.. لا أذكر أني التقيت بالسفير مارم مثلاً أو زرته في مكتبه،حتى بالمناسبات والفعاليات العامة أكتفي فقط بالحضور والانصراف ولا أحب التقرب من أحد من الكبار أو التودد لهم كما يعمل البعض وهذا شأنهم، لكن مؤخراً زرت المركز الثقافي اليمني في القاهرة لأول مرة منذ تولى الفنان القدير حسين محب أدارته، وهي الزيارة التي أتت بعد أنقطاعي عن المشاركة في أي نشاط جماهيري لفترة لأسباب خاصة سواءً في المركز أو خارجه الأ ماندر، لكن ومنذ بضعة أيام ذهبنا لاجتماع للتنسيق لإقامة فعالية للأحتفال باليوم الوطني لزراعة البن وأنذهلت جداً من التغييرالجذري الذي رأيته في المركز الثقافي الذي كان بوضع يرثى له.
ثمة ما يدفعني لكتابة هذه الكلمات هو أن كل هذا التغيير الإيجابي الكبير ما كان ليحدث لولا جهود مدير المركز الفنان المبدع والشاب الخلوق والإنسان المتواضع حسين محب وفريقه .. الذي أستقبلنا بابتسامة صادقة، وصدر رحب،وهو لا يعرفنا من قبل، وبعد أن أكملنا الاجتماع أخذنا بجولة في أروقة المركز، وقام يشرح لنا برؤية الإداري الفاهم و المدير العارف:هذه صالة الكمبيوتر، وتلك قاعة للرسم، وذاك الاستديو، وهذه المكتبة وتلك صالة الاجتماعات وهكذا دواليك ..ولم يكتفي بذلك بل خرج معنا إلى باحة المركز وأطلعنا على كل تفاصيل العمل والتحديثات التي يشهدها .
وأذكر قبلها وأثناء دخولي إلى مكتب الأستاذ حسين أخبرته بأندهاشي بما رأيته ولا حضته من تغير مجرد ما دلفت رجلي عتبة المركز ، قال لي هل زرته من قبل؟ قلت له بتلقائية وأنا منذهش : نعم..مدير وسيم وشاب طموح لا يمكنه العمل وسط الكراكيب !.
يحضى الفنان حسين محب بزخم كبير وحب جارف من قبّل أبناء اليمن في الداخل والخارج ،والذين لطالما أسعدهم وأطرب مسامعهم ،وأمتعهم بأغانيه الرومنسية الجميلة، وفنه الراقي الأصيل، وصوته العذب، والأهم من هذا كله ببسطاته و تواضعه الجم، وهنا أذكر موقف ذكره لي الصديق الغالي زين العابدين البيحاني حدث أمامه وهو قدوم الفنان حسين محب إلى عرس في حارته لأحد جيرانه وهو لم يكن من ميسوري الحال، ورغم ذلك أستمر محب معهم ليومين، فكبر بنظري، وتضاعف حبه بهذه اللفتة الرائعة التي لم يحلم بها من هم أيسر حالاً، وأقدر على التكاليف، لكنه رفع من شأنهم رفعه الله وزاده نجاحاً وتألقاً والكلام للعزيز زين.
(سترون المركز الثقافي كما لم ترونه من قبل) بهذه الكلمات البسيطة والمعبرة عبّر (حسين محب) كمدير للمركز الثقافي إلى قلوبنا في أول حديث له بعد تسلمه قيادة المركز الثقافي بالقاهرة.. بحسب ما أخبرني أحد الزملاء الذين حضروا معه في أول لقاء تعارفي – دعٌيت له ولم أستطيع الحضور وقتها..وهي كلمات تعبر عن عزيمة صادقة وإصرار قوي على تحقيق الآمال.. وهذه العبارة الشهيرة الجميلة لا تصدر الأ من القيادات الوطنية والرجال الفولاذيين، فالأستاذ (حسين محب) صاحب شخصية قيادية محنكة، ويمتلك رؤية ثاقبة، وهدف وطني سامي، كما لديه مقومات تمكنه من القيام بواجباته بجدارة تجاه أي عمل يناط له، فهو ينخرط بالعمل المباشر مع أي فريق كما لاحظت بنفسي خلال عملنا معه عن قرب بالتنظيم للأحتفال باليوم الوطني لزراعة البن، كما أنه لا يمتلك فكر إقصائي البتة ،وليس لديه أي تعصب طائفي أو مناطقي أو فئوي، و لا يحب الخوض في جدليات سفسطائية لا جدوى من استمرارها وكذلك تخندقات سياسية لن ترمم أو تبني وطن البتة وكل انتمائه للوطن أرضاً وشعباً وانساناً.
