عصبية النقد

  شعيب الأحمدي

نحنُ في زمن عولمة الأفكار، وتقلب الأحداث بتكرار، وكثرة الترويج للمحتويات التافهة، بعيدًا عن هذا نجد النقّاد في كل وقت -يسرحون ويمرحون في نقدهم-ليس نقاد للمحتوى بل نقاد للأشخاص، ربما لذلك كثرت الأعمال النقدية خاصة النقد الإعلامي والنقد الادبي، وهذا النقد ضاعف ركاكة المحتويات الأدبية -شعر، قصص، خواطر، مقالة- جعلها دون ميزان ولا قيمة.

في النقد الإعلامي نجد العصبية السياسيّة والفكرية هي من تحرك كينونة الناقد للجهة المعارضة، وتقدح المحتوى بكل أنواع النقد، والشخص بنفس الوقت، دون بيانات معلوماتية للحدث أو المحتوى المقروء، أو الفكرة التي يعمل فيها أغلبية الناس، نادرًا نجد شخصًا سياسيًا صاحب حجج بينيّة ومعلوماتية تظهر تضاعُف هفوات الضعف والقوة في المحتوى لا بالشخص، وينقد المحتويات جميعا دون الانحياز، خاصة المحتويات الحزبيّة، في بلادنا الحبيب. 

النقد الأدبي أصبح باهت في الكثير من البلدان العربية وخاصة بلدنا، في البداية أصبح العمل الأدبي ركيك وضيف من حيث المحتوى المقدم، ونجد أن الكتاب أصبحوا كالخباز يخبزون الكتب الأدبية باستمرار، من يلاحظ على المحتويات في الكتب يجد التشابه البيني في المعلومات وربما الأحداث، وبعضهم لا يغير غير الأشخاص والاماكن والزمن في الرواية، ويجعل السرد نفس السرد والكلام نفس الكلام، أيضًا النقد؛ لم يعد نقدًا للمحتوى الشعري أو القصصيّ أو الروائي بل أصبح نقدًا شخصيًا، لأن الكثير من الكتاب منحصرين على فكرة سياسيّة أو عصبة حزبية هذا بنسبة في اليمن، في غيره ربما لا يختلف النقد إلا على حسب البلد الذي ما زال يعلم الشعب معنى الأدب.

المشكلة ليست هنا المشكلة؛ مشكلة التصادم وهذا عائد إلى التعصبات، عصبية النقد، التي تحدث بين النقاد وصاحب الكتاب، بشكل متكرر، وبشكل أوضح عدم تقبل النقد الذي يقوم به النقاد المعارض بشدة للمحتوى، أهم هذا التصادم: 
1- الاختلاف في الأفكار، السياسيّة  أو الفكريّة الدينيّة
2- عدم تقبل النقد البناء للمحتوى من أصحاب المحتويات
3- قِلة التركيز على المحتوى من قبل الناقد، وكثرة التركيز على الكاتب 
4- الجهل في المحتوى من الجهة العلمية.

لا أعتقد بأن هناك نقدًا بناءً بعيدًا عن الانحياز السياسيّ، في المجال الإعلامي خاصة في بلادنا، أغلبية نقاد الإعلام وإذا لم يكونوا كلهم ينقدون الفكرة ويجعلوها سدا وبعدها ينقدون الشخص ويجعله في الحضيض، ننظر مثلا لمواقع السوشيال ميديا ظهر فيها الكثير من رواد الإعلام أصحاب محتويات هادفة، وإن افتعل هفوة خاطئة هناك تجد الصغير والكبير المعروف والغير معروف يقدحون فيه،  وينسون كل فضائله ومحتوياته، نجد الكثير ينقدون أعمال الأشخاص، والاشخاص أنفسهم، نقدًا باهتًا وقادحًا، لكن لم نجد من يعمل بدلا عنهم ويصدر عمل ومحتوى محترم، أو ينقدهم نقدًا بناءً لأجل التعديل في الأخطاء.

المشكلة الكبرى وليست الأخيرة بأن الأغلبية أصبحوا نقاد للمحتويات الهادفة، ناشرين للمحتويات التافهة!.. 

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version