نص خطاب الرئيس العليمي للشعب بمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 اكتوبر
نص خطاب فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي للشعب بمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 اكتوبر :
يا ابناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج،،
احييكم باسمي واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بتحية العزة والكرامة في هذا اليوم الخالد، ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة.. اليوم الذي سطر فيه شعبنا ملحمة اخرى في سبيل حريته واستقلاله، وعزته.
كل التهاني المخلصة بهذه المناسبة الغالية التي نتحدث اليكم عشيتها، وفاءا لتضحيات القادة الابطال من الشمال والجنوب، القادة الذين التحموا معا لصنع التحول العظيم نحو الحرية، والاستقلال، وتحقيق حلم الدولة الوطنية، والقطع الابدي مع الامامة والاستعمار، ومخلفاتهما.
لعل عيد أكتوبر هو الموعد المناسب للتذكير بقيم الدولة، وسيادة القانون، كما ان عدن دائما هي المكان المناسب للاحتفاء بصمودكم وصبركم في وجه المليشيات الحوثية الفاشية على مدى السنوات الماضية، واثقين من ان النصر قادم لا محالة مهما كانت التحديات.
وهذا المساء اخاطبكم أيها الشعب العظيم، لنواصل معا ملحمتنا الوطنية المستمرة، دفاعا عن اهداف سبتمبر، وأكتوبر، ومن اجل القيم الراسخة التي تنتهي بحكم الشعب نفسه بنفسه، وإزالة الفوارق بين الطبقات.
ايتها المواطنات ايها المواطنون الاحرار،،
في الذكرى الستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، يحق لنا ان نفخر بهذا اليوم الفارق من تاريخ امتنا، اليوم الذي وضع بلدنا في طريقه الصحيح نحو الدولة الوطنية الموحدة، الحرة والمستقلة، اليوم الذي احدث تغييرا عميقا في بنيتنا الاجتماعية والمؤسسية، وغير وجه الحياة على نحو شامل، بما في ذلك مشروع الدولة الذي انبثق للمرة الأولى في جنوب الوطن كواحد من أهم تجليات النضال الإنساني اليمني، ليهزم بذلك مشروع الفُرقة والتشرذم من نحو ثلاثة وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة، ومستعمرة، لصالح مشروع الدولة الوطنية المستقلة، واليوم دون الحديث عن ثورة أكتوبر، لا يمكن ان تكتمل قيمة لأي مشروع وطني من أي نوع.
ان الرابع عشر من أكتوبر، يشكل خلاصة ما بذلته الحركة الوطنية في طول البلاد، وعرضها، وفي محورها كانت عدن المدينة الابية، المفتوحة لنضال اليمنيين الذي لا ينتهي في وجه كل مشاريع العبودية، والاستعمار.
تعلمنا هذه الثورة الستينية معنى ان نكون قوة موحدة لتحقيق النصر المؤزر، الذي شكل لنا لاحقاً نصف المعادلة اليمنية، ومدخل رئيس لمفهوم الدولة الذي أحبط الى الابد اي محاولة للاستقواء بانتماءات فئوية، او طائفية، او مناطقية.
ومن الانصاف القول ان جنوب الوطن بعد الاستقلال، حظي بعديد من المكاسب التي وضعته في مصاف المناطق الاكثر تمكيناً للنساء، فضلاً عن النجاح العظيم في مجال محو الأمية، والقضاء على الأمراض المستوطنة، والتفوق في مجالات الاعلام، والرياضة، والثقافة، والفن، والعمل النقابي المؤثر.
كما قدمت ثورة أكتوبر في واحدة من أبرز تجليات الانجاز، مجانية التعليم أمام كل أبناء الشعب اليمني، لينعكس ذلك إيجاباً بدرجة اولى أمام تعليم المرأة التي تحررت من دوائر الاستبعاد إلى دائرة التمكين والتمتع الكامل بحقوقها الإنسانية، والقانونية، بما في ذلك التحاقها المبكر في مجال القضاء، والقوات المسلحة والامن، وهي المكاسب التي أردنا احيائها اليوم، وتعزيزها بتعيين عدد من النساء في الهيئات، والدوائر العليا للسلطتين القضائية، والتنفيذية.