يترقب الكثير من الشباب الموهوب والمبدع من المركز الثقافي ومديره القدير (حسين محب) أن يفتح الآفاق للمضي في صنع المستقبل بكل عزيمة وإصرار وعنفوان واقامة العديد من الفعاليات الثقافية والأنشطة الابداعية بعد أعادة الوجه الجميل والحضاري للمركز الثقافي وبما يعكس الصورة الجميلة الذي عرفت به اليمن منذ ردحاً من الزمن،وهو الأمر كذلك بالنسبة لأولئك المواطنين من أبناء الجالية اليمنية الهاربين قسريا من الحاضر الملغوم، الذين باتوا اليوم بالالاف في بلدهم الثاني مصر التي وجدوا فيها مرتعاً ومتنفساً وطنناً بديلاً بعد أن شردتهم الحرب وجمعتهم أمال العودة.
إننا اليوم بحاجة إلى دماء شابة، وقيادات مرنة، سيما في هذه المرحلة الصعبة في تأريخ اليمن الحديث، قيادات وطنية صادقة مخلصة محبة لبلدها وشعبها، كذلك الأمر نفسه فيما يتعلق بالجانب الثقافي فهو لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى وبحاجة لشخصيات تعمل على مواجهة التجريف الثقافي والإنساني الخطير الذي يستهدف هوية شعب وكيان أمة، مقابل أفراز كيانات مصطنعة بعيدة عن الوطن الأم( اليمن)، فلثقافة والفن والمسرح أدوات مهمة على مر حقب التكوين التأريخي ومراحل البناء الحضاري والفلسفي للإنسان.
شكرا للأستاذ حسين محب الذي منحنا كل هذا الدفء والانطباع الخالد في القلب والوجدان، ممتنون لاتحاد شباب العرب للإبداع والإبتكار، وللسفارة اليمنية بالقاهرة ممثلة بالدكتور محمد علي مارم التي أستقبلتنا بترحاب وفتحت لنا كل الأبواب والأطر العملية للنجاح.
ينبغي أن لا أغفل بنهاية هذه التناولة الوجه الباسم المشرق الذي نقابله كل مرة عند دخولنا إلى المركز، إنه الأديب والشاعر والكاتب الكبير الأستاذ نبيل سبيع، نائب مدير المركز الثقافي الذي قام بدور عظيم في مساعدتنا بكل محبة وود وطيبة مفرطة، فابتسامته الساحرة تختزل وجه اليمن الكبير.
وللفريق الذي رافقنا خلال الأحتفال وقبله وبعده، بداية بالعزيز محمد عاطف الذي رغم غيابه الأ أنه كان حاضراً معنا بكل تفاصيل الأحتفال، والدكتور الفلسطيني الرائع ماجد الأسي، والدكتورالقدير محمد الحميري، والصحفي النشيط العزي العصامي ، والاعلامي المخضرم محمد الردمي، والاستاذة القديرة ريا حسان و العزيزة أماني باخريبة، والفنان المبدع ردفان المحمدي والقدير الكريم هيثم الحمزي ، والصديق العزيز الفيلسوف سالم محمد، والإداري الرائع أحمد المرقصي والمستشار فؤاد قاسم، وصاحب الروح الجميلة سالم العولقي، والقديرة أمة السلام الذارحي والزميلة العزيزة عهد ياسين، وكل من سقط أسمه سهواً لا قصدا.