«ناصر والفسيل» .. معلمان بارزان في جبين اليمن
بقلم: ا. د. الخضر حنشل
من محاسن الصدف، ومن حسن الطالع، كما تقول العرب أن يتذكر اولو الإخلاص، والوفاء من كان له سابقة عظيمة في الوفاء لشعب اليمن الكادح، وارضه، وجباله، ورماله، وكان تواقاً لنفظ غبار الظلم، الذي جثم على كاهل اليمن، وأنشب مخالبه الحادة في جسد الشعب الضاوي.
كنت في مطلع التسعينيات حريصاً على متابعة جلسات مجلس النواب، واكثر ما يلفت نظري، ذلك الرجل النحيل الذي يزمجر بصوت يصل مداه الى مابعد، يلملم أو ربما الى مشارف أرض الاوس، والخزرج كانه يصرخ في صحراء مفتشاً عن أمة لا نعرفها، هو يعرفها لان نظراته تتجاوز ردهات القاعة.
وكنت ابحث عن تاريخ هذا الرجل فعلمت انه من ثوار الحركة الدستورية (1948م) التي ولدت ميتة مع عظمة مبادئها، ونبل رجالها، وتتبعت سيرته، ومقابلاته التي تكلم فيها عن ارهاصات الحركة، وفشلها، وقرات عنها الكثير، وقد أصابني اليأس فظننت أن هذا السيف قد اغمد، وتوارى تحت الثرى، مثل السيوف اليمانية التي اصابها الصدأ ودفنت في مجاهل صحراء الحياة.
ولكن الناصر عجيب، ورهيب لايكتفي بذكر الماثر بل يبحث عن أهل الماثر فيكرمهم ويودهم، ولو قدر له لاستخرجهم من قبورهم لكي يكرمهم ويزورهم انه الناصر الرئيس المثالي المعلم الذي يعلمنا كيف نحب، ونجل السيوف التي كان لصليلها دورا بارزا في حياتنا.
وعودا على بدء اقول للسيف اليماني المناضل محمد عبدالله الفسيل كنت صوتاً، وصيتاً، ونبراساً، بل مشعلاً لاينطفئ وان خفت.
ولكن في خاطري سؤال يتلجلج في صدر وخليق بمن خبر الايام وخبرته .. ان يجيب عنه .. هو لماذا عاد اهل اليمن الى العبودية الطوعية .. هل القط اشتاق لخناقه .. لماذا سقطت الثورة السبتمبرية فصارت ثورة حوثية .. أم ان الحوثية تدثرت بغطاء السبتمبرية من يومها فصارتا اخوات لعلات مختلفة.
لماذا مات احرار اليمن، ودفنوا انفسهم في مقابر النسيان، فصارت اليمن في يد علان، وفلتان، من الناكثين للعهود الظانين بأهل اليمن ظن السوء .. في راسي الف لماذا، ولكن الوقت قد لا يسعفني الا ان اقول سبحان من له الدوام.
وفي الختام لا يسعني إلاّ أن أسجل شكري للرئيس ناصر، على تلمسه حال أولئك المعالم البشرية من القامات الباسقة العصية على النسيان.