حوار: محمد ياسين
أكد الدكتور معين عبدالملك سعيد، رئيس وزراء اليمن أن اليمن تربطه علاقات تاريخية مع دولة الإمارات، وهو داعم رئيسي له، كما أنها من الدول التي دعمت اليمن في مواجهة ميليشيات الحوثي الإرهابية فقدمت الشهداء لتحرير اليمن، من جماعة إرهابية، سعت إلى تنفيذ أجندة ممولة من دولة خارجية.
وقال خلال حوار خاص ل «الخليج» إن القمة العالمية للحكومات منصة دولية تستعرض فيها الحكومات تجاربها، وتستفيد من التجارب المختلفة للخروج بحلول للقضايا الملحة على الساحة الإقليمية والعالمية، وإليكم نص الحوار:
* ما أهداف الزيارة الحالية وأهمية مشاركة اليمن في القمة العالمية للحكومات؟
لا شك في أن القمة العالمية للحكومات منصة استثنائية تتجمع فيها العقول والخبرات ومؤسسات التمويل الدولية، وكل ما يتعلق بالجديد في إدارة الحكومات، وأن الدورة الحالية تتميز بتسليط الضوء على إدارة الحكومة أثناء الصراعات كنموذج للخروج من الوضع الهش لمؤسسات الدولة.
والمشاركة في هذه الدورة مهم لدعم المؤسسات في الصمود، والحالة اليمنية نموذج لعدد من الدول التي تعيش مرحلة صراع، فالحكومة تمثل توافقاً سياسياً بعد اتفاق الرياض، وفي ذات الوقت تواجه تحديات استثنائية مع الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي الإرهابية عقب انقلابها على السلطة بدعم إيراني أواخر عام 2014.
كما أن مشاركتنا في هذه القمة تهدف إلى عرض تجربتنا، والصعوبات القائمة وخططنا للتعامل معها والمطلوب من شركائنا دعم هذه الخطط، إضافة إلى ما تقوم به الحكومة والسلطات المحلية، وطرحها واستعراضها في جلسات المؤتمر.
تراكم صعوبات
* اليمن يعيش وضعاً مختلفاً منذ سنوات. كيف يمكن قراءة المشهد القائم اليوم من كافة الجوانب؟
يبدو الوضع الاقتصادي الأكثر تعقيداً مع تراكم صعوبات الحرب، وما تلاه من أزمات متلاحقة من تفشي فيروس كورونا والحرب الأوكرانية الروسية وتأثيرها في سلاسل الإمداد الغذائي، كل ذلك أدى إلى تفاقم الحالة الاقتصادية ومضاعفة التحديات أمام الحكومة، ولذا كان لزاماً علينا الشروع في إصلاحات لمعالجة الوضع الاقتصادي، وخفض التضخم والحفاظ على الاستقرار النسبي في سعر العملة الوطنية، وبعض من هذه الإصلاحات وان كانت مؤلمة إلا أنها ضرورية لتفادي الانهيار.
أما الوضع السياسي لا يزال يراوح مكانه منذ انتهاء الهدنة الإنسانية في أكتوبر الماضي والتي رعتها الأمم المتحدة، والعمليات الإرهابية التي تنفذها ميليشيات الحوثي التي أثبتت أنها ليست جادة في السلام، واستهدافها لمقدرات الشعب اليمني وموانئ تصدير النفط وتهديد الملاحة الدولية، مؤشرات على أن هذه الميليشيات لا تؤمن بالسلام وليس في قاموسها رفع معاناة اليمنيين التي تسببت بها، وما زالت تتاجر بهذه المعاناة من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
ندرك الأوضاع الإنسانية الصعبة للشعب اليمني وخاصة مواطنينا في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي الإرهابية والذين يعانون القمع الوحشي والانتهاكات وصنوف المعاناة، ونحن كحكومة نعمل على القيام بواجباتنا تجاه تخفيف هذه المعاناة، ومستمرون مع شركائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في جهود استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي إما سلماً وإما حرباً، ونؤكد أن المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي للضغط على ميليشيات الحوثي وداعميها في طهران للخضوع لإرادة السلام الإقليمية والدولية، وفق مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها.
بناء المؤسسات
* تشكلت حكومتكم لمواجهة الوضع الاقتصادي المنهار في البلاد بعد استيلاء الحوثيين على السلطة، إلى أين وصلت جهودكم في هذا المجال؟
المهمة الأولى للحكومة كانت بناء مؤسسات الدولة المالية والاقتصادية وغيرها من المؤسسات، وعبرها تتم معالجة الوضع الاقتصادي، وفعلاً تم استكمال جزء كبير من بنية البنك المركزي والمالية العامة للدولة والوزارات المختلفة كالتخطيط والصناعة والتجارة وغيرها، وعملت الحكومة على كبح التضخم المتسارع والحفاظ على الاستقرار النسبي للعملة، وحافظت على الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، رغم شح الدعم الاقتصادي الذي تلقته الحكومة خلال هذه الفترة، وحققت نتائج لا بأس بها في مسار رفع الإيرادات وتفعيل منظومة النظام والقانون، واستعادة مساحة الدولة على المستوى المركزي والمحلي، وحالياً نواجه تحدياً خطيراً يتمثل بتوقف تصدير النفط الخام نتيجة للاعتداءات الإرهابية الحوثية، وتداعياته على المالية العامة وعلى الوضع الاقتصادي والإنساني بشكل عام، ونعمل على عدد من الحلول لاحتواء الوضع اقتصادياً وإنسانياً، ولدينا خطط نسعى إلى تحقيقها تشمل تحسين معيشة المواطنين والرفع من مستوى الخدمات، لكن هذا يستلزم إسناداً أكبر من الأشفاء في السعودية والإمارات وبقية دول الخليج وأيضاً المجتمع الدولي بشكل عام.
آلة الحرب
* إلى أين وصلت الجهود المبذولة لتحقيق السلام في اليمن، وما موقف الحوثيين من تلك التحركات؟، كيف تقيمون تحركات الأمم المتحدة في هذا المجال؟
الجميع يعلم أن الحوثي يتنصل عن اتفاقاته، ولم يلتزم يوماً بأي اتفاقات، ومع انتهاء الهدنة الإنسانية في أكتوبر الماضي، تعقد الوضع أكثر بسبب الهجمات الإرهابية والتصعيد الخطير للحوثيين في استهداف موانئ تصدير النفط، وما يشكله ذلك من مضاعفة للمعاناة الإنسانية الكارثية التي تسببت بها هذه الميليشيات.
وفي ذات الوقت فإننا في الحكومة وبتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي نرحب بالحلول الحقيقية والسلام المستدام، وأي حل في مصلحة الشعب نحن كحكومة ندعمه ونعمل على تنفيذه، ففي السابق قدمنا تنازلات من أجل المواطنين، لكن في نفس الوقت نرفض أي تنازلات تدعم الميليشيات الإرهابية، وتدعم آلة الحرب التي تستخدمها في قتل المواطنين.
أما عن تحركات الأمم المتحدة والجهود المبذولة من قبل المبعوث الأممي، فلا جديد فيها وتراوح مكانها منذ انتهاء الهدنة في أكتوبر الماضي، وندرك الصعوبات التي تواجهها جهود الوساطة الأممية في ظل الصلف الحوثي والتعنت الواضح، وما زلنا كحكومة متمسكين بمسار الأمم المتحدة للوصول إلى السلام.
كما نتطلع إلى تشديد الرقابة الأممية والدولية على ميليشيات الحوثي الإرهابية، واتخاذ إجراءات رادعة على شحنات الأسلحة المهربة.
دور محوري
* اليمن ترتبط بعلاقات وثيقة مع أشقائها في المحيطين العربي والإسلامي، كيف تنظر الحكومة إلى دور التحالف العربي في إعادة الشرعية إلى اليمن؟
دور الأشقاء العرب وبالأخص تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في دعم الحكومة اليمنية، دور محوري وتاريخي وسيظل خالداً في وجدان اليمنيين، ولولا هذا الدعم لوقعت اليمن في الفخ الإيراني.
* بشكل خاص حدثنا عن علاقة اليمن بدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد انطلاق جهود تحالف دعم الشرعية لإنهاء الانقلاب الحوثي.
العلاقة لا شك في أنها استثنائية ومتينة، وهذا ليس منذ ٢٠١٥ فقط، وإنما يمتد لعقود منذ إنشاء الدولتين وقبلها كمجتمعات وأمم، وانتقلت هذه العلاقة إلى وضع خاص جداً بعد الدور الذي قامت به الإمارات في إطار تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة في تحرير أجزاء واسعة من اليمن، ومواجهة التنظيمات الإرهابية التي تمددت عقب انهيار مؤسسات الدولة في ٢٠١٤، قدمت دولة الإمارات خيرة شبابها شهداء في معركة الأخوة والمصير المشترك، ونعمل حالياً على صياغة شراكات ومشاريع مشتركة مع دولة الإمارات لتعزيز هذه العلاقات، وتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن، وتلاقي جهودنا هذه تعاوناً كبيراً وغير مستغرب من قيادة دولة الإمارات الحكيمة.