حظيت المرأة اليمنية، باهتمام مبكر منذ عقود وفتحت امامها ثورتي الـ ٢٦ من سبتمبر والـ ١٤ من أكتوبر دروبا كثيرة وفرص عديدة أولها الالتحاق بالتعليم في مختلف المستويات والتخصصات على حد سواء مع الرجل مما مكنها على مدى العقود الماضية من الانخراط في الحياة العامة والانتظام رسميا في أعمال كثيرة، والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمشاركة في صناعة التغيير في البلاد.
وشكل حضورها السياسي نقطة تحول من خلال حضورها كنائبة في البرلمان والوظيفة العمومية من معلمة او طبيبة او مهندسة حتى بلغت أعلى المناصب الوظيفية من خلال شغلها للعديد من الحقائب الوزارية منذ العام ٢٠٠١م، كما دخلت السلك الدبلوماسي منذ أكثر من عشرين عاما وأصبح لدى اليمن أكثر من سفيرة في العديد من دول العالم.
والأبعد من ذلك ان المرأة اليمنية تمكنت منذ أكثر من عقدين من الزمن وبفضل التوجهات السياسية وحركة التطور والنهوض في البلاد وتوسيع قاعدة المشاركة وتكافؤ الفرص تمكنت المرأة من اقتحام مجالات جديدة وعلى الأخص في سلك الشرطة والأمن الخاص وفي الجهاز القضائي والذي بدأت العمل فيه منذ سبعينيات القرن الماضي كمحامية وقاضية في عدن وبعدها في صنعاء، حيث بدأت قبل الوحدة ١٩٩٠م العمل بأعداد بسيطة كمحامية واتيح بعد الوحدة ان تكون قاضية متخصصة وسرعان ما تبوأت مناصب في مختلف مستويات السلك القضائي حتى وصلت الى رئيسة محكمة وعضوة في مجلس القضاء أعلى سلطة قضائية في البلاد.
ورغم التحديات التي فرضها انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية وممارسة القمع والإقصاء التي اتبعتها المليشيات منذ اليوم الأول لدخولها العاصمة اليمنية صنعاء ضد المرأة اليمنية، الا ان النساء اليمنيات خرجن من مختلف مواقعهن السياسية والاجتماعية والمهنية لمناهضة الانقلاب الحوثي والتصدي لممارساته الاستبدادية وشاركن في المظاهرات والاحتجاجات ومختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية والحقوقية في الداخل والخارج ضد المليشيات، وذلك يأتي امتدادا لدور المرأة اليمنية وحضورها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وهذا الدور المتواصل للمرأة في الداخل وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية عزز من فرص مشاركتها في صناعة السلام، وهو ما تحرص عليه القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
وتجسد هذا الاهتمام في كثير من القرارات والتعينات التي أسندت للمرأة اليمنية العديد من المهام، وابرزها قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رقم 155 لسنة 2023، والذي قضى بتعيين ثمان نساء قاضيات في عضوية مجلس القضاء، لأول مرة في تاريخ القضاء اليمني.
وقد حظيت هذه التعيينات للمرأة اليمنية بإشادات وترحيب المجتمع المحلي والدولي على حد سواء، والاهم ان هذه التعينات تأتي بالتزامن مع اتساع دور ونشاط المرأة اليمنية في مختلف القطاعات على الصعيد الوطني وفي مختلف المنظمات الإقليمية والدولية من خلال شبكة من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والسياسية، لاسيما ما تقوم به المجموعة النسوية الإستشارية المختصة ومجموعة التوافق النسوي عبر مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن .
كما عززت الحكومة مؤخرا من مشاركة المرأة في قطاع الأمن والشرطة عبر إفتتاح مكاتب للشرطة النسائية في مراكز الشرطة، في خطوة مثلت تقدماً كبيراً على طريق تمكين مساهمة المرأة في تقديم سبل الرعاية القانونية والحقوقية للنساء.
وشهدت المحافظات المحررة خلال السنوات الماضية تنفيذ العديد من المبادرات التنموية لتمكين المرأة وتعزيز دورها في تخفيف المعاناة التي خلفها إنقلاب الميليشيات الحوثية وبناء السلام، هذه المبادرات أطلقت بمساهمة مجتمعية محلية وبعض البرامج الإقليمية والدولية أبرزها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي مول عدة برامج لتمكين المرأة اليمنية إقتصادياً منها مشروع سبأ للتمكين الإقتصادي الذي نفذ بالتنسيق مع الحكومة ومشاركة مؤسسة فتيات مأرب واستهدف بناء قدرات مئات الفتيات ورائدات الاعمال في مأرب، كما نفذت عدة مشاريع مماثلة أخرى في عدة محافظات بدعم وتمويل من جهات اممية ودولية.
وتعمل الحكومة حالياً على تنفيذ خطة وطنية تعني بـ المرأة والسلام والأمن وفقا للقرار الأممي ١٣٢٥ الخاص بتعزيز مشاركة المرأة في صناعة القرار وضمان حمايتها في النزاعات ومن كافة أشكال العنف.
في المقابل، تضاعفت معاناة المرأة اليمنية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثية الإرهابية حيث فرضت عليها الكثير من القيود والإجراءات القمعية والتي أدت الى حرمان النساء من حقوقهن الأساسية في التعليم والصحة والحقوق الاقتصادية.
ورصدت تقارير حقوقية محلية ودولية سلسلة من الإجراءات القمعية الحوثية ضد النساء منها حرمانهن من حرية التنقل والسفر بذريعة فرض سياسة المحرم واشتراط موافقة مسبقة من ولى الامر وهذا الاجراء تسبب في حرمان آلاف اليمنيات من اعمالهن وإدارة شؤونهن الاقتصادية والاسرية وغيرها، بالإضافة الى التدخل في مظاهر النساء اليمنيات ولبسهن، من خلال فرض لباس طائفي يحاكي مظاهر النساء في طهران كما عملت المليشيات على فصل طالبات الجامعات عن الطلاب الذكور ومضايقتهن مما دفع الكثير منهن الى التوقف عن الدراسة.
كما حرمت مليشيا الحوثي الإرهابية مئات آلاف من النساء الحصول على الرعاية الصحية اللازمة خاصة في مرحلة الحمل والولادة ومن التطعيم للأطفال والنساء في مناطق سيطرتها.