وبعيدا عن اي عثرات، حري بنا ان نتعلم من الوجه المشرق لعهد أكتوبر معنى أن يكون القانون فوق الجميع، ودولة تحتكر السلاح وتكافح الثارات، والنزاعات القبلية، وتقف بمسؤولية في مواجهة تعاطي القات الذي يعيث خرابا في بلادنا.
لكن الابلغ من ذلك ان شعبنا استلهم من جيل أكتوبر استجابته المدهشة لفك حصار السبعين يوماً عن صنعاء من قبل الاماميين في ستينيات القرن الماضي، لتعود عدن اليوم لصناعة التاريخ مجددا، وقيادة معركة استعادة صنعاء، والتحرر والخلاص من الاماميين الجدد المدعومين من نظام الملالي في ايران، وفي ذلك فهم متقدم بأن هذه الجماعة لن تدخر جهدا للمضي في مغامراتها المدمرة للشمال، والجنوب على حد سواء.
لذلك فقد تعلمنا من درس سبتمبر، وأكتوبر، انه كلما كانت الجمهورية قوية، كلما اصبحت البلاد اقوى وأقدر على فرض استقلالها الوطني، وعندما تبسط الامامة يدها على صنعاء فإنها ترى في كل البلاد نهباً وغنيمة، ولا تتوانى عن اقتناص كل فرصة لتدمير الحاضر، ونسف المستقبل، والانتقام من النقاط المضيئة في تاريخنا اليمني العظيم.
ايتها المواطنات ايها المواطنون،
لقد حاول الاماميون الجدد اخفاء حقدهم على إرث الثورات اليمنية، وذهبوا نفاقاً لإظهار احتفائهم بها، الا انهم ضاقوا بمسيرات عفوية للشباب، والشابات الذين تدفقوا الى الشوارع بالآلاف، وواصلوا احتفالاتهم بثورة سبتمبر، في كافة المدن اليمنية تحت رصاص المليشيات، وقوتها الغاشمة.
ان ذلك لم يكن تصرفاً فردياً كما يروجون له، بل هي العقيدة الراسخة والحرب الوجودية ضد كل من يذكرهم بالحرية والجمهورية، وتاريخ نظامهم الامامي الملطخ بالدماء.
وليس امام المليشيات سوى الاستجابة للإرادة الوطنية، والسماح بالتظاهر الشعبي، والافراج عن كافة المحتجزين، وتمكين مراقبي حقوق الإنسان من الوصول الى سجونها للكشف عن مصير آلاف المعتقلين والمخطوفين في الشهر الماضي، وعلى مدى سنوات الحرب، بمن فيهم المناضل محمد قحطان المشمول بقرار مجلس الامن الدولي.
يوم بعد يوم يتأكد لنا ان هذه المليشيات لم تدع اي مكان آمن يمكن اللجوء اليه، او منبر يمكن البوح له، انهم يريدون قضاء لتصفية ومصادرة ممتلكات الخصوم، واعلاماً لترويج تحريضات قادتهم، وانتصاراتهم الزائفة، ومساجد لتمجيد إمامهم، ومكونات تابعة لتتبنى مواقفهم العبثية.
وقد رفضوا كل المبادرات من اجل تخفيف المعاناة، وتوسيع المشاركة في الحقوق السياسية، والتخلي عن العنف والسلاح، وتمسكوا بكل ما يمكن ان يدمر، ويعمق من الانقسام والفرقة، بدلاً عن اسباب البناء، والنهوض، والتغيير.
