د. متعب بازياد
لم تكن ثورة ١١فبراير ٢٠١١ إلا ثورة يمنية نقية.. نقاء أبنائها. وإن تعثرت لأي سبب فذلك شأن أي جهد بشري. ولم يكن طريق إي ثورة إلا محفوفاً بالمخاطر والتحديات. وإن خُذل أبناؤها أو تأخر تحقيق أهدافها السامية.. فقد سيق قبلهم رجال فبراير 1948 لمقصلة الطاغية أحمد.. فما وهن الشعب وما عقمت اليمن. حتى ولدت ٢٦سبتمبر أكثر اكتمالاً ونضجاً وجمالاً. وتوالت ايام اليمنيين باكتوبر ونوفمبر ومايو العظيم. العظيم بسلميته وديمقراطيته، كما هي سلمية فبراير وديمقراطيتها.
وهكذا هي حركات التصحيح وقفزات التطوير والتحديث في بنية النظام السياسي اليمني – مايو وفبراير – تأتي معبرة عن تطلعات عموم الشعب، محلقة بأشواقه وأحلامه في دولة الحرية والعدالة والمواطنة التي نادى بها أحرار سبتمبر وثوار أكتوبر. وصرخوا بها في وجه المستبد والمستعمر. هكذا استمرت نسمات فبراير سلمية سلمية ملتزمة بدستور الجمهورية وتعدديتها السياسية وديمقراطيتها الناشئة. حتى إذا اطمأن شبابها لمسار المرحلة الانتقالية والضمانات الإقليمية والدولية وفقاً للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، عادوا لبيوتهم وأعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم. لكنهم عندما تخلت النخبة عن دورها في حماية الشعب والمكتسبات والثوابت حد التواطؤ مع خصوم هذه الثوابت الوطنية وعمدت لتعطيل مؤسسات الدولة من القيام بمهامها في الدفاع عن حماية الشعب.. أمام عصابات الكهوف الحوثية – بعد اربع سنوات من ثورة فبراير السلمية – هبوا – شباب فبراير – للدفاع عن الجمهورية في وجه عودة الإمامة، ومعهم شرفاء القوات المسلحة اليمنية في صعده والجوف وحرف سفيان وعمران وحتى أسوار الفرقة أولى مدرع. ثم في تعز ومارب والضالع وعدن والبيضاء وغيرها من المحافظات التي حاولت المليشيات الحوثية اجتياحها. هبوا دفاعا عن جمهورية سبتمبر واكتوبر ورفضاً للإنقلاب وعودة الإستبداد والإمامة، حتي فزع لنجدة اليمن ودولته كل العرب وفي المقدمة منهم الأشقاء في الخليج والسعودية بشكل خاص.
فشعبية فبراير باتساع وامتداد حضور شبابها في كل ساحات اليمن. ووطنيتها في تمسكها باهداف سبتمبر واكتوبر. ومن عظمة هذه الثورة النقية وسمو رسالتها أنها حافظت على جذوة المقاومة للمشروع الإمامي السلالي. حتى إذا عاد رفاق الثورة والجمهورية والوحدة في ٢ ديسمبر ٢٠١٧ من خندق المليشيات الحوثية. وجدوا في قلب فبراير ذاك الساح الفسيح من الغبطة والظلال الوارف من التسامح الممزوج بالعتاب (اللطيف). لتعود لحمة الجمهورية مواصلةً لمسيرة ثورة يمنية مظفرة بتوحيد الاهداف وتكامل الجهود في خندق الدفاع عن الجمهورية والديمقراطية. فاذا كانت فبراير محاولة صادقة لتصحيح مسار حكومة الجمهورية في مواجهة شبح التوريث وغول الفساد وفزاعة التمزيق و(الصوملة). فإن ٢ ديسمبر كان اعتذاراً كبيراً لليمنين، بل وللأشقاء العرب، اعتذاراً وتوبةً عن مضاجعة السلالة والمليشيات الإيرانية. وصحوة ضمير من وهم احتكار السلطة وملكية الجمهورية ونزعة الانتقام ومهاوي الغفلة.
إن برنامج ثورة فبراير اليوم هو برنامج كل اليمنيين المؤمنين بالجمهورية الاتحادية الديمقراطية، الموقعين على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.. ولا يختلف اليوم حولها – مخرجات الحوار – من كان في (خطبة الستين) او (خطاب السبعين)، السابقون إلى مطارح نخلا بعد ٢١ سبتمبر أو المعسكرون في المخا بعد ٢ ديسمبر، وهو – البرنامج – عنوان عاصفة الحزم وانتصاره غاية كل العرب الرافضين لتغول إيران في المنطقة.
وهذا يكفي الآن لتوحيد الجهود وحشد كل الطاقات لاستعادة الدولة ودحر المليشيات السلالية وقطع يد إيران من المنطقة.فلتعد بيارق الثورة اليمنية لطرد طاعون العصر. كما قال المحضار.
عادت لنا افراح سبتمبر واكتوبر
مجنون من قال اننا بانفترق مجنون
احنا خوه من قبل نجم السنبلة يظهر
من بايفك الربط ذي يربطه رب الكون
بالله وبالوحدة وبالقائد وبالقانون
بانطرد اهل الضر وبانقضي على الطاعون
ذي هو بطى فينا وفي أجسامنا ينخر
عادت لنا افراح سبتمبر واكتوبر