توقعات الحرب والسلام في اليمن..!!

 

بقلم: محمد عبدالله الفسيل

مرت العلاقات اليمنية السعودية، بمراحل كانت السعودية فيها هي الغالبة .. في عهود حكم ائمة بيت حميدالدين إبتداءا بالإمام يحيى، وانتهاءاً بالامام البدر.

في عهد الامام يحي وبعد هزيمته، في حرب 1934م اكتفى عبد العزيز آل سعود بالإستيلاء على مخاليف عسير وجيزان ونجران، واجزاء من منطقة او قبيلة وايله في صعدة، وذلك بوجب معاهدةالطائف عام 1934م التي حددت مدتها عشرين عاما.

وكانت السعودية والإمام يحيى مهتمة بالمناطق المسكونة ولهذا نصت اتفاقية الطائف على أن تبدأ حدود السعودية من جبل ثار، وتمد شمالا في خط مسقيم، وما عداه فتعتبر اراضي يمنية .. وبهذا اصبح الربع الخالي كله تابعاً لليمن.

وقد طلبت السعودية من الإمام احمد، تجديد اتفاقية الطائف، ولكنه رفض تجديدها، وكانت السعودية قد استولت على الربع الخالي دون معرفة الامامين يحي وابنه الامام احمد.

وفي العهد الجمهوري، وخلال فترة التشطير استولت السعودية على منطقة الوديعة التي تعد من اراضي جمهورية اليمن الديمقراطية .. كما كان للسعودية نفوذ واسع في الجمهورية العربية اليمنية، عقب ثورة 26 سبتمبر 1962م التي اطاحت بحكم أئمة بيت حميد الدين.

فعقب اندلاع الثورة دعمت السعودية الملكيين من اسرة بيت حميد الدين، بالمال والسلاح واقامت علاقات جعلت اكثر قبائل شمال الشمال تحت نفوذها وسيطرتها في مقابل دعم جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس جمال مصر عبدالناصر للثورة والجمهورية بالمال والقوة العسكرية.

وبعد انسحاب المصريين من اليمن عقب هزيمة 1967م إستطاع الجمهوريون بزعامة رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الارياني هزيمة، الملكيين ومن يدعمهم واضطرت السعودية ان تعترف بالثورة والجمهورية اليمنية في اوائل عام 1970م.

ورغم اعتراف السعودية بالنظام الجمهوري، الا انها إستطاعت ان تبقي نفوذها على كثير من مشائخ القبائل وبعض ضباط الجيش وبعض السياسيين وبعض اعضاء مجلس الشورى .. الامر الذي دفع الرئيس الارياني لمصارحة الملك فيصل طالبا منه تغيير ذلك الاسلوب، والتعامل مع دولة اليمن وفق الاعراف الدبلوماسية وعلاقات الجوار المتعارف عليها.

وقد ادى ذلك الطلب الى ازاحة الرئيس الارياني بإنقلاب عسكري سلمي قاده المقدم إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة في 13 يونيو عام 1974م.

وفي اكتوبر عام 1977م تم اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي وذلك بمؤامرة على رأسها الملحق العسكري السعودي صالح الهديان، وتصعيد القاتل احمد الغشمي الى رئاسة الجمهورية.

وهكذا نرى ان نفوذ السعودية في اليمن قد استمر منذ عهد الامام يحيى في عام 1934م، حتى استيلاء الحوثي بدعم الرئيس السابق علي عبدالله صالح على العاصمة صنعاء، وأغلب المحافظات الواقعة في شمال اليمن وجنوبه وذلك في 21 سبتمبر 2014م.

وبذلك فقدت السعودية نفوذها في الشطر الشمالي لليمن لصالح الحوثيين سلطة الامر الواقع، وفقدته في الجنوب للإمارات، وانحصر نفوذها على قيادة الشرعية برئاسة عبدربه منصور هادي اللاجئ في الرياض، حيث كونت ما سمي بالتحالف العربي الذي ضم عدداً من الدول بقيادة المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية ضد تحالف الحوثي وعفاش.

وكانت الحسابات الخاطئة، تتوقع القضاء على الحوثي وحليفه خلال عدة اشهر منذ انطلاق ما سمي بعاصفة الحزم التي اعلنها التحالف العربي عام 2015م بقيادو المملكة العربية السعودية، حيث بدا التحالف العربي شن غارات جوية مكثفة ضد مواقع وثكنات الحوثي ابتداءاً من شهر مارس 2015م، وقام التحالف بدعم المقاومين الجنوبيين الذين تمكنوا من دحر الحوثيين وحليفهم وطردهم من محافظات (عدن وابين وشبوه).

ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث غرقت الشرعية في الخمول والفساد وذلك بصمت وترحيب من التحالف الداعم لها، وحصل تنافس داخل التحالف الذي انحصر على المملكة العربية السعوديه والإمارات العربية المتحدة وقد تمكنت الإمارات من اضعاف النفوذ السعودي في الشطر الجنوبي من اليمن، وكونت تشكيلات عسكرية وقامت بتسليحها وتموينها، كما خصصت مرتبات شهرية لها “قيادات وافرادا”.

وقد اندرجت تلك التشكيلات العسكرية تحت قيادة ما سمي بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استطاع بسط نفوذه في (عدن والضالع ويافع)، كما اوجد له موطئ قدم في (ابين وشبوة وحضرموت)، ثم قام بالسيطرة التامة على جزيرة ارخبيل سقطرى .. ليتجلى من خلال ذلك مخطط دولة الامارات الرامي الى الغاء دولة اليمن، وتقوية الحوثيين بهدف استنزاف السعودية واضعافها، وبهذا استمرت الحرب سبع سنوات دون الوصول الى حل، وذلك بسبب خمول وفساد الشرعية والخلاف داخل التحالف العربي بين السعودية والإمارات.

وفي الفترة الاخيرة كما تشير المعطيات تم الاتفاق بين كلٍ من السعودية والامارات، على ان يكون نفوذ الأخيرة علي كامل الشطر الجنوبي وجزره وموانئه ومطاراته بلا منازع في مقابل دعم الامارات للسعودية للقضاء على الحوثي وعودة الشرعية الى صنعاء والمحافظات الشمالية.

التوقعـــــات:

وبناءاً على ماسبق اتوقع ان تشهد الفترة المقبلة ما يلي:

1- ان الحرب في اليمن إنحصرت بين تحالف دعم الشرعية «السعودية والامارات» من جانب، وبين مليشيات الحوثي المدعومة من ايران من الجانب الآخر، وذلك في ظل غياب قيادة الشرعية عن الواقع اليمني حرباً أو سلماً أو الإحساس بمعاناة الناس.

2- ان قيام قوات من العمالقة المدعومة من دولة الامارات العربية المتحدة، بتحرير المديريات الثلاث التابعة لمحافطة شبوة، بمساندة وحدات من الجيش الوطني خلال أيام قليلة، ثم تقدمها وتحريرها لمديرية (حريب) بمحافظة مأرب بمساندة وحدات من الجيش ورجال القبائل خلال ايام ايضاً، ومواصلتها التقدم لتحرير مديريات (العبدية – الجوبة) .. واستيلاءها على مناطق واسعة في محافظة البيضاء بدعم واسناد من طيران التحالف .. كل هذه الانتصارات التي حققتها قوات من الوية العمالقة اثبتت ما يلي:

أ- ان قوات العمالقة قوات عسكرية مهنية منضبطة ومسلحة تسليحاً كبيرا، الأمر الذي مكنها من تحقيق النصر السريع.

ب- أن الوية العمالقة كشفت هشاشة مليشيات الحوثي وامكانية حسم الحرب معها والغاء وجودها.

ج- انها كشفت حقيقة ضعف الجيش الوطني وفشل قياداته العليا والسفلى، وأن هذه القيادات لا تعي طبيعة الحروب ولا تتعلم من الأخطاء.

د- أن مليشيات الحوثي ارتكبت حماقة غبية بمهاجمتها مناطق حساسة في دولة الامارات العربية المتحدة جعلت الجميع يتوحدون ضدها واقنعتهم بضرورة هزيمتها عسكريا وليس التفاهم او التحاور معها سلمياً.

1- المزيد من التعاون والتنسيق بين كلٍ من السعودية والامارات لحسم المعركة مع مليشيات الحوثي عسكرياً.

2- انضمام دول اخرى جديدة الى التحالف العربي.

3- المزيد من التدخل الامريكي في الشأن اليمني، والمزيد من الدعم لحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ضد ايران.

4- احتمال قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تصنيف ميلشيات الحوثي كمنظمة ارهابية.

5- حدوث تغييرات جذرية في قيادة الشرعية واجبارها على اخلاء الجنوب من اي قوات تابعة للشرعية.

6- عودة الشرعية الى صنعاء عقب حسم المعركة مع مليشيات الحوثي عسكرياً.

7- ايجاد صيغة دستورية تسمح بوجود دولة يمنية اتحادية انتقالية مكونة من شطرين، تتيح للشطر الجنوبي بعد انتهاء الفترة الانتقالية إجراء اسفتاء على البقاء في الدولة الاتحادية أو الانفصال عنها.

8- بعد عودة الشرعية الى العاصمة صنعاء، سيكون هناك وجود اممي يدعم الشرعية.

ختاماً تبقى هذه جميعها مجرد توقعات، لم تحسب طبيعة الاحداث والمتغيرات والعوامل التي قد تطرأ خلال الفترات القادمة، والتي من شأنها أن تلغي كل التوقعات وتأتي بالمجهول.

**سفير سابق، واحد ابرز ثوار ثورتي 1948م، و1962م.

تعليقات الفيس بوك
Exit mobile version