ولعل الإجراءات التعسفية بحق شركة الخطوط الجوية اليمنية بحجز ارصدتها المالية، والهجمات الارهابية الأخيرة العابرة للحدود، التي طالت قوة دفاع البحرين المرابطة من اجل نصرة شعبنا، وكرامته، وهويته، هي أحدث مثال على عدمية هذه المليشيات، وعدم اكتراثها بالمعاناة الانسانية، في خضم مساعي السلام الحثيثة على مختلف المستويات، بما في ذلك جهود الوساطة التي يقودها الاشقاء في المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والمبعوثان الاممي والاميركي.
ومن المؤسف ان هناك من يحمل هذه المظالم، والارتدادات، الحكومة الشرعية، وكيل التهم اليها باعتبارها مصدر كل العلل، بينما تستغل المليشيات ذلك في مزيد من التضليل، وتعزيز قبضتها، وتجريف الهوية الوطنية، والموارد والاستيلاء عليها، ومصادرة الحقوق والحريات.
لكني على ثقة ان جذوة سبتمبر وأكتوبر ستحرقهم من جديد، لأنهم لا ينتمون اليها، ولان جيلاً مفعماً بالأمل والحرية، يخبرنا كل يوم، بأنه لا يمكن القبول بغير التغيير، وقد رأينا تلك الروح المتقدة في الشباب والشابات الذين تحدوا الرصاص، وتحملوا الضرب بأعقاب البنادق، والشابات اللواتي كبلت حريتهن، كشرارة للتغيير في هذا الوطن الولاد بالقادة الاحرار، الذين يستلهمون من نضالات الآباء المؤسسين معنى الحرية والعدالة والمساواة.
الاخوات المواطنات الاخوة المواطنون،،
ان طريقنا الى الخلاص من هذه النبتة الشيطانية، يتطلب المزيد من الاصطفاف الوطني، لان الإماميين الجدد هذه المرة يستحوذون على مقدرات الدولة، ومؤسساتها التي بنيت على مدى ستين عاما.
ومع ذلك يلهمنا صناع النصر في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، تفاؤلاً لا حدود له بأن ارادة الشعوب لا تقهر، وان مصير القوى المتخلفة التي لا تنتمي لروح هذا العصر سيكون اسوأ من المشاريع الإمامية السابقة والتي ذهبت الى مزبلة التاريخ.
ولهذا نحن الان أفضل مما مضى، وسنكون في العام التالي أكثر تماسكاً، ليس بمنطق القوة المسلحة فقط، ولكن باخلاقيات قوى الثورة والجمهورية والتغيير، وقيم العدالة والمساواة، واحترام الحريات العامة، أكثر من اي شيء آخر.
وبالطبع ونحن نعلن ذلك، فإن علينا الاقرار بدور من سبقونا في تحقيق هذه المكاسب واعادة بناء المؤسسات التي لم تكن لتتحقق لولا الموقف المشرف لأشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، والالتفاف الشعبي العريض حول الدولة، والنظام الجمهوري، وضد المليشيات ومشروعها التدميري الذي تكشفت اهداف مموليه وداعميه منذ اليوم الاول.
لذلك خلال الفترة المقبلة يتعين علينا العمل الجماعي لتعزيز وحدة الصف، ومؤازرة القوات المسلحة والامن والمقاومة الشعبية، وتشجيع المبادرات الوطنية الخلاقة، ومكافحة الإرهاب والتطرف بأشكاله المختلفة، والتحدث بصراحة حول الوطن الذي نريد والمبادئ التي نؤمن بها متمثلة بدولة ضامنة للحقوق والمساواة، وفق دستور جامع يؤكد حق الدولة وحدها في احتكار القوة، وانفاذ القانون، ويجرم الولاية، والعنصرية، والتمييز، ويفتح المجال واسعا للشراكة في بناء المستقبل الذي يستحقه جميع اليمنيين، نساء ورجالا.
أيها المواطنون ايتها المواطنات،،
على مدى الاشهر الماضية، عملنا في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، على مجموعة من الاولويات لتخفيف المعاناة الانسانية التي فاقمتها هذه المليشيات بهجماتها الارهابية على المنشآت النفطية واخراجها عن التصدير منذ عام كامل.
