«بغدادُ» مدينة السَّلام .. بينَ الأمل والألم..!!

بقلم: حسين باسليم
آلمتْني كثيرا الأحداثُ التي تشهدها حاليَّاً العاصمةُ بغداد – حاضرةُ العراق ماضياً وحاضراً – وثاني كُبرى العواصم العربيَّة من حيثُ عدد السُّكان بعدَ القاهرة ، ويسكنها حاليَّاً أكثرُ من 8 ملايين نسمةٍ ، وتحتلُّ المرتبةَ ال 40 على مُستوى العالم كعاصمةٍ من حيثُ عدد السُّكان ..

تأسَّستْ بغدادُ قبلَ نحو 1259 عاماً على يد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ، وذلك عامَ 762 للميلاد (145 هجريَّة)؛ لتكونَ عاصمةَ الخلافة العباسيَّة ، وقد استغرق بناءُ هذه المدينة 4 سنواتٍ ، وسمَّاها بانيها أبو جعفر المنصور ( مدينة السَّلام ) ، وهو الاسمُ الرَّسميُّ الذي ظهر في وثائق الدَّواوين العباسيَّة ، وعلى النقود والأوزان وكم هي احوج اليوم لهذا المسمى اكثر من اي وقت مضى .
كما أطلق على المدينة أسماء أخرى مثل ( دار السَّلام ) و ( مدينة المنصور ) و ( مدينة الخُلفاء ) و ( المدينة المُدوَّرة ) و ( عاصمة الرَّشيد ) و ( الزَّوراء ) .

زُرتُها أواخرَ شهر أبريل، وأوائل مايو الفائت في زيارةِ عملٍ رسميَّةٍ ، وهي ثالثة زيارتي لها ..كانتِ الزَّيارةُ الأولى في العام 2000 ؛ أي قبل الأحداث الدَّامية التي شهدتْها بعدَ ذلك من غزوٍ واحتلالٍ أمريكيٍّ لها وتداعياتٍ مريرةٍ مازالتْ تسحبُ نفسَها إلى اليوم على كلِّ العراق والعراقيين تقدُّماً وانحساراً ..

وبغداد العاصمة – وهي تختزل كلَّ التنوُّع الطائفي والإثني في العراق الكبير – تحاول اليومَ الانعتاقَ من الهيمنة الإيرانيَّة والعودة إلى حُضن مُحيطها العربي ، ولهذا فهي تدفع ثمناً باهظاً لهذا التَّوجُّه من دماء أبنائها وبناتها !!

في الزِّيارة الثالثة كان الشُّوقُ لها ولأهلها الأكارم المضيافين يفوق الوصفَ ، مُغلَّفاً بحبِّ الاستطلاع ، والمعرفة لما آلتْ إليه الأمورُ في هذه العاصمة العتيدة الكبرى التي تغنينا وفُتِنَّا بها فُتُوناً كبيراً ، ومازلنا بها حتّى اللحظة مفتونين !!

العراقيُّون رغمَ كلِّ ماحلَّ بهم وبعاصمتهم من مآسٍ وويلاتٍ خلالَ العقود الأخيرة إلا أنَّهم يتطلعون إلى مُستقبلٍ أكثر إشراقاً يستحقُّهم ويستحقُّونه .

تسللتُ رَغمَ التحذيرات الأمنيَّة بسيارة الأخ السَّفير اليمنيّ الكريم هناك الخضر مرمش من ( المنطقة الخضراء ) او ( المنطقة الدولية ) شديدة الحماية ، وبرفقة نجله أياد ، والأخ الشَّاب مُحمَّد الكوشاب القائم بالأعمال ؛ للقيام بأكثر من جولةٍ صوبَ أحياء مختلفة منها .

بغدادُنا العريقةُ تحاول بكلِّ السُّبل أن تنزعَ عنها مظاهرَ الحُزن والخيبات المُتتالية ، وسُكانها يحاولون زراعةَ الأمل رغمَ كلِّ الألم ، وقد حاولتُ أنا – بعدسة جوالي – أن اوثِّقَ بعضاً من الصُّور تلخص هذه الزِّيارةَ التي يملأني الأملُ أن تتكرَّر رَغمَ كلِّ مايحدثُ ويُقالُ .. فللهِ أنتِ يابغدادُ الدُّنيا، يا أملاً باقياً رَغمَ الألم.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version