أسماء يونانية من أصول يمنية

د. ثابت الأحمدي

من عاش مع أبناء تعز لا شك أنه سمع منهم كلمة “إيروس/ أيروس” ضمن الثقافة الشعبية السائدة في المزاح الخاص بأبناء تعز.. “هااااا يا ابن ايروس”..!!. هكذا يقولون. فما هو “ايروس”؟
“ايروس” هو ابن عفراء/ “افريودت” كما ينطقونها، وهي ربة الحب من عشيقها “اريس” إله الحرب، والذي صار بعد ذلك رمزا للشبق الجنسي وقوة الباءة، وأصل “ايروس” من “أير” و “الأير” معروف في اللغة العربية، ومما ينسب لعلي بن أبي طالب: “من يطلْ أير أبيه ينتطق به”. وهو كناية عن القوة والبأس في كثرة الأخوة من الأب..! وفي هذا قال الشاعر الجاهلي السرادق السدوسي:
فلو شاء ربي كان أير أبيكم طويلا كأير الحارث بن سَدُوس
والحارث بن سدوس مضرب المثل في هذا الجانب… وقد ذكره البردوني في قصيدته الشهيرة: “وريقة من كشكول الريح” في ديوانه: “جواب العصور” بقوله”
ولها كابن سدوس عشرة وثمانون فتى من آل أفلح
مشيرا إلى أن آل أفلح الشام في حجة مشهورون بما اشتهر به الحارث السدوسي الذي كان له واحد وعشرون ذكرا، كما روى الأصمعي.
المهم.. تم الرمز لهذا الإله بالخصوبة، وتمت عبادته أيضا عند اليونانيين، كونه إله الحب والجنس، وله مجسم منحوت بجناحين وفي يده قوس، وأحيانا سوط. “صورته على الويكيبيديا”. وبحسب المؤرخ اليوناني المعروف “هيرودت” فإن اليونانيين لم يعرفوا أصل واحد من الآلهة ولا تاريخ وجودها القديم إلا بالأمس القريب كما يقولون”. وما دام اليونانيون لم يعرفوا هذه الأسماء إلا مؤخرا بحسب مؤرخهم هيرودت نفسه، وما دام وهي متغلغلة في العمق الشعبي اليمن فلا شك أنها مما انتقل من جزيرة العرب إلى اليونان ضمن ما انتقل من الثقافات، بما في ذلك الحروف الأبجدية نفسها؛ فاللغة في حد ذاتها من الشواهد الحضارية، لأنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل انتزاعها، ولو مرت عليها مئات السنين.
ولتعظيمه وتبجيله فقد أضيف إليه: “أوس” التي أضيفت إلى بعض الأسماء المبجلة والمقدسة والمهمة كالإله “حورس” إله الشمس، رمز الخير والعدل، وأيضا “ايزوس” إله القمر عند المصريين القدماء. وفي الوقت الذي اندثرت هذه اللازمة “أوس” في اللغة العربية القديمة، وبقيت عند الإغريق، كما يذهب إلى ذلك الدكتور فضل الجثام، إلا أن مدلولها بقي متداولا وشائعا عند العرب، فرمزوا للريح بالأير، خاصة ريح الجنوب، لكونها مبشرة بنزول الغيث والخصب، فقالوا شعرا:
وإنا مساميح إذا هبت الصبا وإنا لأيسار إذا الأيْرُ هبت
أي إذا جاءت ريح الجنوب، والأيسار، من اليسر وهو الغناء ويسر الحال..
وأيضا للسماء، كونها مصدر الخصب، وفي المثل الشعبي اليمني “مطر الصيف فحْلي” من الفحولة. كناية عن شدة تأثيره وانتشار العشب بعد هطوله..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: اعتمدت في تخريج هذه المادة بدرجة رئيسية على كتاب “مطارحات حميرية في عروبة الثقافة اليونانية” للدكتور فضل الجثام. ص: 232.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version