وقد تمكنا بعون الله، وبدعم سخي من اشقائنا في المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة من تجاوز التداعيات الكارثية لتلك الهجمات الارهابية، وتعزيز الجاهزية الكاملة لردع اي اعتداءات جديدة على مؤسساتنا الوطنية، او تهديد للسلم والامن الدوليين.
واذ ندرك تماماً حجم المعاناة التي يعيشها ابناء شعبنا خصوصاً في ذروة فصل الصيف، مع تعذر دخول المشاريع المعتمدة حيز التنفيذ في موعدها المحدد، فإننا نجدد التزامنا ببذل كل الجهد من اجل حلول جذرية لازمة الطاقة المزمنة، وإنهاء الهدر والتدخلات الفاسدة المرتبطة بهذا القطاع.
ونحن اليوم نعمل معاً من اجل تعزيز امن واستقرار المحافظات المحررة، ومكافحة الإرهاب، ومواصلة الذود عن الكرامة في مختلف الجبهات، مع الانفتاح على جهود السلام الشامل والمستدام القائم على المرجعيات الثلاث، ومبادرة الاشقاء في المملكة العربية السعودية، واي مساع تحقق تطلعاتكم في بناء دولة مدنية تنتمي لمحيطها الخليجي ونسيجها العربي.
وسنواصل دعم الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، مع إيماننا الراسخ ان تحسين معيشة شعبنا واستدامتها، لن تتحقق الا باستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب المليشيات الفاشية سلما، او حربا.
ونؤكد التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ببرنامج الإصلاحات الشامل، الذي يجسد التوجهات المشتركة لإنعاش الاقتصاد، وتحسين سُبل العيش، واستقطاب التمويلات الاقليمية والدولية، ومكافحة الفساد، وتجفيف مصادر اقتصاد الحرب، وتمويلاته المشبوهة.
كما نجدد التزامنا الثابت بالدستور، وسيادة الدولة ومصالحها، ومركزها القانوني الذي وفر لأبناء شعبنا تسهيلات هائلة، وملاذات آمنة من بطش المليشيات، والابقاء على اسم اليمن حاضراً في مختلف المحافل الدولية، وضمان تدفق امدادات الغذاء والدواء، والسلع والخدمات الاساسية المنقذة للحياة.
أيها الاخوة والاخوات،،
بينما نحتفي اليوم بذكرى ثورة أكتوبر والاستقلال الوطني، فإننا نؤكد موقفنا الداعم لنضال الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وحقه في الدفاع عن نفسه، واقامة دولته المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
ولعل ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية، هو دليل حي على ما تؤول اليه الأمور في أي قضية عادلة، عندما يتغلب حق القوة على قوة الحق، وعندما يتم توظيف المفاوضات لأجل المفاوضات دون التقدم باتجاه حل حقيقي شامل وعادل، وعندما يكتفي المجتمع الدولي بموقف المتفرج، وعدم التحرك الجاد لإحلال السلام المستدام لمصلحة الشعوب المطالبة بالحرية.
ايها الشعب اليمني العظيم،،
نغتنم هذه المناسبة الوطنية الغالية لإسداء الشكر والعرفان للقوات المسلحة والامن والمقاومة الشعبية، والشهداء الابرار، وشركائنا في تحالف دعم الشرعية، الذين كان لهم جميعاً الفضل في ابقاء راية الوطن خافقة، وردع المشروع الايراني التوسعي.
كما نحيي هذا الصمود الاسطوري لأبناء شعبنا، ورفضهم المطلق لقوى ومشاريع ما قبل الدولة الوطنية، وصبرهم وتضحياتهم من اجل جعل بلدنا مكانا للأمل، والنصر الناجز بعون الله.
عيد مجيد وكل عام وانتم بخير،،..
الرحمة للشهداء
الشفاء للجرحى
والحرية للأسرى، والمختطفين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته