11 فبراير كيف أسقطنا النظام

د. لمياء الكندي

يجب علينا  في كل عام تحل علينا ذكرى ثورة الحادي عشر من فبراير 2011م،  ان نعيد وقفتنا ونحدد مواقفنا تجاهها، في محاولة لإعادة تعريفها وفهمها وتشخيص حالة النجاح الذي رافقها ومسببات الفشل، وتأثيره على ما نحن عليه اليوم، بعيدا عن المثالية التي تجعلنا في مواجهة مباشرة  أمام خصوم الأمس، و رفقاء الكفاح والدفاع عن الجمهورية اليوم.

لو لم تكن لثورة فبراير خطيئة غير أنها دفعت بالحوثيين من تيار متمرد ملاحق ومارق على الدولة، إلى  الواجهة ككيان سياسي معترف، وتنظيم عسكري خارج قيادة الدولة، لكفاها هذا الخطاء جرما بحق الشعب والثورة.
فكيف يتشارك ويتصالح الوطن ودعاة الوطنية مع الأعداء التاريخيين للجمهورية؟
كيف يتصالح الشرعيون مع اللاشرعيون؟
وكيف تلتقي القيم الجمهورية (عدالة-  مساوة-  حرية)،  مع قيم الإمامة ( رجعية- عنصرية- تخلف)؟
لو لم يكن للمؤتمريين  اليوم المدافعون عن الشرعية، حسنة غير انهم يشاركون إخوانهم الجمهوريون الحرب ضد الحوثيين، لكان ذلك أولى بنا للتصالح معهم والاعتذار لهم.
اليس هذا الاعتذار افضل بكثير من اعتذار الدولة والأحزاب للحوثيين عن حروبنا السابقة ضد تمردهم، اليس الاعتذار اليوم يبني ويوثق ويرمم من جراحات الوطن ويجمع ويوحد بين أبنائه.
فما هي الجدوى من المضي في شحن ذاكرة الجماهير بثورة أسقطت الرئيس وسمحت بأسقاط النظام الذي دفعنا جميعا ثمنه.

ان محاولة الفصل بين ما حدث في فبراير 2011م وما نحن عليه اليوم هو ببساطة محاولة انسلاخ وتخلي ساذجة عن المسؤولية والإصرار في المضي قدما نحو سياسة استغباء الجماهير وتزكية الانقلاب الحوثي ضد الدولة إضافة إلى كونه تزويرا للتاريخ  والمضي في بناء المستقبل بطوباوية رخوة لا تؤسس لا إلى  دولة ولا إلى نظام.
لم تستوعب الجماهير الثائرة يومها ومعها النخب الثقافية ولا الحزبية لأنها لم تكن تريد ان تستوعب خطورة هدف الثورة وشعارها ” إسقاط النظام”، ولم تلتفت الى خطورة التوجهات الحوثية في حينه.
بعد عدة سنوات من ثورة فبراير تجلت لنا الصورة الحقيقية للثورة واخطائها، وعرفنا الفرق بين من يختزل تعريف النظام بشخص الرئيس فيشحن شعب كي يسقطه، وبين من قرر ان يثور كي يسقط دولة ومنظومة شاملة ومتكاملة من المؤسسات الجمهورية الرائدة باستراتيجية تآمرية معده سلفا.
عرفنا بعد خسارة كبيرة وتضحيات كبيرة الفرق بين شخصنة النظام التي تم حشدنا لإسقاطها وبين النظام الفعلي الذي مكنِّا جميعا الحوثيين من إسقاطه ليتحقق انقلابهم كثمرة من ثمار العمل الثوري الذي شاركنا فيه بعفوية ونبل لا يشفع لنا.
وعند جدلية إسقاط الرئيس الثورية، والدفاع على بقاء الرئيس، تحت شعار ما لنا إلا علي  حُشرت كل الجهود السياسية والعسكرية والأمنية والشعبية  والحزبية والدينية الفكرية والثقافية والإعلامية و استنفرت الدولة بكل مؤسساتها والشعب بكل مقوماته للاصطفاف حول هذه الغاية الثورية والثورة المضادة لها، لنكون بعيدين وبعيدين جدا عن الهدف الحقيقي للثورة وللنظام ومشاريع إسقاطها لنقع جيعا ضحايا هذا السقوط الفبرايري في خديعة القوى المحركة للثورة و للشعب فمنحنا للحوثيين شرعية الثورة التي مارسوا من خلالها عملية الهدم الشاملة للدولة والنظام الجمهوري الذي تمخض عنه ميلاد الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م وما تلاها.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version