حاوره/ صدام الكمالي – العربي الجديد:
قال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في حوار مع “العربي الجديد”، إن خريطة طريق يتم بحثها للحل في اليمن قد تستمر عامين، لافتاً إلى أن الزخم الدبلوماسي المتصاعد حالياً يضع الحوثيين مجدداً أمام استحقاقات السلام.
وأضاف عبد الملك، أن تحقيق السلام يتطلب التمسك بالآليات المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً وهي المرجعيات الثلاث بما يضمن حلولاً مستدامة، موضحاً أنه إذا استمر الحوثيون في تعنتهم ورفضهم للحل السياسي، “فإن الدولة لديها خيارات وبدائل مطروحة”.
وحول الخلاف بين الحكومة ومجلس النواب بشأن المصادقة على إنشاء شركة اتصالات مع الإمارات، قال رئيس الحكومة اليمنية إن تحرك مجلس النواب جاء “بناء على معلومات مغلوطة”، موضحاً أن الحكومة كانت شفافة في تعاملها مع الأمر وأن لا شيء يمكن أن يمر من دون موافقة كافة الأطراف.
إلى نص الحوار:
– كيف تابعت الحكومة اليمنية اللقاءات التي تمت مؤخراً في الرياض بين السعوديين والحوثيين، هل اليمن على مقربة من السلام الدائم؟
هناك دور أخوي من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهو جاد وصادق في هذه المرحلة لمساعدة اليمنيين على استعادة دولتهم، ونتمنى أن ترسخ هذه اللقاءات مسار سلام يخدم اليمنيين، وليس من السهل التكهن بمخرجات هذه اللقاءات، وخريطة الطريق التي يتم مناقشتها قد تستمر لعامين، لأن الإشكاليات معقدة، والقضايا أجندتها طويلة أيضاً.
ونؤكد دائماً في الدولة والحكومة ترحيبنا بجهود السلام، لكننا في ذات الوقت ندرك مدى كذب وخداع ومراوغة مليشيا الحوثي الإرهابية، وتجاربنا معها طويلة من مشاورات الكويت وبيرن واتفاق استوكهولم، ونرى أن الزخم الدبلوماسي المتصاعد حالياً يضع المليشيا الحوثية مجدداً أمام استحقاقات السلام القائم على إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والحقوق والديمقراطية وإنهاء المعاناة الإنسانية التي تسببت بها.
– ما هي رؤيتكم في الحكومة لتحقيق السلام وطريقة الوصول إليه؟
هناك جهود مبذولة من قبل الأشقاء في السعودية وسلطنة عمان وبدعم من المجتمع الدولي، نعول عليها ورؤيتنا أن تحقيق السلام يتطلب التمسك بالآليات المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً، وهي المرجعيات الثلاث بما يضمن حلولاً مستدامة، فهذه المرجعيات ينبغي أن تكون في قلب أي اتجاه نحو السلام وإلا سيكون جهد دون عنوان للدولة ومؤسساتها.
وينبغي أن يؤسس السلام هذا لتخفيف المعاناة الإنسانية في حياة وتنقل وحرية المواطنين وتجاوز الأزمات الاقتصادية، وإلا لن يجد هذا السلام أي دعم من الشعب، وهذا أمر خطير.
تحرك مجلس النواب بشأن المصادقة على إنشاء شركة اتصالات مع الإمارات، جاء “بناء على معلومات مغلوطة”، والحكومة كانت شفافة في تعاملها مع الأمر
– تقول الحكومة إنها تتعامل بإيجابية مع كل دعوات ومبادرات السلام، لكن ألا يوجد لديكم استراتيجية أو رؤية للتعامل مع إصرار الحوثيين على عدم تطبيق ما يتم الاتفاق عليه في المفاوضات؟
ينبغي التعلم من جهود السلام السابقة وأسباب فشلها لتجنب تكرار ذلك، وما يميز هذه الدورة من الجهود هو الانخراط الإقليمي في الوساطة والجهود الكبيرة المبذولة من السعودية كوسيط وتدخل سلطنة عمان كوسيط والدعم الدولي الكبير، لكن الأهم من هذا هو جدية مليشيا الحوثي لو توفرت هذه الجدية ووضعت المليشيا اليمن كأولوية لكنا أنهينا هذه الحرب منذ زمن طويل. حتى منذ بداية الهدنة، فوّت الحوثيون فرصاً كبيرة، وعوضاً عن الاتجاه نحو السلام توجه لتدمير قدرات الاقتصاد الوطني وبينها الاستهداف الإرهابي لمنشآت تصدير النفط الخام.
وإذا استمرت مليشيا الحوثي في تعنتها ورفضها للحل السياسي فنحن في الدولة والحكومة ومعنا الشعب اليمني لدينا خيارات وبدائل مطروحة، فلن يقبل الشعب اليمني العودة الى ما قبل الدولة مهما كان الثمن، وسيحافظ على الثوابت والمكتسبات الوطنية وفي مقدمتها النظام الجمهوري والمواطنة المتساوية والديمقراطية والحقوق والحريات.
– أعلنتم سابقاً أن هذا العام هو الأصعب مالياً عقب استهداف ميناء الضبة النفطي، هل أنتم قادرون على تلبية الالتزامات الرئيسية خلال ما تبقى من العام؟
هناك إمكانية لتلبية الالتزامات الحتمية، لكن الإشكالية في محدودية قدرة الحكومة على التحرك في ملفات بالحد الأدنى تتعلق بتدخلات تنموية معينة، لأنه لا يمكن للدول أن تستمر في دفع المرتبات وتشغيل البنى التحتية بدون صيانة أو استثمارات بالحد الأدنى، وهذه الإشكالية الكبيرة التي تواجه الحكومة مع توقف الإيرادات جراء ضربات النفط الخام، وامتصاص هذه الصدمة بعدد من الإجراءات، لذلك هناك قدرة على الصمود.
– إلى أي مدى يمكن لهذا الصمود أن يستمر؟
خلال الأشهر الثلاثة القادمة أعتقد أن الأمور مرتبة وسنتجاوزها، وأنا اتحدث هنا عن النفقات الحتمية، وفي نفس الوقت الحفاظ على مستوى سعر الصرف، لأن هذا ما يهم المواطن بشكل كبير، على أن نستطيع جذب عدد من التمويلات اللازمة، فنحن أمام تحدي المحافظة على دفع المرتبات وسعر الصرف وعلى الحد الأدنى من الخدمات التي يمكن أن تكون في الشتاء أفضل، لذلك لدينا أمد جيد خلال الأشهر القادمة.
– هل يمكن أن تصلوا إلى مرحلة عدم القدرة على تسديد الرواتب خلال الفترة القادمة؟
على المدى المنظور الأمور مرتبة حتى نهاية العام الحالي، ونعمل على زيادة الموارد من مصادر أخرى وإيجاد التمويلات اللازمة للمساعدة في هذا الجانب.
التعديل في الحكومة مطروح ويتم مناقشته مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي.
– الازدواج الوظيفي والكشوفات الوهمية من أكبر الثقوب التي تلتهم الموازنة العامة، هل هناك تصحيح في هذا الجانب؟
الجهاز المدني تحت سيطرة الحكومة لم يتعرض لتشوهات كبيرة، لكن نحن نعمل على مسألة الوظائف الوهمية، وهناك ترتيبات معينة في مسألة التحويلات عبر البنوك، وهناك الكثير من الموظفين الذين خرجوا إلى التقاعد لم نقم بتوظيف بدلاء لهم بسبب الحرب، لكن الازدواج موجود ما بين الجيش والأمن، وهذا الأمر جزء من الإصلاحات التي اتفقنا مع الأشقاء في السعودية عليها وهي إصلاحات ستأخذ وقت، هناك تشوهات حصلت بسبب الحرب، وهذا الملف كان شائكاً حتى في صنعاء والحكومة تعمل على هذا الملف.
– هناك حملات كبيرة ضد الحكومة ومن أطراف عدة، لكن رغم كل هذه الحملات تستمرون على رأس هذه الحكومة، هل هناك حصانة إقليمية كما يقال لشخص معين عبد الملك؟
الحصانة الإقليمية لا تحافظ على الحكومات، لكن المتغيرات الداخلية هي ما يحافظ عليها، وأعتقد أن الوضع الصعب لتشكيل الحكومات، هو الذي عمل على صمود هذه الحكومة، لكن هل هذا هو السبب أن الحكومة غير قادرة أن تؤدي وتتحمل المسؤولية ومع ذلك لا يمكن تغيير الحكومة؟ لا بالعكس، ما يحصل هو نتاج متوقع لأن الهجوم على الحكومة يأتي من تيارات مختلفة، من اليمين واليسار، وكل مرة في مواسم، البعض لها قضايا معينة تتعلق ببيانات مغلوطة، والجميع شاهد هذا الأمر على مدى سنوات كثيرة، وهناك أمور نصارح فيها الرأي العام، وأمور تصل إلى الذروة، ومؤخراً تابع الجميع الأمر من زاوية تقرير مجلس النواب، وتم معالجة هذا الأمر وترتيب الردود من الحكومة وهذا جزء من الشفافية، مع أن التقرير لا يتناول ملفاً واحداً محدداً وإنما عدة ملفات بشكل عام، وبشكل مطلق، ومع ذلك، لم يكن هناك مشكلة لدى الحكومة للتعامل مع هذا الأمر بالتوازي مع الوضع الداخلي، لأننا لا نريد أن يصل الأمر إلى صراع بين مؤسسات الدولة، وفي المحصلة، من يحكم في اليمن ليس تياراً واحداً، بل هناك تيارات كثيرة.
– لكن هناك انتقادات حقيقية موجهة للحكومة في هذا الإطار؟
هناك فرق بين نقد حقيقي للحكومة وبين معلومات مغلوطة تؤثر في الرأي العام، وفي الأخير الإعلام لكثير من هذه المكونات والأذرع التي تشكلت أقوى من إعلام الدولة، وهذه إشكالية حقيقية، وهذا جزء كبير من زيادة هذه الحملات، بدون أن يكون هناك استجابة سريعة من الحكومة لتوضيح الكثير من الأمور، وأساس هذه الحملات هو خلق موجة إحباط، أو في بعض الأحيان ضغوط، لتمرير شيء معين، وشيء طبيعي أن ما تقوم به الحكومة لا يعجب بقية المكونات، في ظل التنوع الكبير في الساحة السياسية أو حتى في مجلس القيادة الرئاسي، ومن الطبيعي أن تكون السياسات التي تقوم بها الحكومة أو الإجراءات لن تكون مفضلة لهذا التيار أو ذاك، فما يحصل هو ديناميكية قد تساعدنا على أن نكون أكثر صلابة، ولا نريد أن نصل إلى مؤسسات هشة يمكن أن تتغير تحت أي موجة ضربات إعلامية، وليس لدينا هذه الرفاهية، والأمر لا يتعلق بشخص رئيس الوزراء أو أي وزير، وإنما يتعلق بالعمل في هذه المرحلة التي هي من أصعب فترات البلد، وهي مرحلة كمن يمشي في حقل ألغام.
– هل هناك توجه لتعديلات في الحكومة خلال الفترة القادمة؟
هذا الأمر مطروح وتتم مناقشته مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي.
– ما أسباب هذه العلاقة المتوترة بين الحكومة ومجلس النواب؟
بعض المعلومات لم تكن واضحة لدى مجلس النواب، وقدمت الحكومة ردودها على ما جاء في تقرير اللجنة البرلمانية، وهذا جزء طبيعي في العلاقة بين مؤسسات الدولة، ونحتاج قبل أن تخرج الأمور إلى العلن، أن نتأكد، لأن أخذ كل شيء إلى الفضاء العام بدون تحرٍ يصيب الجميع بحالة من الارتباك، وتعمل أطراف كثيرة لتشويه الكثير من الحقائق، فنحتاج إلى أن نحدد ونرتب أمورنا، وأمر إخراج الأمور إلى العلن ومناقشتها مع الرأي العام شيء طبيعي، لكن هل استنفدت حقها من النقاش بين مؤسسات الدولة وهل تعجز مؤسسات الدولة عن نقاش ملفات كهذه داخلياً بينها؟ أنا أعتقد أن هذا الموضوع بحاجة إلى عمل مختلف، وأن نتعلم من كل شيء وألا نعيد تكرار الأخطاء، لأن إعادة هذا الأمر هي وصفة للفشل والتعطيل وتستهلك قدرات مؤسسات الدولة.
– وقد ذكرت ملف الجدل مع مجلس النواب والمتعلق بالمصادقة على إنشاء شركة اتصالات مع الإمارات، هل تعتقدون بأن الحكومة كانت شفافة في هذا الإطار؟
عندما تحدثت في المؤتمر الصحافي كان هناك الكثير من الأشياء التي ذكرتها لم تكن شفافة ولم تثر لأنها قريبة من مراكز نفوذ، والموضوع نوقش في مجلس الوزراء ورفع لمجلس القيادة الرئاسي، وهنا أسأل، هل كل الحكومة ومجلس القيادة من لون واحد بحيث يستطيعون تمرير أي ملف من دون أن نكون شفافين؟ الحكومة مشكّلة من كل الأطياف، وكذلك مجلس القيادة الرئاسي، وليس هناك ما هو سر، ولا أحد يستطيع تمرير أي شيء دون موافقة الجميع، لكن تصوير الأمر على أن هناك مؤامرات كبرى، في حين أن هناك ملفات أخرى تُخفى ولا أحد يسأل عنها لا في البرلمان ولا غيره، وتحدثت بكل صراحة حول مدى قدرة رئيس الوزراء على مواجهة الجميع وقدرته على السيطرة، لأنه في الأخير أنا أحد قيادات الدولة وأعمل من أجل التوزان بين جميع السلطات، ولا مانع لدينا من نقاش الأمور بشفافية في كل المواضيع، لكنّ هناك أموراً تحتاج إلى بعض الإطار المغلق لمناقشتها مع قيادات الدولة لأننا في حالة حرب ونتعامل مع مليشيا انقلابية، وفي النهاية نحن منفتحون على كل الآراء والنقد البناء وليس القذف.
نعمل على زيادة الموارد وإيجاد التمويلات اللازمة للمساعدة في المحافظة على دفع المرتبات وسعر الصرف وعلى الحد الأدنى من الخدمات
– التقيتم برئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ما أبرز الملفات التي تم بحثها؟
دور قطر مهم ومقدر، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي، البيت الحقيقي لليمنيين والذي يشكل حماية وسياجاً لليمن، وقطر دولة مهمة في المنطقة، وفي الأخير استعادة العلاقات سواء عبر تفعيل الصناديق التنموية، أو المشاريع، وهذا الأمر مهم الآن أو لاحقاً، وأن يكون الأشقاء في دولة قطر مطلعين على تفاصيل الوضع اليمني والتحديات التي نواجهها، هذا شيء مهم، وفي هذا الإطار جرى نقاش مهم مع معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، وكان هناك الكثير من الأمور التي يجب أن نناقشها، وأن نضع الأشقاء في دولة قطر في صورة تحديات وما يمكن ترتيبه في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين.
– تدعو قطر باستمرار إلى الحل في اليمن بناء على المرجعيات الثلاث، ما دلالات هذا الأمر بالنسبة إليكم؟
هذا الموضوع دلالته غير عادية بالنسبة إلينا، الأشقاء في دولة قطر مهتمون بهذه المرجعيات، لأن الكل لا يعي مدى أهمية مضامينها، وهي مرجعيات مهمة حتى يستطيع اليمنيون الخروج من النزاع، وحتى لو كان هناك الكثير من المتغيرات بعد الانقلاب في 2014. هي تأتي مؤسسة على حوار وطني وعلى نقاشات تمت، حتى لو كان هناك متغيرات جديدة، سواء مشاورات الرياض أو غيرها، في الأخير اليمنيون إذا لم يقبلوا ببعض ويناقشوا قضاياهم على الطاولة في الإطار السياسي القادم لأي محادثات، هذا يعني أننا لم نتعلم من الأخطاء، هذه الأمور نقدرها بشكل كبير للأشقاء في دولة قطر، وإن شاء الله يسهم الجميع في دعم الجهود القادمة والضغط للوصول إلى صيغ تساعد اليمن في الوصول إلى الأمن والاستقرار.